زيارة ثامنة للصين
تلبية لدعوة الرئيس الصينى شى جين بينج، يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ أمس الثلاثاء، بزيارة دولة لجمهورية الصين الشعبية، بالتزامن مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات المصرية الصينية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ومع الذكرى الثامنة والستين، لاعتراف مصر بالدولة الصديقة، وبدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما تتزامن الزيارة، أيضًا، مع انعقاد الاجتماع الوزارى العاشر لـ«منتدى التعاون العربى الصينى»، الذى سيشارك الرئيسان، مع قادة الإمارات والبحرين وتونس، فى جلسته الافتتاحية.
بين مباحثاته مع الرئيس الصينى، ومشاركته فى المنتدى، يعقد الرئيس السيسى لقاءات عديدة مع كبار قيادات الدولة الصينية، لمناقشة أوجه تعزيز العلاقات الثنائية ومختلف القضايا الإقليمية والدولية، محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الحرب فى غزة، وسبل استعادة الاستقرار فى المنطقة. كما يلتقى الرئيس، أيضًا، رؤساء عدد من كبرى الشركات الصينية، لمناقشة فرص جذب مزيد من الاستثمارات إلى مصر، فى ضوء توجه الدولة لتعزيز آليات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا.
زار الرئيس السيسى بكين للمرة الأولى فى ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤، أى بعد ستة أشهر من انتخابه رئيسًا للجمهورية، وخلال تلك الزيارة، جرى توقيع وثيقة ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وفى السنة التالية، ذهب إلى الدولة الصديقة لمشاركة قيادتها وشعبها فى احتفالات «عيد النصر الوطنى»، والذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية.
أيضًا، حلّ الرئيس السيسى، فى سبتمبر ٢٠١٦، ضيفًا خاصًا على قمة مجموعة العشرين، التى استضافتها بكين فى تلك السنة. وجاءت الزيارة الرابعة، فى سبتمبر ٢٠١٧، للمشاركة فى فعاليات الحوار الاستراتيجى حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية، الذى أقيم على هامش الدورة التاسعة لقمة «بريكس»، وفى سبتمبر ٢٠١٨، ذهب للمشاركة فى منتدى «الصين - إفريقيا»، ثم شارك، خلال زيارة أبريل ٢٠١٩، فى القمة الثانية لـ«منتدى الحزام والطريق للتعاون الدوليى»، وكانت الزيارة السابعة، فى فبراير ٢٠٢٢، للمشاركة فى حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية الرابعة والعشرين.
تلاقت الحضارتان المصرية والعربية مع الحضارة الصينية على قاعدة متينة وراسخة من التواصل الإنسانى والثقافى والتجارى، ثم خضنا، معًا، فى التاريخ الحديث، معارك متعددة من أجل التحرر الوطنى والاستقلال السياسى، منذ أن تجاوزت «دولة ٢٣ يوليو»، فى مثل هذا الشهر، سنة ١٩٥٦، أحد الخطوط الأمريكية الحمراء، وكانت أول دولة إفريقية وعربية تعترف وتقيم علاقات دبلوماسية مع «الصين الجديدة»، أو «جمهورية الصين الشعبية».
سيرًا على هذا النهج، أو استفادة من ذلك الإرث، شهدت العلاقات المصرية الصينية قفزة كبيرة، خلال السنوات العشر الماضية. ومع الدور الكبير، الذى لعبته «دولة ٣٠ يونيو» فى إنجاح منتدى «الصين إفريقيا»، دعمت، أيضًا، آليات التعاون العربى الصينى، ومن المقرر أن تكون هى دولة الاستضافة العربية التالية للقمة العربية الصينية، التى استضافت السعودية، فى ديسمبر ٢٠٢٢، نسختها الأولى.
فى كلمته، كلمة مصر، أمام القمة العربية الصينية الأولى، أوضح الرئيس السيسى أن آفاق التعاون لا تقتصر فقط على الشق الاقتصادى والتنموى، بل تمتد إلى الآفاق السياسية والثقافية، لافتًا إلى أن العالم العربى استقبل بتقدير واحترام بالغين سياسات الصين المتوازنة تجاه مختلف القضايا العربية بشكل عام، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، ودعمها حق الشعب الفلسطينى المشروع فى إقامة دولته المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، و... و... ولعلك تعرف أن الصين اعترفت بدولة فلسطين، وقامت، قبل وبعد العدوان الإسرائيلى الجارى على قطاع غزة، بدعم المواقف العربية والفلسطينية داخل مجلس الأمن وفى كل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
.. وأخيرًا، نرى أن مشاركة الرئيس السيسى والقادة العرب الثلاثة، غدًا الخميس، فى الجلسة الافتتاحية لاجتماع «منتدى التعاون» الوزارى، تعكس قوة وتنامى الشراكة المصرية العربية الصينية، التى تأسست، أو أعيد تأسيسها، خلال السنوات العشر الأخيرة، على تعظيم المنفعة المتبادلة، وتحقيق المصالح المشتركة، وتقديم أولويات البناء والتنمية على الصراع والتنازع، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ودوافعه، واحترام خصوصية الشعوب وحقها فى الاختيار دون وصاية أو تدخلات خارجية.