رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة عالمية وحلول جذرية.. ماذا فعلت مصر للمواطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟

 أرشيفية
أرشيفية

لم تصب جائحة كورونا العالم بالأمراض واحتمالات مرتفعة للموت فقط وإنما أدت هذه الجائحة إلى تداعيات اقتصادية كبرى وصل صداها السلبي إلى العالم أجمع، الجميع تأثر اقتصاديًا والتضخم يأكل استثمارات الجميع، ومصر من وسط كل هذا تحاول النجاة، حتى بعدما تبع جائحة كورونا من الأزمات الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وأخيرًا ما تقوم به إسرائيل في فلسطين من حرب إبادة وتطهير عرقي، الأشقاء في فلسطين يعانون الموت والخوف والحرق، والعالم يتأثر اقتصاديًا في صورة ارتفاع للأسعار وتضخم زائد ويزيد طوال الوقت. 

 

سياسة الفيدرالي الأمريكي وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وموقف مصر

على المستوى المحلي، أدت سياسة الفيدرالي الأمريكي إلى خروج ما يزيد عن 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الفترة من يناير إلى سبتمبر2022 فضلًا عن ارتفاع معدلات التضخم األساسي ليسجل %38.7 في عام 2023 وتراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بما يزيد عن %60 إلى جانب تصاعد حجم المديونية الخارجية، واتساع الفجوة الدولارية بين المطلوب والمعروض من الدولار. 

 

تباطؤ جديد.. حرب غزة خنجر في خاصرة الاقتصاد الإسرائيلي

وفي ظل استمرار هذه الضغوط االقتصادية، تندلع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر الماضي، في عدوان يوصف بأنه الأطول والأكثر ضراوة على الإطلاق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع تصاعد حدة الأزمة، واتساع رقعة الصراع لتشمل بعض الضربات الحوثية للمصالح الإسرائيلية بالبحر الأحمر، وتضرر عدد من السفن العملاقة، الأمر الذي دفع عدد من السفن لتغيير وجهتها بالمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما مثل تهديد مباشر على عوائد قناة السويس من النقد الأجنبي، إذ يتوقع انخفاض إيرادات القناة إلى 7.5 مليار دولار لهذا العام، ووفق تصريحات رئيس هيئة قناة السويس، انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة %44 في يناير 2024 مقارنة بشهر يناير 2023 البالغة 802 مليون دولار. 

إلى جانب احتمالية تأثيرها على عوائد السياحة لمصر حال استمرار الصراع وتعطل حركة السفن. كل هذه الضغوط على مصادر النقد الأجنبي لمصر واتساع وانكشاف الفجوة الدولارية كان لها بالغ الأثر في خلق سوق موازية لصرف الجنيه تجاوز فيها سعر الدولار في بعض الأحيان حاجز الـ 70 جنيها للدولار، في حين ثبات السعر الرسمي في البنوك عند قرابة 31 جنيه فقط.

 

العمدة لـ"الشاهد" الاستثمارات تعمل على توطين التكنولوجيا بمصر

ماذا فعلت مصر في محاولة التصدي لمثل هذا التضخم؟ 

حاولت الحكومة المصرية التصدي لتداعيات التضخم والأزمات الاقتصادية الكبرى التي يمر بها العالم بحزمة من القرارات منها الاهتمام بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم الكافي والمناسب لهم، ومحاولة الوصول بالمنتج المصري إلى المنافسة العالمية بصورة أكبر من ذي قبل ونجحت الدولة بالفعل في هذا الجانب وحققت مصر خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ارتفاع كبير في حجم الصادرات في مختلف السلع. 

حتى جاءت الصفقة الأكبر والأهم في تاريخ مصر، وهي صفقة رأس الحكمة، والتي نجحت مصر في الاتفاق عليها مقابل مبلغ 35 مليار دولار، تدفع على دفعتين قربتين، وألا يأخذ هذا القرار منحنى زمني بعيد بهدف السيطرة على الأزمة، وتحقق للحكومة ما أرادت بالقضاء على السوق الموازية، وهبوط سعر الدولار في السوق السوداء، أو السوق الموازية من 75 جنيه كأعلى رقم وصلت له إلى أقل من 50 جنيه، بعدما توافر النقد الأجنبي داخل البنوك بصورة كبيرة. 

علاج جذري

لم يكن أمام الدولة حلول عديدة فالمزيد من المسكنات سوف تزيد من الأمر سوءً، لذا كان لابد من حلول جذرية لمواطن قصور الاقتصاد المصري، والبناء على ما تحقق من تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في نوفمبر ۲۰۱٦، وانقسمت آلية الحل خلال السنوات الأخيرة إلى شقين رئيسيين.

أولهما اعتماد سياسات اقتصادية واستثمارية من شأنها تحسين بين الاعمال وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية وفي سبيل ذلك سنت الدولة العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تدعم بيئة الاستثمار لتبسيط إجراءات إنشاء المشروعات، بالإضافة إلى العمل على إعداد البنية التحتية وتحسين جودتها كإحدى الركائز الرئيسية لتمهيد الطريق لمشاركة القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال المصرية.

 

على الجانب الأخر تم إصدار قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم ۷۲ لسنة ۲۰۱۷ وقوانين أخرى مثل قانون الضرائب الموحد وقانون الجمارك وتعديل قانون المحاكم الاقتصادية وغيرها من القوانين التي تساعد في جذب الاستثمار هذا بخلاف المجلس الأعلى للاستثمار وقراراته المتعلقة بمعالجة العقبات التي تواجه إنشاء الشركات الجديدة، بالإضافة إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة التي توضح للمستثمرين دور الدولة في مختلف القطاعات، وأيضًا الرخصة الذهبية التي تمنحها الدولة لإقامة المشروعات وتشغيلها وإداراتها في مدة لا تتعدى 20 يوم عمل.