خبراء: بعض المخابز يبيع الخبز المدعم لمزارع الحيوانات والطيور لرخصه عن العلف
أكد عدد من خبراء الاقتصاد أهمية ترشيد الدعم وتخفيف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة، بعد أن وصل حجم مخصصات الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية لنحو ٦٣٦ مليار جنيه خلال موازنة العام المالى المقبل، مشددين على أن الإجراءات التى أعلنتها الحكومة تأخرت كثيرًا، وكان يجب اللجوء إليها منذ سنوات.
وأوضح الخبراء، لـ«الدستور»، أن تقليل الهدر فى الدعم أصبح ضرورة فى ظل ارتفاع أسعار السلع، مشيرين إلى أهمية وصول الدعم لمستحقيه ومنع أى ممارسات تضر بتوزيعه، ومنها استخدام بعض المواطنين الخبز البلدى المدعم كعلف للحيوان والطيور.
ذكر الدكتور أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة بخصوص رغيف الخبز تأخرت كثيرًا؛ إذ إن أسعار الخبز لم يطرأ عليها أى تغيير منذ ٣٠ عامًا، فى ظل الارتفاعات الكبيرة لأسعار القمح عالميًا لتتراوح بين ٢٧٠ و٣٠٠ دولار للطن الواحد، موضحًا أن الدولة رفعت دعم رغيف الخبز إلى ١٣٠ مليار جنيه سنويًا، وهذه الأموال لا بد أن تذهب لمستحقيها، من خلال سياسة الترشيد وتقليل الهدر.
ورأى «معطى» أن الدولة تستهدف من هذه القرارات والإجراءات حسن استغلال الموارد وتوصيل الدعم لمستحقيه: «ليس من المنطقى أن يكون رغيف الخبز بقيمة ٥ قروش وتكلفته الحقيقية ١٢٥ قرشًا.. هذا أدى إلى وجود ممارسات غير مشروعة، مثل استخدام الخبز كعلف للماشية والطيور، فهو أرخص من العلف»، مشددًا على أن تعديل أسعار رغيف الخبز إلى ٢٠ قرشًا سيقلل من الفاقد ويحد من شراء العيش لأغراض أخرى.
وتابع: «الدولة عازمة على إعادة توزيع الدعم لكى يصل إلى مستحقيه، وغلق أى باب خلفى لإهدار أموال المصريين»، موضحًا: «يستغل بعض أصحاب المخابز الدعم، عبر بيع جزء من العيش إلى أصحاب المزارع، ولمنع ذلك لا بد من إحكام الرقابة على منظومة الخبز التى تخدم أكثر من ١٠٠ مليون مواطن».
وأضاف: «منذ أزمة فيروس كورونا تعاقبت الأزمات، ووصلت لسلاسل التوريد والنقل وارتفاع أسعار السلع عالميًا، ما دفع الدولة إلى مضاعفة المخصصات لشراء القمح، إذ إن استهلاك مصر من القمح يتجاوز ١٠ ملايين طن سنويًا، فى حين أن الإنتاج المحلى يصل إلى ٣.٥ مليون طن، ما يعنى استيراد نحو ٦ ملايين طن سنويًا من الخارج لتلبية احتياجات المصريين من رغيف الخبز، وهذا يكلف الموازنة العامة للدولة ١٣٠ مليار جنيه، منها ٥٠ مليار جنيه لشراء القمح من المزارعين محليًا».
وأشار إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجّه بزيادة مخصصات الدعم فى الموازنة الجديدة ٢٠٢٤/٢٠٢٥ لتصل إلى ٦٣٦ مليار جنيه، مقابل ٥٣٢ مليارًا العام المالى الحالى ٢٠٢٣/٢٠٢٤، بنمو ٢٠٪، وهذا يؤكد أن الزيادة تجاوزت ١٠٠ مليار جنيه سنويًا.
من جهته، قال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، إن الدولة تولى اهتمامًا كبيرًا ببرامج الحماية الاجتماعية، وعملت خلال العامين الماضيين على توسيع شبكتها لتخفيف الآثار الاقتصادية عن المواطنين، ودعم الأسر الأكثر احتياجًا، بجانب زيادة الأجور، ورفع الإعفاءات الضريبية، وتعزيز مخصصات الدعم لتتجاوز نصف التريليون جنيه فى موازنة ٢٠٢٣/٢٠٢٤.
وأوضح «بدرة» أن الإجراءات التى أعلنت عنها الحكومة كان يجب اللجوء إليها منذ سنوات، فى إطار توجيه الدعم بالصورة الصحيحة، من أجل الوصول إلى ميزانية أكثر استجابة للصدمات المتتالية، التى انعكست آثارها على مدار أكثر من أربع سنوات منذ انتشار وباء كورونا.
ورأى الخبير الاقتصادى أن ملف الدعم ظل يشكل أزمة كبيرة ومتراكمة منذ سنوات، ما أدى إلى زيادة العجز بالموازنة العامة سنويًا، مشيرًا إلى أن الدعم الموجّه للخبز على سبيل المثال كان من الممكن أن يتحرك بهوامش تدريجية بسيطة ومخططة للتخفيف من عجز الموازنة العامة المتفاقم حاليًا.
ونوه بأن توجيه الدعم بالشكل الأمثل وإعادة النظر فى بعض بنوده سينعكسان بالإيجاب على الاقتصاد الوطنى ككل، من خلال توجيه مزيد من أموال الموازنة لدعم النمو الاقتصادى وبناء المدارس والمستشفيات، وغيرها من الأمور التى تنعكس على حياة المواطنين بالإيجاب.
بدوره، أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، أن ترشيد الدعم والنفقات فى ظل الأزمات العالمية المتكررة، منذ كورونا، أمر أصبح لا بديل عنه، مشيرًا إلى أن مصر من أكثر الدول التى تهتم بدعم محدودى الدخل من خلال برامج الحماية الاجتماعية.
وذكر أن تكلفة رغيف الخبز ارتفعت إلى ١٫٢٥ جنيه، وكان لا بد من إعادة هيكلة منظومة الدعم لتتواكب مع ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أهمية تقليل الهدر فى الدعم وعدم السماح باستخدام رغيف الخبز كعلف للحيوان، فى حين أن الدولة تدعم المنظومة بنحو ١٣٠ مليار جنيه سنويًا.
وقال الخبير الاقتصادى، الدكتور وليد جاب الله، إن إعادة هيكلة منظومة الدعم أمر جيد وتحدث فى دول كثيرة، مشيرًا إلى أن الإجراءات التى أعلنت عنها الحكومة تحد من سوء استغلال الدعم.
وأضاف أن هناك تغيرات كبيرة حدثت فى الأسعار منذ عام ٢٠٠٦، وتضاعفت مخصصات الدعم، ومن حق الدولة إعادة هيكلة أسعار رغيف الخبز، بعد أن توجه بعض المواطنين إلى استخدامه كعلف للحيوان أو الطيور، باعتباره بديلًا أرخص للأعلاف، وهو تصرف خاطئ يتسبب فى إهدار الملايين.
وتابع «جاب الله»: «إعادة هيكلة الدعم وتحريك سعر رغيف الخبز إلى ٢٠ قرشًا يحدان من تلك الممارسات الخاطئة، حيث سيقتصر استخدام المواطن للخبز على الأكل فقط».
وأوضح أن مخصصات الدعم ارتفعت بشكل كبير فى عهد الرئيس السيسى، حيث تجاوزت ٥٣٠ مليار جنيه فى العام الحالى، ومن المتوقع أن تصل إلى ٦٣٦ مليار جنيه فى العام المالى الجديد، مؤكدًا أنه يتوجب على الحكومة أن تحسن إدارة هذه الأموال إلى جانب غيرها من الأموال المخصصة لدعم خدمات الصحة والتعليم والأسر الأكثر احتياجًا والمواد البترولية.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أنه يتوجب على الحكومة ميكنة وترشيد الدعم فى ظل التحديات والصعوبات التى تواجه الاقتصاد المصرى، والموجة التضخمية العالمية التى ضربت الأسواق، لأن هذه الإجراءات حتمية.
وقال إن إعادة هيكلة منظومة الدعم ستعود بالنفع على مستحقى الدعم، وستكون هناك فرصة كبيرة لتحسين الموارد المخصصة لها بالموازنة العامة للدولة.