بدء فعاليات مناقشة رواية "إنسان يحترق" بمعهد جوته بالدقي
بدأت، مساء الخميس، مناقشة رواية "إنسان يحترق" لنيكول ليوبيتش بمعهد جوته الألماني بالدقي، بحضور مترجم الرواية والكاتب أستاذ مساعد دكتور صلاح هلال.
عن الكاتب نيكول ليوبيتش
هو كاتب وصحفي ألماني من أصل كرواتي، والحاصل على العديد من الجوائز الأدبية، هي روايته "إنسان يحترق" تعالج موضوعات تهمنا جميعًا، وتَمسّ حياتنا، مثل المسؤولية، والحب، والخسارة، والهوية، كما تعالج الرواية أيضًا بعض المواضيع الرئيسية مثل البحث عن الهوية، والتعامل مع التجارب المؤلمة. وقد نجح المؤلف في كتابة قصة إنسانية ممتعة، لا تخلو من الكثير من المشاهد المؤثرة، مكتوبة برشاقة وبساطة، مما يجعلها رواية إنسانية مذهلة وذكية ودافئة لأبعد مدى.
كما تناقش رواية "إنسان يحترق" موضوع مناهضة الطاقة النووية، والتضحية بالنفس من أجل إنقاذ العالم، من منظور الطفل هانو كيلستربيرج، البالغ من العمر عشر سنوات، والذي يعيش حياة مستقرة مع والديه، ولا يشغله سوى شغفه الكبير بكرة القدم. ينتقل للسكن في منزل أسرة هانو كيلستربيرج رَجُل اسمه هارتموت وهب حياته للنضال ضد الطاقة النووية. وفجأة تنقلب حياة تلك الأسرة رأسًا على عقب، فتقع الأم في شِباك ذلك المُناضل المثالي المندفع، وتُصاب بهوس النضال، وتُكرس حياتها تمامًا للنضال ضد الطاقة النووية، حتى أنها تصطحب ابنها الصغير معها إلى المظاهرات وتوزيع المنشورات. تشهد حياة الأم تغيرات جذرية، حتى فيما يتعلق برؤيتها لدور المرأة ودور الرجُل في المجتمع، وخصوصًا في إطار الحياة الزوجية. تتأثر حياتها الشخصية كثيرًا بسبب ذلك، حتى أن التحول في شخصيتها يؤدي في آخر الأمر إلى تدمير حياتها الزوجية تمامًا. يعرض لنا الكاتب نيكول ليوبيتش ببراعة شديدة كيف تتسع الهوة بين الأم وزوجها، حتى يصبح كل واحد منهما ينتمي إلى عالمٍ فكري مختلف تمامًا في قناعاته وأسلوب حياته عن الآخر؛ وكيف أن الابن، ذلك الطفل الصغير، يقع ضحيةً لذلك الصراع الدائر بين معسكر مؤيدي ومعسكر مناهضي استخدام الطاقة النووية.
ذات يومٍ يقرر المُناضل هارتموت إحراق نفسه ليلفت نظر العالم إلى قضيته، إلا أن أحدًا لم يلتفت إلى تضحيته إلا بعد مرور 33 عامًا، عندما وقع حادث فوكوشيما النووي.
لا تُطلق رواية "إنسان يحترق" أية أحكام أخلاقية على أبطالها، ولا تتخذ موقفًا مؤيدًا أو مُعارضًا، ولكنها تساعد القارئ على فهم دوافع الأطراف المختلفة، حتى هؤلاء الذين قرروا، أو حاولوا، إغماض أعينهم والوقوف على الحياد، وكأن الشأن العام لا يعنيهم.
تكتسب الرواية أهميتها ليس فقط من خلال جودتها الأدبية العالية، ولكن ايضًا من أهمية المواضيع التي تعالجها، حيث تظل تضحية هارتموت بحياته بمثابة تمثيل مجازي لمدى استعداد الإنسان لتقديم التضحيات الشخصية من أجل القضية التي يؤمن بها، مما يدعو القارئ إلى التفكير في الآثار الأخلاقية والتضحيات الشخصية المرتبطة بمواقفه الشخصية، وهذا ما يجعل الرواية مناسبة لكل العصور وكل المجتمعات.