زيارة تاريخية.. ماذا ستقدم جولة الرئيس الصينى إلى فرنسا والمجر وصربيا؟
من المقرر أن يزور الرئيس الصيني شي جين بينج أوروبا يوم الإثنين للمرة الأولى منذ خمس سنوات، في جولة ستشمل فرنسا والمجر وصربيا، بحسب تقرير لصحيفة الجارديان وسط خلافات كبيرة بين بكين والاتحاد الأوروبي.
تأتي الزيارة بحسب الجارديان في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتجنب حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي، في حين تتشدد المواقف تجاه بكين في الكتلة بعد فضائح التجسس المتعددة ودعم الصين المستمر لروسيا في الحرب في أوكرانيا.
تفاصيل أجندة زيارة الرئيس الصيني فرنسا والمجر وصربيا
وستكون المحطة الأولى لشي جين بينغ هي باريس، وسيلتقي الرئيس شي يوم الإثنين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وقالت أبيجيل فاسيلير، مديرة العلاقات الخارجية في ميريكس، وهي مؤسسة بحثية ألمانية تركز على الصين، إن "القيادة الصينية واضحة تماما بشأن ما تريد"، مشيرة إلى أن الرئيس شي سيركز على الضغط ضد تحقيقات الاتحاد الأوروبي لمكافحة الدعم، وخاصة فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية وعلى استقرار العلاقات الثنائية.
وقالت فون دير لاين في سبتمبر الماضي في هجوم على الصين إن الأسواق العالمية "غمرتها سيارات كهربائية أرخص وظل سعرها منخفضا بشكل مصطنع من خلال الإعانات الحكومية الضخمة"، فيما تسبب هذا التحقيق في ذعر واسع النطاق في بكين، التي تعتبره غير عادل وله دوافع سياسية.
ويوم الخميس، ألمح رئيس التجارة في المفوضية الأوروبية إلى أنه يمكن فرض الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية بحلول يونيو المقبل، بعد بدء تحقيق في دعم الدولة لتصنيع السيارات الكهربائية في الصين، وسيكون الموعد النهائي لفرض أي إجراءات هو 4 يوليو المقبل.
وقالت فاسيلير إن الصين "لا تستطيع تحمل فرض المزيد من القيود على السوق الأوروبية"، لكن في الوقت نفسه ليس لدى الصين عرض لأوروبا في هذه المرحلة وذلك لأن أحد مطالب أوروبا وعلى رأسهم الرئيس ماكرون من الصين منذ فترة طويلة هو أن يمارس الرئيس شي جين بينج الضغوط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن بعد مرور عامين على الحرب، أدرك الأوروبيون أن هذا لن يحدث.
من جهته قال البروفيسور شين دينجلي، الباحث في العلاقات الدولية المقيم في شنغهاي، إن مسألة تايوان بالنسبة للصين أكثر أهمية من مسألة أوكرانيا.
العلاقات بين ماكرون والرئيس شي جين بينج
والتقى ماكرون وفون دير لاين وشي آخر مرة شخصيًا في أبريل من العام الماضي عندما سافر الأوروبيون إلى بكين وقد أثار ماكرون، الذي وصل برفقة وفد تجاري مكون من 50 فردا وغادر ومعه 18 اتفاقية تعاون موقعة بين الشركات الفرنسية والصينية، عاصفة في تلك الرحلة عندما قال للصحفيين إن أوروبا لا ينبغي أن تصبح "تابعا لأمريكا" فيما يتعلق بقضية تايوان، فيما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان عسكريا في حالة محاولة الضم الصيني.
وأوضح شين دينجلي، أنه عندما زار الرئيس الفرنسي الصين العام الماضي وضح الأمر تمامًا فيما يتعلق بمسألة تايوان، يجب وهو أن يكون لفرنسا موقفها المستقل ولهذا الصين تقدر موقفه.
وقالت الجارديان إن العلاقة الشخصية بين شي وماكرون تحسنت العام الماضي عندما اصطحب الرئيس الصيني نظيره الفرنسي في رحلة شخصية نادرة إلى مدينة قوانغتشو في جنوب الصين وفي الأسبوع المقبل، سوف يرد ماكرون الجميل بزيارة إلى منطقة أوت بيرينيه، وهي منطقة جبلية في فرنسا.
فيما قال ويقول تشارلز بارتون، وهو زميل مشارك كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة ودبلوماسي بريطاني سابق في الصين، إنه رغم الكيمياء الشخصية بين شي وماكرون، فإن قادة الحزب الشيوعي الصيني ليس لديهم أصدقاء بل لديهم مصالح.
وتابع "أينما ترى الصين فائدة من التعامل مع أوروبا ككل، فإنها تفعل ذلك وعندما ترى فائدة من التعامل مع الأفراد، فإنها ستتعامل معهم".
علاقات متوترة بين الصين والاتحاد الأوروبي بسبب الاقتصاد
وقالت الجارديان إن التحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي في دعم الصين المزعوم لصناعة السيارات الكهربائية يعد واحدًا من سلسلة طلبتها بروكسل بشأن الإمدادات إلى أوروبا بما في ذلك الأجهزة الطبية وتوربينات الرياح، والتي يتم بيعها بنسبة 50% من تكلفة تلك المصنوعة في أوروبا والتي كانت تعتبر منذ فترة طويلة السبب الرئيسي في هذا القطاع، فيما تقول الصين إن التحقيقات التجارية لها دوافع سياسية، وأن المستهلك هو الخاسر الوحيد في حرب الرسوم الجمركية.
وقالت الصحيفة البريطانية ان التركيز على العلاقات الثنائية يأتي في الوقت الذي تتوتر فيه علاقة الصين مع الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد وهناك أيضًا مخاوف في الاتحاد الأوروبي بشأن التضليل والتدخل الأجنبي، مع اعتقال مساعد عضو البرلمان الأوروبي عن حزب البديل من أجل ألمانيا، ماكسيميليان كراه، للاشتباه في تجسسه لصالح الصين.
وفي 24 أبريل الماضي داهمت هيئات تنظيم المنافسة في الاتحاد الأوروبي المكاتب الهولندية والبولندية التابعة لشركة المعدات الأمنية الصينية "نوكتيك" كجزء من تحقيق جديد لمكافحة الدعم الأجنبي وقد أدانت وزارة التجارة الصينية هذه الخطوة.
وستكون التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية أكثر إثارة للقلق بالنسبة لبكين وفي العام الماضي، بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من السيارات الكهربائية من الصين 11.5 مليار دولار، وفقا لمجموعة روديوم.
ومن المقرر أن يزور شي أيضا أحد أقرب حلفائه في أوروبا، رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، فقد أصبحت العلاقات بين الصين والمجر وثيقة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.
علاقات قوية بين رئيسي المجر والصين
وفي فبراير الماضي عرضت الصين تعميق علاقات إنفاذ القانون مع المجر، مما أدى إلى نقل علاقتها الدافئة بالفعل إلى ما هو أبعد من المجال الاقتصادي وإلى اتفاقية تعاون أمني أثارت المخاوف في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى حيث تُعد المجر بالفعل أكبر قاعدة لشركة هواوي خارج الصين، وستستضيف البلاد قريبًا أول مصنع أوروبي لشركة صناعة السيارات "BYD".
وفي المقابل، كان أوربان من أشد المؤيدين للصين في المنتديات الدولية وفي عدة مناسبات، عارضت المجر اقتراحات الاتحاد الأوروبي التي تنتقد الصين في مجال حقوق الإنسان.