رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هبوط اضطرارى لمروحية "رئيسى" يكشف نوايا العالم تجاة إيران

في الساعات الأولي من صباح اليوم، تحديدا، التاسعة صباحا بتوقيت "القاهرة"، أعلنت الحكومة الإيرانية عن وفاة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" ووزير خارجيته "أمير عبداللهيان" وأعلنت الدولة الحداد.

كانت وكالة "رويترز" الألمانية أعلنت عن خبر وفاة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له مع بداية تواتر أخبار مساء أمس، عن هبوط اضطراري لمروحية "رئيسي" علي حدود أذربيجان مع إيران، وبعد لحظات تم حذف الخبر.. وكالة "رويترز" من مدرسة السرعة في نشر الأخبار بعكس الـ"بي بي سي" البريطانية، وهي مدرسة الدقة في كتابة ونقل الأخبار، هنا الدقة تسلتزم بعضا من الوقت بعكس مدرسة السرعة صاحبة السبق الصحفي، هذا لايعني أن أخبار "رويترز" غير دقيقة أو معلومات خاطئة، إنما  في الوقت الذي ينتظرفيه العالم بشغف أحداثا مهمة تتحمل "رويترز" تداعيات ما تنشره.. وإن كان في مثل هذه الأحداث الجسيمة يفضل أن يعلن الخبر من مصادره الرئيسية، وعلي الجميع أن ينتظر ويلتزم بإعلان الخبر من الحكومة الإيرانية حتي يتم غلق باب التكهنات والتفسيرات التي تجافي الحقيقة في أغلب الأحيان، لا سيما أن خبر وفاة شخصية مسئولة في مكانة الرئيس قد يربك الدولة وله تداعيات خطيرة علي الأوضاع الداخلية والعلاقات الخارجية الدبلوماسية والاقتصادية.

قبل انتهاء التحقيقات أو انتظار الإعلان الرسمي لدولة إيران بوفاة "رئيسي" وضع المحللون السياسيون في وسائل الإعلام المختلفة سيناريوهات متعددة بناء علي السياسة التحريرية لكل قناة، أو بالأحري وفقا لعلاقة "إيران" بالدولة التي تبث منها القناة التليفزيونية أو المواقع الإخبارية. مع بداية ذيوع الخبر كان السيناريو الأبرز للمعلقين يشير إلى أن شبهة جنائية وراء سقوط الطائرة وأن الحادث مدبرا في ظل الغموض الذي يحيط بالواقعة وتحفظ الجانب الإيراني عن إصدار بيانات رسمية تعلن وفاة "رئيسي" والوفد المرافق له في الساعات الأولي من البحث عن حطام المروحية، خاصة أن أبرز الأخبار الرسمية للحكومة الإيرانية كانت تدعو الشعب الإيراني بالدعاء وأن حالة  طاقم الطائرة في خطر، أتبع هذه الأخبار تصريحات "الملالي" بتماسك الجبهة الداخلية في دولة دينية يحكمها المرشد- الرجل الأول- صاحب الكلمة العليا.
في البداية، استبعد المحللون عبر وسائل الإعلام أن يكون الاحتمال الأول وراء الحادث يعزي إلي سوء الأحوال الجوية رغم أن الأدلة والشواهد تشير بقوة إلي قرار قائد المروحية بالهبوط الاضطراري وأن الرؤية ضبابية أثناء طيران المروحية، إلا أن أصابع الاتهام اتجهت نحو إسرائيل وراء الحادث لا سيما أن الواقعة حدثت علي حدود دولة أذربيجان التي تربطها علاقة قوية بإسرائيل، ومن ثم اشتعلت التصريحات بتأجيج منطقة الشرق الأوسط، وأن الحرب علي غزة سوف تنتقل لدول أخرى وأعلنت منصات إعلامية باندلاع الشرارة الأولي لحرب عالمية جديدة.

إن كان هذا الاحتمال قائما، فإن الرد الإيراني علي إسرائيل هو ملك لإيران فقط، هي من تقدر الموقف، كما كان ردها تجاه اغتيالات عديدة لعلماء ودبلوماسيين إيرانيين في الداخل والخارج الإيراني ثبت تورط إسرائيل في قتلهم.. دائما ما يأتي رد إيران علي جرائم إسرائيل باهتا من وجهة نظر البعض في وقت يبدو متأخرا من إيران، أو يكون الرد من خلال وكلاء إيران في المنطقة وهو أمر لا يخفي عن أحد.

الاتهام الآخر كما عرج إليه المفسرون يشير إلى أن طائرة "رئيسي" أمريكية الصنع وأنها بدائية الصنع، وأن قائد الطائرة سلك طريقا آخر غير المحدد له، ومن ثم يبدو أن ثمة قرار خاظئ لطاقم الطائرة بدليل أن الطائرتين الأخريين وصلتا بسلام دون أي ضرر، كما طرح سؤالا آخر جوهريا: لماذا يستقل الرئيس طائرة مروحية "الهليكوبتر" عقب افتتاح سد مائي علي حدود أذربيجان تم الإعلان عنه مسبقا؟. هذا الرأي هو الأقرب الذي يفسر سبب مصرع  كل من كان علي متن طائرة "رئيسي" وفقا لتفسير المحللين، مع العلم بأن التحقيقات الرسمية لم تنته بعد من قبل السلطات الإيرانية.

رأي آخر تناقلته بعض وسائل الإعلام يشير إلي أن الحادث جاء نتيجة خلافات في الداخل الإيراني رغم ولاء "رئيسي" لـ"الملالي".. كل هذه التفسيرات تفتح باب الاجتهاد للتحقيقات في الداخل والخارج الإيراني سنقرأ عنها قريبا، ودائما ما يكون مصرع الشخصيات العامة وذات المناصب الرفيعة مادة ملهمة للكتاب والمؤرخين ويكتب لهذه الشخصيات البقاء لأمد أطول وحكايات تتناقلها الأجيال.

في النهاية أعلنت وكالة السلطة الإيرانية عن ضرورة استقرار مستقبل البلاد وفقا للمادة 132 من الدستور الإيراني في حالة غياب الرئيس، يتولي المساعد الأول للحكم ولاية البلاد بناء علي موافقة "المللالي" كشرط في غاية الأهمية، علي أن تجري الانتخابات خلال 50 يوما من إعلان غياب رئيس الدولة... يبقي علي "إيران" أن تبعث برسائل تطمينية للعالم باستقرار إيران، لا سيما الدول المجاورة وألا يحدث أي خلل في  الداخل الإيراني قد يؤثر علي المنطقة.