"محرقة الخيام".. انتفاضة عربية ودولية ضد مجازر الاحتلال الإسرائيلي في رفح الفلسطينية
استنكرت دول عربية وأوروبية ومسؤولي الأمم المتحدة، المجزرة الإسرائيلية الجديدة التي استهدفت خيام النازحين في مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة ضمن ما عرف بـ “محرقة الخيام”، مساء الأحد والتي جاءت بعد أيام قليلة من أمر المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي بوقف هجومه على رفح.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية مخيما للنازحين بالقرب من مستودعات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) قرب منطقة تل السلطان، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات من المواطنين وانتشار الحرائق في مساحات واسعة من المخيم.
تفاصيل محرقة الخيام في رفح
وأظهرت الصور المنطقة وقد اشتعلت فيها النيران بينما فر النازحون خوفا من هجمات أخرى، وأظهرت بعض مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا مروعة بما في ذلك جثث محترقة ورجل يحمل جثة مقطوعة الرأس لطفل صغير.
ومع انتشار مقاطع الفيديو للهجوم الوحشي، تصاعد الغضب في المجتمع الدولي، حيث أدانت مصر، الهجوم "بأشد العبارات" ووصفته بأنه انتهاك للقانون الدولي.
الموقف العربي من محرقة الخيام في رفح
وقالت الخارجية المصرية، إن المجزرة تعد "انتهاكا جديدا وسافرا لأحكام القانون الدولي الإنساني وبنود اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب"، مطالبة مجلس الأمن الدولي بالتدخل لضمان إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والعمليات بمدينة رفح.
وقالت قطر، الوسيط في المحادثات مع حماس للتوصل إلى اتفاق هدنة من شأنه أن يضمن إطلاق سراح المحتجزين الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، الإثنين، إن الهجوم قد يعرض الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار للخطر.
وطالبت الكويت بـ"تدخل فوري وحازم من المجتمع الدولي" لإلزام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالانصياع "لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني".
بينما دعا الأردن إلى محاسبة إسرائيل، وذكر أن الهجوم الإسرائيلي "تحد صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية وانتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني". كما دعا إلى "تأمين الحماية للمدنيين العزّل في غزة ولمنظمات الإغاثة وموظفيها، خاصة الأونروا التي تقوم بدور إنساني كبير" في القطاع.
كما استنكر البرلمان العربي هذه المجزرة البشعة، مؤكدا أن "كيان الاحتلال تجاوز كل القوانين والأعراف والقرارات الدولية والشرعية التي تدعو إلى وقف فوري للعدوان ووقف الهجوم العسكري على مدينة رفح، في تحد سافر وانتهاك صارخ لكل القرارات"، مؤكدًا أن "عدم محاسبة كيان الاحتلال على جرائمه والمجازر التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني وعدم اتخاذ أي إجراءات رادعة ضده يجعلانه يمعن في القتل والتدمير".
رفض دولي لمحرقة الخيام في رفح
من جهتها، اعتبرت وكالة الأونروا، أن الصور المروعة من مجزرة رفح وسقوط عدد كبير من الضحايا -بينهم أطفال ونساء بين القتلى- دليل على أن غزة "جحيم على الأرض".
وأكدت مقررة الأمم المتحدة المعنية في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز عبر منصة "إكس"، أن قصف إسرائيل مخيم النازحين في رفح "تحد صارخ للقانون والنظام الدوليين"، ودعت إلى فرض عقوبات على إسرائيل لإنهاء "الإبادة الجماعية".
بدورها، طالبت إسبانيا الدول الأوروبية برفع الصوت لدعم القانون الدولي بعد هذه المجزرة.
وقال خوسيه مانويل ألباريس في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه النرويجي إسبن بارث إيدي، والأيرلندي ميشيل مارتن، في العاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش مباحثات يستضيفها الاتحاد الأوروبي بمشاركة 5 دول عربية لحشد دعم دولي لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وحل الدولتين: "سنعترف رسميا مع النرويج وأيرلندا، بالدولة الفلسطينية وعلينا رفع صوتنا لدعم القانون الدولي، سأطلب من الوزراء الأوروبيين الآخرين دعم عمل محكمة العدل الدولية".
وأكد على ضرورة أن "يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
من جانبه، ندد وزير الخارجية الأيرلندي ميشيل مارتن "بالاعتداء على مخيم اللاجئين في رفح، وأكد أنه "انتهاك لقرار محكمة العدل الدولية". وطالب إسرائيل "بوقف عمليتها العسكرية في رفح"، مشددا على ضرورة "الدفاع عن عمل واستقلالية محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية".
أما وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي، فقال في المؤتمر الصحفي ذاته: "نعترف بالدولة الفلسطينية لأن هذا هو الوقت المناسب لذلك. نرى دائرة عنف مستمرة في غزة والضفة الغربية، وإنهاؤها يكون بإقامة دولة فلسطينية وتنفيذ حل الدولتين"، مؤكدا على ضرورة "وقف إطلاق النار في غزة فورا" بعد أن شدد على أن "مواصلة إسرائيل الحرب في غزة تنتهك قرار العدل الدولية.
سقوط عشرات الشهداء والمصابين في محرقة الخيام
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن ما لا يقل عن 35 شخصًا استشهدوا في حي تل السلطان، معظمهم من النساء والأطفال، محذرة من أن عدد الضحايا قد يرتفع لأن الكثيرين محاصرون في النيران التي اندلعت بعد القصف.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني في رفح يوم الإثنين إن عدد القتلى ارتفع إلى 40 شخصا على الأقل.
وقال محمد المغير المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني في تصريحات إعلامية: إن "هذه المجزرة هي الأكبر التي تشهدها مدينة رفح منذ أشهر"، وأكد أن المنطقة التي تعرضت للقصف كانت "منطقة إنسانية" مخصصة بجوار مستودعات الأمم المتحدة.
ووصفت إحدى العائلات هروبها المروع بعد أن بدا أن المبنى السكني الذي كانوا يحتمون به قد تأثر، قائلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "فجأة تحطمت النوافذ". "شعر الأطفال بالخوف. خرجنا جميعًا إلى الشارع". "قالوا لنا إنها منطقة آمنة. لا يوجد مكان آمن في رفح".
من جهته ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن غارته استهدفت اثنين من قادة حماس قال إنهما مسؤولان عن تنظيم هجمات في منطقة الضفة الغربية المحتلة. وقال إنها على علم بالتقارير التي تفيد بأن خيام المدنيين قد اشتعلت في الغارة وأن الحادث "قيد المراجعة".
وجاء في بيانه: أن "الضربة نفذت ضد أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي"، مضيفا أنه استخدم "ذخائر دقيقة" بناء على "معلومات استخباراتية دقيقة تشير إلى استخدام حماس للمنطقة".