التقديرات الخاطئة فى اللحظات الفارقة!
إذا نظرت إلى عناوين الأخبار قبل يومين فقط كنت ستقرأ مايلي: على موقع العربية نت: الاتفاق بين حماس وإسرائيل "بات وشيكًا".. ما لم تطرأ عقبات جديدة.
وقالت الحدث: وفد حماس يصل القاهرة مع تقدم ملحوظ في المفاوضات حول هدنة غزة.
ولا تفسير لتلك العناوين إلا أن تقدما ملحوظا واتفاقا وشيكا بين حماس وإسرائيل قارب على الاتمام برعاية مصرية، ما يعني وقف حمامات الدم التي لم تتوقف طوال 6 أشهر متواصلة، ما يعنى أيضا تجنب المزيد من المذابح التي يبشرنا بها قادة العدو في رفح. وسعت مصر بكل السبل التى تجنبه حرصا على أرواح الشعب الفلسطيني.
ولكن شيئًا ما، أو توجهًا ما داخل حركة حماس لا يريد للحرب أن تتوقف، وبيد حماس لا بيد العدو، تعطيه المبرر أمام العالم أجمع، وفي الداخل تجمع الأصوات المعارضة لرئيس الحكومة نتنياهو، الذي يلقى معارضة وانقسامات داخل حكومته.
فجأة تنطلق صواريخ القسام الحمساوية لمنطقة كرم أبوسالم، وهي صواريخ تضر أكثر مما تنفع، تعقد الموقف أكتر مما تحله، وتضعف موقف المفاوض الفلسطيني وكل من يدعمه أكثر مما تقويه.
صواريخ حماس هذه المرة تعرض ما يقرب من مليون ونصف مواطن فلسطيني محاصر فى رفح للذبح، فما أن انطلقت الصواريخ الحمساوية حتى أعطى مجلس الحرب الإسرائيلى كاملا موافقته لنتنياهو لبدء الهجوم على رفح الذي حاولت كل الأطراف إلى تجنيبه، ولم يكن أمام العدو إلا القبول بالموقف المصري ومعه تحسن في الموقف الأمريكي الذي اقتنع بما سعت إليه مصر طوال الشهرين الماضيين لتجنب اقتحام رفح.
أى ذكاء سياسي يحكم حركة حماس وأي عقلية تلك التي لا تعبأ بأرواح الشعب الفلسطيني، عشرات الأسئلة تطرح نفسها الآن بعد إفشال المفاوضات المصرية، فمن يحكم حماس وما هي ضمانات التفاوض معها وما هي أولوياتها.
كل آراء المحللين الاستراتيجيين رأوا أن عملية كرم أبوسالم ستكون نقطة فاصلة في مسار الحرب، وهي بإجماع الآراء غباء سياسي كامل الأركان.
ولمن لا يعرف فإن منطقة كرم أبوسالم تقع ضمن الحدود الجغرافية لمدينة رفح الفلسطينية، ما يعزز من وجهة النظر الإسرائلية التي تطالب باقتحام رفح للقضاء على كتائب القسام التابعة لحركة حماس
وتضم منطقة كرم أبوسالم أيضا المعبر الاقتصادي الأكبر بين مصر وقطاع غزة الذي تمر من خلاله المساعدات الإنسانية إلي القطاع، ما يعنى أن وجود القوات الإسرائليلة في منطقة محور فيلادلفيا سيضيق الخناق أكثر على القطاع وعلى إمكانية مرور المساعدات الإنسانية.
الغريب أن كتائب القسام سارعت بإعلان مسئوليتها عن قصف كرم أبوسالم، ما يعني أن اختيار التوقيت والمكان كان مقصودا لهدف ما لا نعلمه ولا تعلمه إلا قيادات حماس التي تفقد بتصرفها هذا ثقة كل من يتفاوض معها ويفتح علامات استفهام حول حقيقة نيتها ومدى حرصها على أرواح الشعب الفلسطيني، فليست كل الصواريخ التي تطلق يمكن أن تجد من يؤيدها مهما كان حجم الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني المغلوب على أمره، فأقل ما يقال عنها اليوم إنها تقديرات خاطئة في لحظات فارقة.