قصة فيلم الرعب بالقضيَّة رقم 1820 الذى عاشته مصر وعلاقة الـDark Web
واقعة تصلح لأن تكون قصة لفيلم رعب يحاكي أفلام الرعب الأجنبية التي كان يُعتقد أن موقعها على الشاشة فقط، ولا يمكن تصور أن يتم الحديث عن أنها قد وقعت بالفعل، بل ووقعت في مصر، وهي حادثة قتل طفل شبرا الخيمة الذي وُجد جثة في إحدى الشقق المفروشة، وقد نزع جزء من أحشائه فيما عرفت بالقضيَّة رقم 1820 لسنة 2024.
الكارثة تعود إلى أنه في البداية حرّض طفل لم يتعد عمره الـ15 عامًا مقيم في دولة الكويت أحد الأشخاص بقتل طفل ونزع أحشائه وأعضائه، وتصوير ذلك عبر خاصية الفيديو كول مقابل الحصول على مبلغ 5 ملايين جنيه، وهو ما أدى إلى قيام الشخص بارتكاب هذا الفعل الشنيع أملًا في الحصول على المبلغ الضخم.
وبعد ضبط المتهم وتحريات النيابة أكدت أنها لم تعثر بمعاينتها على أية تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود في هذه الجريمة تجارة الأعضاء البشرية، وهو ما يثبت أن الهدف هنا هو بيع فيديو الجريمة والحصول على المبلغ عبر مواقع الإنترنت غير المشروعة، وهو ما أكده المتهم الأول، فيما يوضح أننا أمام جريمة أخلاقية شنعاء غريبة على المجتمع المصري، بل والجرائم التي أعدها الأبشع في سنواته الأخيرة.
وبناء على تعليمات النائب العام، اضطلعت إدارة التعاون الدولي بمكتب النائب العام بالاتصال بالجهات المختصة بدولة الكويت والإنتربول الدولي، وهو ما أسفر عن ضبط المتهم الأول ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية، كما جرى ترحيلهما إلى مصر، فباشرت النيابة العامة استجوابهما وصولًا لأسباب ارتكاب الجريمة.
وقد أقر المتهم الأول الذي جاوز الخامسة عشرة من عمره أنه من أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها على نحو ما ورد بإقراره وذلك بقصد الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه وكذلك التمثيل بجثمانه، لكي ينتظر وقت أن تسنح له فرصة بيعها ثم نشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة.
والأكثر كارثية تأكيد هذا المتهم أن هذه لم تكن المرة الأولى لارتكاب فعلة مثل تلك، بل سبق أن قام بهذا الفعل في مراتٍ سابقة، وذلك على متصفح Deep Web أو الإنترنت المظلم، كما أنه وبفحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمتهم ووالده الذي ضبط معه أنكر الأخير صلته بتلك الوقائع.
خبير تكنولوجي: الأجهزة المحمولة في أيدي الأطفال أخطر من القنبلة الذرية
من جانبه أكد الدكتور محمد حمزة، خبير التكنولوجيا المحاضر المتخصص في مكافحة جرائم أمن المعلومات والأمن السيبراني في حديثه لـ"الدستور" أن ما يزيد قليلًا عن نسبة 4% فقط من الإنترنت يمثل الإنترنت الذي يعرفه الجميع من خلال المنصات الشرعية المختلفة، بينما هناك 96% من الإنترنت لا يُعرف عنه شيء إلا القلة المنضمة إليه، وهو الـDark Net أو الـDeep Web وهو ما يتداول عليه كل الأنشطة المحرمة.
ووصف حمزة أن هذا الإنترنت "المظلم" يمثل الساحة الواسعة لفعل كل الموبقات والجرائم التي يتخيلها الأشخاص بل، والتي لا يمكن لعقل أن يتخيلها دون وجود أي رقيب عليها.
وأوضح أن الـDark Net أو الـDeep Web سمي بهذا الاسم نظرًا لأنه إنترنت لا يمكن الوصول إليه من خلال المتصفحات المعتادة، بل إن له متصفحات خاصة وأكوادًا خاصة، ولا يستطيع أي أحد الدخول إليه إلا إذا كان عضوًا في هذا الإنترنت أو محترفًا في الهاكر، موضحًا أن من يدخل إلى هذا النوع من الإنترنت وهو جاهل به، لن يترك حتى تنفذ فيه إحدى الجرائم على يد أعضائه أو يضار ضررًا بالغًا.
وتابع أن هذا النوع من الإنترنت يتداول عليه العديد من الأعمال القذرة من بينها بيع فيديوهات جنس الأطفال، والذي عليه تخصص كامل خاص به، وكذلك بيع المخدرات المتعارف عليها وغير المتعارف عليها.
وأضاف أن هذا الإنترنت أيضًا يتم عليه تداول تجارة الأعضاء البشرية، وبيع بطاقات الائتمان المسروقة، وكذلك بيع فيديوهات التعذيب والقتل في أبشع صورهما، - مثلما حدث في هذه الواقعة الأخيرة- موضحًا أنه يتم منح القائمين على هذه الفيديوهات مبالغ طائلة نظير قيامهم بها بل وتقام عليها المسابقات وتمنح الجوائز في القتل والتعذيب الأكثر بشاعة.
كما أكد حمزة على أنه من الصعب للغاية السيطرة على الإنترنت المظلم أو الـDark Web، مشيرًا إلى أن كل من على هذا النوع من الإنترنت هم مجهولو الهوية لا أسماء لهم، ولا أحد فيهم يعرف الآخر.
ووضح خبير جرائم أمن المعلومات أن وصول الأطفال إلى هذا الـDark Web يأتي نتيجة كارثة جلوسهم أوقاتًا طويلة على أجهزة المحمول والإنترنت والذي يجعل جميع ثقافات العالم بما تحمله من أضرار بين يديهم ودخولهم إلى مواقع مجهولة، ومع الوقت وصول هؤلاء الأطفال إلى احتراف الإنترنت وعلومه وبالتالي فك أكواده، ما يجعلهم يدخلون إلى سكة هذا الإنترنت المظلمة طمعًا في الحصول على الأموال، وكذلك نتيجة مرورهم بعقد نفسية في الواقع مثل التنمر من الأصدقاء ما يعزّز حبهم للعنف مثل ما تعكسه واقعة طفل شبرا الخيمة، وما حدث له بإيعاز من طفل آخر واصفًا أن جلوس الأطفال أوقاتًا طويلة على الهواتف المحمولة يعد أمرًا أخطر من القنبلة الذرية.
نشأة الـDark Web
ولفت حمزة إلى أن بداية نشأة الـDark Web لم تكن لهذا الأهداف الخبيثة بل كانت منذ عدة سنوات على أيدي وزارة الدفاع الأمريكية والجهات الأمنية بهدف التواصل بين الأجهزة الأمنية الأمريكية المختلفة في سرية كاملة نظرًا لطبيعة العمل داخل وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، وبعد فترة سمحت الدفاع الأمريكية أن يتداوله العامة من الشعب لكي يتم تداول الأخبار عليه وتفقد مسارها بين الأخبار فلا يشعر بها أحد، إلى أن التقطه أخطر عصابات الجرائم المختلفة، واستخدمته أسوأ استخدام حتى فقدت وزارة الدفاع الأمريكية نفسها أو أي جهة السيطرة عليه حتى الآن.