ما بعد الإصلاحات.. المؤسسات الدولية تشهد للاقتصاد المصري
- «جى بى مورجان» يتوقع نمو الناتج المحلى.. ويوصى بشراء أذون الخزانة المصرية
- «موديز» تؤكد تحسن القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى و«ستاندرد آند بورز» تغير توقعاتها بشكل إيجابى
- «جولدمان ساكس» يرجح حدوث انخفاض كبير فى التضخم ويؤكد النظرة المستقبلية الإيجابية
أكد خبراء مصرفيون واقتصاديون أن تغير رؤية المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد المصرى، باعترافها بالتحسن الكبير فى المؤشرات الأساسية له، وتوقعاتها بارتفاع معدلات النمو إلى ٤.٣٪ خلال العام المالى ٢٠٢٤/٢٠٢٥، وارتفاع الاحتياطيات النقدية الأجنبية لمصر إلى ٥٣.٣ مليار دولار، سيكون له بالغ الأثر فى تحسين عملية الإنتاج والنمو.
وأشارت توقعات المؤسسات إلى أن معدلات التضخم فى الاقتصاد قد تصل إلى ٢٠٪ بنهاية عام ٢٠٢٤ شريطة استمرار الجهود المبذولة، ومع ذلك لا تزال هناك بعض التحديات التى تواجه مصر، مثل تعزيز البنية التحتية ومكافحة الفساد وتنويع مصادر الدخل.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يتيح انخفاض التضخم فرصًا كبيرة لتحسين القوة الشرائية وتحفيز نمو الأسواق وزيادة الإنتاج، وجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاستقرار الاقتصادى بشكل عام.
وقال الخبير المصرفى محمد عبدالعال إن هناك اهتمامًا كبيرًا من المؤسسات الدولية المالية، بكتابة تقارير عن مصر واقتصادها، وهذه التقارير تؤكد أن مصر رمانة الميزان فى توجهات المستثمرين وبنوك الاستثمار العالمية.
وأشار إلى أن صفقة رأس الحكمة غيرت كل الموازين، حيث منحت مصر سيولة تقدر بـ٣٥ مليار دولار خلال فترة وجيزة، ومرشح أن يجذب المشروع ٢٠٠ مليار دولار خلال الفترة المقبلة فى جميع مراحله.
كما أشار إلى الانفراجة الكبيرة التى حدثت فى ملف النقد الأجنبى، التى أدت إلى عودة الاقتصاد المصرى إلى طبيعته، وسمحت بالإفراج عن البضائع والسلع ومستلزمات الإنتاج بقيمة ٨ مليارات دولار، وقضت على السوق السوداء للدولار، بإقرار سعر صرف عادل ومرن.
وتابع: «انقلبت الموازين ورأينا تكدسًا وزحامًا على فروع شركات الصرافة والبنوك للتنازل عن العملات الأجنبية والعربية والتى بلغت ٢٥ مليار جنيه لصالح ٣ شركات صرافة حكومية خلال شهرين فقط»، مشيرًا إلى أن هناك زيادة كبيرة فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
وأضاف: «الوضع الاقتصادى المصرى الحالى أصبح قويًا ومتوازنًا بعد سد الفجوة التمويلية الدولاية، ومصر استطاعت تغطية احتياجاتها من النقد الأجنبى لمدة ٤ سنوات، ما أدى إلى تغيير الصورة، وبدأت المؤسسات الدولية الإشادة بالاقتصاد المصرى وتغيير نظرتها من سلبية إلى مستقرة ثم من مستقرة إلى إيجابية، وهذا نتاج جهد كبير للإدارة المصرية فى الملف الاقتصادى».
وقال: «صندوق النقد الدولى رفع تمويلاته لمصر إلى ٨ مليارات دولار، وتم الحصول على الشريحة الثانية من القرض بقيمة ٨٢٠ مليون دولار كشريحة عاجلة»، لافتًا إلى أن بنوك الاستثمار العالمية حسنت أيضًا من نظرتها للاقتصاد المصرى، ومنها بنك «جى بى مورجان» الذى توقع نمو الناتج المحلى لمصر بنسبة تصل إلى ٤.٣٪، خلال السنة المالية المقبلة ٢٠٢٤/٢٠٢٥ التى تبدأ فى يوليو المقبل، مقارنة بتقديرات سابقة له بـ٢.٨٪ فى السنة المالية الحالية ٢٠٢٣/٢٠٢٤، على الرغم من تشديد السياسة النقدية.
وأرجع تغير النظرة ورؤية المؤسسات الدولية عن الاقتصاد المصرى إلى إقرار سعر صرف عادل ومرن للدولار، والقضاء على السوق السوداء، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبى، وتوفير السيولة الدولارية المطلوبة للصناعة والإفراجات الجمركية ودخول تمويلات أجنبية كبيرة لمصر.
وذكر أن هناك توقعات من وكالة «فيتش» وبنك الاستثمار العالمى «جيه بى مورجان» بارتفاع احتياطيات مصر من النقد الأجنبى بنحو ١٦.٢ مليار دولار فى العام المالى المقبل ٢٠٢٤/٢٠٢٥، ونحو ٢.٦ مليار دولار فى خلال العام المالى ٢٠٢٥/٢٠٢٦.
ولفت إلى أن وكالة «فيتش» العالمية رجحت أن يرتفع إجمالى احتياطيات النقد الأجنبى لمصر بقيمة ١٦.٢ مليار دولار فى السنة المالية الحالية، التى تنتهى فى يونيو المقبل، ليصل إلى ٤٩.٧ مليار دولار، بفضل وفرة موارد النقد الأجنبى وعودة الثقة فى الجنيه بعد تحرير سعر الصرف بشكل مستدام.
وتوقعت الوكالة، فى تقرير لها حول مصر، أن تواصل احتياطيات النقد الأجنبى ارتفاعها بشكل أكبر لتسجل ٥٣.٣ مليار دولار بحلول السنة المالية ٢٠٢٤/٢٠٢٥، بما يغطى ما يعادل ٥.٦ شهر من المدفوعات الخارجية الحالية، وهو أعلى من المتوسط «B» البالغ ٤.١ شهر.
وأشار إلى تراجع العجز فى صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى خلال مارس الماضى، حيث انخفض العجز إلى ٦٥.٣٨ مليار جنيه مقارنة بنحو ٢٧٠.٦٥ مليار جنيه فى فبراير، ونحو ٣٥٢.٤٩ مليار بنهاية يناير، و«هذا يرجع إلى عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى وزيادة تدفقات النقد الأجنبى من السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وغيرها من الموارد».
وتوقع استمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، قائلًا: «ستحدث طفرة فى الاستثمارات الأجنبية القادمة لمصر، وأيضًا زيادة الإقبال على شراء السندات المصرية وأدوات الدين وأذون الخزانة، خاصة فى أسواق أوروبا وأمريكا، وأيضًا رفع التصنيف الائتمانى لمصر خلال الشهرين المقبلين».
من جانبه، قال الخبير الاقتصادى، الدكتور على الإدريسى، إن رؤية المؤسسات الدولية عن الاقتصاد المصرى مبشرة وإيجابية للغاية وتعكس جاهزية مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرًا إلى أن معظم التقارير تشير إلى نظرة إيجابية وانتهاء أزمة سد الفجوة التمويلية وعودة الثقة فى الاقتصاد المصرى.
وأضاف: «القرارات والإصلاحات الهيكلية وما حدث من إقرار سعر صرف عادل ومرن، وإتمام صفقة رأس الحكمة، ودخول أموال كبيرة لمصر أدت إلى تحسن كبير فى هذه المؤشرات»، مشيرًا إلى أن معدلات نمو الاقتصاد المصرى ستقفز خلال العام المالى المقبل إلى ٤.٣٪، وهذا يؤكد نجاح جهود الدولة فى الإصلاحات الاقتصادية.
فى السياق ذاته، أكدت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطى، أن رؤية المؤسسات الدولية للاقتصاد المصرى جيدة وإيجابية خلال الفترة الحالية، وهو ما ظهر فى تغير توقعات ونظرة معظم المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية الثلاث الكبرى، «موديز» و«ستاندرد آند بورز» و«فيتش»، وتحسن التصنيف السيادى لمصر والنظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى إلى إيجابية بدلًا من مستقرة.
وأضافت: «كل هذا يؤكد نجاح الإصلاحات الهيكلية التى قامت بها الدولة، ما أدى إلى عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى، وزيادة تحويلات النقد الأجنبى، مع استقرار سوق صرف الجنيه مقابل الدولار».
وتوقعت الخبيرة المصرفية أن يستمر تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الشهور المقبلة، بعد الحصول على تمويلات تقدر بنحو ٤٥ مليار دولار، إثر اتفاقات تمويلية مع صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبى، بقيمة تصل إلى ٢٢ مليار دولار، بالإضافة إلى ٢٠ مليار دولار، قيمة الدفعة الثانية من صفقة مشروع تطوير رأس الحكمة، بالإضافة إلى تمويلات أخرى، تصل قيمتها إلى ٣ مليارات دولار من اليابان ومجموعة البنك الإسلامى للتنمية.
وتابعت: «الاقتصاد المصرى استعاد ثقة المؤسسات الدولية بعد الانفراجة الكبيرة فى أزمة الدولار، وسد الفجوة التمويلية بوصول الدفعة الأولى من صفقة تطوير رأس الحكمة، بقيمة ١٥ مليار دولار».
وقالت: «قرارات ٦ مارس الماضى أنهت السوق السوداء للعملة، ودفعت إلى زيادة الاستثمار فى أذون الخزانة والسندات الحكومية، خاصة أن بنك الاستثمار (جى بى مورجان) أوصى المستثمرين بشراء أذون الخزانة المصرية، بعد إقرار البنك المركزى المصرى لسعر صرف عادل ومرن، مع رفع الفائدة بقيمة ٦٪ خلال شهر مارس الماضى، الأمر الذى انعكس إيجابيًا على عائدات سوق أذون الخزانة».
من جهته، أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، أن رؤية المؤسسات المالية العالمية للاقتصاد المصرى تغيرت بصورة كبيرة بعد قرارات ٦ مارس، وأصبحت كل التقارير عن مصر إيجابية فى مجملها.
وتوقع «السيد» حدوث انفراجة كبيرة فى ملف جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، بعد شهادات المؤسسات الدولية بنجاح الإصلاحات الهيكلية، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف وسد الفجوة التمويلية.
وأضاف: «تقرير موديز أشار إلى تحسن فى القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى بعد تنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبرى»، مشيرًا إلى أن مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يعتبر من أكبر صفقات الشراكة الناجحة، والذى سيجذب استثمارات لمصر تصل نحو ٢٠٠ مليار دولار خلال ٥ سنوات.
وذكر أنه «بالنظر إلى التقارير العالمية عن الاقتصاد المصرى نرصد تحسنًا كبيرًا فى ترتيب مصر بالمؤشرات الدولية للتجارة واللوجستيات»، مؤكدًا أن خفض حدة التوترات الجيوسياسية فى المنطقة سيؤدى إلى حدوث نشاط كبير وهائل فى الاقتصاد المصرى والسياحة وإيرادات قناة السويس.
وتابع: «ستاندرد آند بورز ترفع توقعاتها لاقتصاد مصر إلى إيجابية بفضل برنامج الدعم الخارجى القوى، كما أفادت المؤسسة بأن القرارات الاقتصادية الأخيرة ستساعد فى تعزيز الناتج المحلى الإجمالى لمصر».
وقال الخبير الاقتصادى، وليد جاب الله، إن بعض المؤسسات المالية وبنوك الاستثمار العالمية وعلى رأسها بنك جولدمان ساكس توقعت انخفاضًا كبيرًا فى معدل التضخم فى مصر ووصوله لمستويات جديدة، نحو ٢٠٪ بنهاية عام ٢٠٢٤.
وأضاف «جاب الله»: «الاقتصاد المصرى يواجه تحديات كبيرة تتمثل فى ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة»، وذكر أن سد الفجوة التمويلية الدولارية كان سببًا رئيسيًا فى تعافى الاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أن الفترة المقبلة تحتاج سياسات تشديدية لكبح معدلات التضخم، إذ إن صندوق النقد الدولى يتوقع انخفاضًا تدريجيًا فى معدل التضخم خلال عامى ٢٠٢٤ و٢٠٢٥ وصولًا إلى ٢٥.٧٪.
وأكد أن انخفاض التضخم سيؤدى إلى تحسين القوة الشرائية ونمو الأسواق وزيادة الإنتاج، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادى بشكل عام، مشيرًا إلى أن إنهاء التوترات الجيوسياسية بالمنطقة سيؤدى إلى خفض الأضرار التى تعرض لها جراء الحرب على غزة.
بدوره، أشار الخبير المصرفى، هانى حافظ، إلى أن مشكلة التضخم تعتبر أحد المؤشرات الاقتصادية الحيوية، وواحدًا من أهم التحديات التى تواجه الاقتصادات العالمية فى العصر الحالى، لأنها تؤثر بشكل كبير على حياة الناس واستقرار الاقتصاد.
وأوضح «حافظ»: «معدلات التضخم تتفاوت فى مختلف البلدان وتعتبر مصر واحدة من الدول التى تعانى من مشكلات التضخم بشكل خاص. والتضخم هو زيادة مستمرة ومستدامة فى مستوى الأسعار للسلع والخدمات فى الاقتصاد، ويقلل التضخم من قوة الشراء للعملة، ما يعنى أن نفس الكمية من المال لا تشترى الكمية نفسها من السلع والخدمات».
وتابع: «بناءً على الوضع الإيجابى الحالى وتطورات السياسة النقدية والاقتصادية فى مصر بشكل متوازن، يبدو أن تحقيق تراجع معدلات التضخم إلى مستوى ٢٠٪ بنهاية عام ٢٠٢٤ قد يكون تحديًا كبيرًا. فالتحديات الاقتصادية المتعددة التى تواجه البلاد تتطلب جهودًا مكثفة وتدابير فعّالة لمواجهة التضخم والحد من تأثيراته السلبية».
وأكمل: «على الرغم من الفرص المتاحة حاليًا والنظرة المستقبلية الإيجابية من مؤسسات التصنيف الائتمانى والتوقعات الإيجابية من العديد من البنوك والمؤسسات المالية العالمية مثل جولدمان ساكس وفيتش وبنك الاستثمار فاروس وغيرها، إلا أن هناك تحديات مستقبلية تتطلب اتخاذ تدابير وقائية من قبل الحكومة والجهات المعنية، تتمثل فى استمرار تعزيز البنية التحتية الاقتصادية لضمان استمرار النمو المستدام وتحسين الإنتاجية، فضلًا عن تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد».