"الإصغاء وآداب الجلوس في حضرة العظماء".. وصايا الوزير "بتاح حتب" لابنه
رسخت الحضارة المصرية القديمة، لكثير من القيم والآداب السامية، فلما كان يشعر المصري القديم بدنو أجله، كان يعكف على أن يخلف لابنه الأكبر نصائحه وتعاليم عن تجاربه في الحياة والعمل وجميع مناحي الحياة.
نصائح ذهبية لـ “بتاح حتب” لابنه عن فوائد الاستماع
ومن الأمثال والحكم التي وصلت إلينا، أمثال الوزير "بتاح حتب" من مصر القديمة، فينصح ابنه حول أهمية الإضغاء الجيد قائلًا له:
"إن الاستماع مفيد للابن الذي يصغي (يطيع)، وإن المستمع يدخل مثل إنسان قد استمع، ومَن يستمع يصبح مستمعًا، فيكون حَسَنَ الإصغاء وحسَنَ الكلام، وإنَّ مَن يستمع يكون مالكًا للفائدة؛ لأن الإصغاء مفيد للسامع. والإصغاء أحسن من أي شيء؛ لأن من نتائجه الحب الجميل".
وأضاف الأب والوزير "بتاح حتب": أجمل بالابن الذي يصغي عندما يتحدث إليه والده!. وإن المستمع يحبه الله، ومَن لا يستمع تبغضه الآلهة، والعقل هو الذي يشكِّل صاحبه فيكون مستمعًا أو غير مستمع، وعقل الإنسان هو حياته وسعادته وصحته، أجمل بالولد الذي يرى الواجب في أن يصغي إلى والده! وما أعظم فرح الإنسان الذي يقول له الناس (إنه ابن فضيلة كفضيلة سيد يستمع).
وعن الأشخاص الجهلاء، الذين يفضلون الكلام عن الاستماع، يحذ "بتاح حتب" ابنه منهم، قائلًا له:
"أما الغبي الذي لا يستمع فلن ينال نجاحًا؛ إذ إنه يعتبر العلم جهلًا والطيب خبيثًا، ويعرِّض نفسه كل يوم للوم؛ لما يأتيه من كل شيء مكروه، ويعيش على ما يموت الناس فيه، والقول الخبيث غذاء فمه، وأخلاقه إذن تكون معروفة للحكَّام، ويموت حيًّا كل يوم، ولن يعامله الناس مطلقًا بسبب السيئات الكثيرة التي يرتكبها كل يوم".
ماذا قال “بتاح حتب" لابنه عن الجلوس في حضرة الكبار والعظماء
ولم ينس "بتاح حتب" ان يعلم ابنه أهمية التخلق بالحذر في حضرة العظماء، وآداب الجلوس على المائدة في حضرة الكبار:
إذا اتفق أنك كنتَ من بين الجالسين، على مائدة أكبر منك (مقامًا)، فخذ ما يقدم لك حينما يُوضع أمامك، ولا تنظرنَّ إلا إلى ما وُضع أمامك، ولا تصوبن لحظات كثيرة إليه؛ لأن ذلك مما تشمئز منه النفس، إذا أحفظها الإنسان.
وأضاف "بتاح حتب" عند جلوس ابنه مع رئيسه في العمل: وانظر بمحياك إلى أسفل إلى أن يحييك، وتكلَّمْ فقط بعد أن يرحب بك، واضحك حينما يضحك، فإن ذلك سيكون سارًّا لقلبه، وما تفعله يكون مقبولًا؛ لأن الإنسان لا يعلم ما في القلب، والرجل العظيم يتوقف عزمه على أوامر نفسه، حينما يجلس أمام الطعام، والرجل العظيم يعطي مَن بجواره.