سياسيون فلسطينيون لـ«الدستور»: إخلاء رفح حيلة من حكومة نتنياهو لإفشال مفاوضات الهدنة
حذّر سياسيون فلسطينيون من أن إعلان الاحتلال الإسرائيلى عن إخلاء شرق رفح لبدء عملية عسكرية فى المدينة أمر ينذر بعواقب وخيمة وسيؤدى إلى انتهاكات غير مسبوقة، وسيُفشل مفاوضات وقف إطلاق النار التى تقودها مصر، بعدما حققت تقدمًا قويًا خلال الأيام الماضية.
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس عضو حركة فتح، إن الاحتلال الإسرائيلى اتخذ قرار اجتياح مدينة رفح منذ شهور، وأجل التنفيذ لحين إخلاء السكان ودراسة وتحديد المكان الذى سيتم نقلهم إليه.
وأضاف «الرقب»، لـ«الدستور»، أن قادة الاحتلال ما زالوا مصرين على اجتياح رفح؛ رغم التحذيرات الدولية، حيث يريد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، استمرار الحرب لحسابات سياسية.
وتابع: «هذا الاجتياح سيؤثر بشكل كبير على سير المفاوضات، التى تبذل القاهرة جهدًا كبيرًا فى إنجاحها بعد أن قطعت شوطًا ضخمًا، وتفاءل الجميع بالوصول إلى وقف لإطلاق النار، ثم وقف الحرب بشكل نهائى، لكن للأسف نتنياهو وحكومته لا يريدان إنهاء الحرب، ووضعا معوقات تحول دون ذلك».
وبَين أن «نتنياهو» كان يريد أن تكون الفصائل الفلسطينية السبب فى فشل المفاوضات، لكنها تعاملت بذكاء وأنجزت أمورًا كبيرة، وأبدت مرونة كبيرة جعلت رئيس حكومة الاحتلال يضغط لعرقلتها، وعندما فشل فى ذلك لجأ إلى حيلة اجتياح رفح.
ورأى أن «الاحتلال استخدم هجوم الفصائل على القوات الإسرائيلية فى موقع عسكرى يبعد نحو ٢ كم عن معبر كرم أبوسالم، الذى تدخل منه البضائع التجارية والأفراد بشكل عام، كذريعة لاحتلال رفح؛ رغم أن المنطقة المستهدفة عسكرية، وكانت مقر تجمعات لقوات الاحتلال».
وذكر أن فصائل المقاومة ستقاوم الاحتلال قدر استطاعتها وإمكاناتها؛ فى حال أصر الاحتلال على اجتياح رفح، وقال: «المدينة ليست مكانًا استراتيجيًا قويًا عصيًا على الاحتلال، هو يستطيع دخولها مثلما دخل مناطق أخرى، لكنه يخطط فى الوقت نفسه إلى ترحيل ١٠٠ ألف شخص من شرق رفح إلى منطقة المواصى، ثم يدفع بهذه الكتلة إلى الشريط البحرى من شمال رفح إلى جنوب وادى غزة، ثم يحشر السكان هناك».
وذكر أن المجتمع الدولى يرفض الاجتياح الاسرائيلى لرفح، لذلك يريد «نتنياهو» إخلاء الكتلة السكانية، وإذا نجح الاحتلال فى تنفيذ عملية الإخلاء دون سقوط عدد كبير من الشهداء، قد يخفف ذلك الحرج عن المجتمع الدولى، وتحديدًا الولايات المتحدة، وبالتالى لن يكون لديه مانع فى مواصلة اجتياح الاحتلال رفح، قائلًا: «نحن فى عالم ظالم يهمه مصالحه، ولا يكترث لحياة الأبرياء».
فى السياق ذاته، رأى المحلل السياسى الفلسطينى، الدكتور عبدالمهدى مطاوع، أن بدء إخلاء المنطقة الشرقية من رفح جزء من خطة الإخلاء الإسرائيلية لمهاجمة المدينة، مشيرًا إلى أنه بدأ بإخلاء المنطقة الأقل فى عدد السكان ربما لزيادة الضغط على حركة حماس، فى وقت يصل فيه رئيس المخابرات الأمريكية قطر، كما يزور إسرائيل لإجراء مباحثات للتوصل لهدنة.
وقال «مطاوع» إن أى مخطط لمهاجمة رفح سيتضمن الاستيلاء على المنطقة الشرقية، وتحديدًا معبر رفح، لأن «نتنياهو» يحلم باحتلال المنطقة الحدودية مع مصر.
واعتبر أن قصف حركة «حماس» موقعًا قرب معبر كرم أبوسالم، رسالة بأنها لا تريد هدنة فقط مع الاحتلال، بل تريد وقفًا شاملًا لإطلاق النار، مشيرًا إلى أن اجتياح رفح سيؤثر بشكل كبير على سير المفاوضات.
ولفت إلى أنه لو كان هناك تقدم حقيقى فى المفاوضات، لجاء الوفد الإسرائيلى إلى القاهرة بعد مغادرة وفد حماس لاستكمال التباحث، لكن هناك نقاطًا لم يتم الاتفاق عليها ولم تقبلها حماس وإسرائيل، وهى إيقاف الحرب بشكل واضح، وطرح اتفاق مكتوب وضمانات واضحة من دول أخرى بخلاف واشنطن؛ لأن الفصائل لا تثق فيها.
وتوقع أن يكون رد فصائل المقاومة على اجتياح رفح محدودًا، لأنها انتقلت إلى مرحلة مختلفة، وهى الاستهداف، وليست لديها قدرة حاليًا على صد الاحتياجات الكبيرة، لأن معظم قدراتها العسكرية تضررت بشكل كبير؛ جراء القصف الجوى.
وعن موقف المجتمع الدولى تجاه اجتياح رفح، قال «إذا استطاعات إسرائيل إخلاء المدنيين وتقليل صور القتل والدماء، سيكون الأمر مختلفًا، وسيغض المجتمع الدولى الطرف عن الاجتياح وعن فشل المفاوضات، وسيتم تحميل حماس المسئولية، وسيعطى نتنياهو مساحة أكبر للتحرك فى رفح».