رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رفعت عينى للسما.. هو الفستان عيب!

فاز مؤخرًا فيلم "رفعت عينى للسما" بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلى فى مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان "كان" السينمائى فى الدورة 77 لعام 2024، وهو من بطولة "فريق مسرح بانوراما برشا" ماجدة مسعود وهايدى سامح ومونيكا يوسف ويوستينا سمير ومريم نصار وليديا هارون، ومن إخراج ندى رياض وأيمن الأمير.

مضمون الفيلم هو توثيق فنى وإنسانى لتمنيات 6 فتيات من قرية صعيدية مصرية وأحلامهن التى تتجسد فى مجموعة من البنات.. قمن بتأسيس فرقة مسرحية فى صعيد مصر، وقمن بعرض مسرحياتهن التى تعبر عن بيئتهن التى ينتمين إليها بالفلكلور الصعيدى التاريخى فى شوارع قرية البرشا (مركز ملوى) بمحافظة المنيا، وبمنتهى الشجاعة تناولن مناقشة قضايا مهمة من خلال استعراض لأحلامهن البسيطة.

حسب المعلومات المتاحة عن "فريق مسرح بانورما البرشا" أنه قد بدأ نشاطه سنة 2004. وبعد 25 يناير 2011، بدأن فى تقديم عروضهن فى شوارع البرشا، وكان أول عرض لهن سنة 2014 مسرحية "محاكمة القرية"، والتى انتقدوا فيها كل ما اعتبروه سلبيات فى القرية المصرية، مثل: الختان، والزواج المبكر، والعنف الأسرى (الضرب من جانب الأب والأخ، ثم الزوج للبنت)، واعتبار الفتاة ليس لها رأى، ويجب ألا تكمل تعليمها، وأن مستقبلها هو الزواج، وأن الفن والمسرح أمور سيئة، وكن يطالبن بالحرية بغناء أغنية "سيبوا الهوا لصحابه".

وفى 2016، قدمن مسرحية "الفرح" بمهرجان مسرحى بتونس، والتى ناقشن فيها مشكلة الزواج المبكر للفتيات، واستمررن فى عروض الشارع رغم تجاهل الناس لإبداعهن، وتعرضت فرقتهن للسخرية فى الشارع.

من أهم ما يوثقه فيلم "رفعت عينى للسما" مشهد جريء جدًا لأحد عروضهن المسرحية التى ينتصرن فيها لحرية المرأة فى اختيار ملبسها، ويواجهن بشجاعة نادرة ثقافة الاستباحة التى تأصلت فى المجتمع عبر روايات بررت التحرش، وتظل من أهم العبارات القوية والمعبرة فى الفيلم بعض المشاهد الموثقة من مسرحياتهن مثل: (نفسى ألبس فستان من غير ما ألبس فوقيه جاكيت.. هو الفستان عيب؟)، و(أنا جسمى مش خطية.. ولا لبسى ده قضية.. مش عارفة أمشى بحرية.. ولا عارفة ألبس فستان، بتنصروه عليا.. والمتحرش جبان، والمتحرش غلطان).

"فريق مسرح بانوراما برشا" نموذج حقيقى وعملى لرفض أفكار العقلية الذكورية المتخلفة وتصرفاتها الأنانية بشجاعة، رفض الأمر الواقع الذى يستبيح كيان المرأة لصالح غرور ديك البرابر. وهو ما جسدته حياة فتيات من قرية فى صعيد مصر، استطعن تحقيق أحلامهن من خلال فنهن الذى خرج إلى النور، فتم تكريمهن عالميًا.

فريق يمثل ظاهرة فريدة تستحق التأمل والتقدير، وتستدعى السؤال حول دور وزارة الثقافة مع تلك الفرق، وأين قصور الثقافة من هذا الإبداع؟!

نقطة ومن أول الصبر..

رفعت عينى للسما.. فيلم يعبر عن الجرأة والإلهام والوعى والإدراك وبهجة الحياة..

الفن تأثير وليس تجارة..
الفن إبداع وليس ترند..
الفن حياة أقوى من الموت وأبقى..