تقرير: تباطؤ نمو الاقتصاد وزيادة التضخم الأمريكى أمر مزعج لمتخذى القرارات المصيرية
مع تزايد التباطؤ في نمو الاقتصاد الأمريكي والتضخم العنيد في السوق الأمريكية، يصبح اتخاذ القرارات المصيرية بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أمرًا مزعجًا للغاية في الأشهر القليلة القادمة، وخاصة بعد ظهور معدلات التراجع في النمو للربع الأول من العام الجاري بوتيرة سنوية بلغت 6. 1%، وهي الوتيرة الأبطأ منذ ما يقرب من عامين ووصول معدلات التضخم إلى المستوى الأعلى منذ عام مضى.
وفي ظل رفع معدلات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي عدة مرات، كانت الأسواق الأمريكية تتوقع استمرار القراءات الجيدة التي تعود إلى منتصف عام 2022، وذلك في ظل تقديرات الاقتصاد الحقيقي للنمو البالغة 2.4% وقراءات التضخم بنحو 3%، ولكن ما حدث أمس بشكل أساسي من مؤشرات التراجع هو ما وصفه البعض في بورصة "وول ستريت" بالوضع الأسوأ مع استمرار انخفاض النمو وضغوط الأسعار العنيدة؛ ما أحدث تراجعًا حادًا في الأسهم، وارتفاعًا في قيمة عوائد الخزانة، وكان على تجار العقود الآجلة - مرة أخرى - إعادة تقدير توقعاتهم لأسعار الفائدة للبنك المركزي الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بالأسابيع والأشهر القليلة القادمة.
وتعقيبًا على صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي من وزارة التجارة الأمريكية.. يقول ماثيو ريان رئيس استراتيجية السوق في شركة "إيبوري" العالمية للخدمات المالية "لقد رأينا اقتصادًا أمريكيًا لم يكن فقط متجاوبًا مع التوقعات، ولكن أود ان أقول إنه تجاوز المنطق التقليدي في الأشهر الأخيرة ونما بوتيرة قوية جدًا يعتقد أنه ربما لا يمكن تحقيقه في هذا الوقت الراهن، وبعد مرور هذه الفترة الطويلة من بدء الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة".
ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي الرئيسي بوتيرة سنوية قدرها 3.4% لقياس جميع البنود
وأضاف ريان - في تصريحات لشبكة "سي إن بي سي" الإخبارية الأمريكية - "في الواقع لوحظ بعض التعليقات على بورصة (وول ستريت) تشير إلى أن رقم الناتج المحلي الإجمالي ليس سببًا للقلق".. موضحًا أن المسئولين من المحتمل أن يفحصوا عن كثب بيانات مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي، الذي يعتبر مؤشر التضخم المفضل لديهم.. وتابع "خلال الربع الأول من العام الجاري، ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي الرئيسي بوتيرة سنوية قدرها 3.4% لقياس جميع البنود و3.7% للأساسي الذي يستبعد تكاليف الطاقة والغذاء، حيث سيحصل الفيدرالي الأمريكي على نظرة أكثر تفصيلية على بيانات مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي اليوم عندما تصدر وزارة التجارة الأمريكية الأرقام الشهرية لشهر مارس".
وفي السياق، قال مايك كورناتشيولي، كبير الخبراء ورئيس الاستراتيجية الاستثمارية في مؤسسة "سيتزن برايفت ويلث" لإدارة الأموال، إن تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي جاء أضعف من المتوقع يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب مع ارتفاع قراءات التضخم.. مضيفًا "كان تقرير الناتج المحلي الإجمالي لوزارة التجارة الأمريكية سيئًا"، مشيرًا إلى أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي تعتبر وسيلة واحدة فقط من أساليب النظر إلى التضخم، إلا أن اتجاه الارتفاع في التضخم الآن أصبح واضحًا.
وتابع قائلًا: "أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة اعتبار هذا الارتفاع في التضخم مؤقتًا.. وأصبح الآن قلقًا حقيقيًا، وأن البيانات المستمرة تعزز هذا الارتفاع، وهو ما تظهره لنا بيانات أسعار التضخم للمصروفات الشخصية؛ الأمر الذي يضع الاحتياطي الفيدرالي في مأزق بشأن اتخاذ القرارات في الفترة القادمة".
وفيما يتعلق بإمكانية خفض معدلات الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي.. يقول كريس لاركين المدير التنفيذي للتداول والاستثمار في (E*Trade) التابعة لمؤسسة "مورجان ستانلي": "في المدى القصير، لا تبدو الأرقام إشارة خضراء للثيران أو الدببة.. فالتحليلات غير الواضحة من المرجح ألا تخفف الضغوط في سوق تشهد أعمق انكماش لها منذ العام الماضي".
يذكر أن مصطلحي "الثيران" و"الدببة" يشيران إلى رمزين شائعين في أسواق الأوراق المالية، حيث يشير مصطلح سوق الثيران إلى السوق الصاعدة إلى فترة ارتفاع الأسعار وحالة التفاؤل في الأسواق المالية، حيث تتميز هذه السوق بالاتجاه التصاعدي المستمر؛ ما يشجع المتداولين على فتح صفقات جديدة.. بينما يشير مصطلح "الدببة" إلى حالة تراجع السوق أو الهبوط في الأسهم.
بعد نشر تقرير الناتج المحلي الإجمالي، قام المتداولون بخفض توقعاتهم لتخفيف السياسة النقدية للمحفظة الاحتياطية الفيدرالية.. وتشير بيانات تداول العقود الآجلة على الصندوق الفيدرالي التابع لـ"فيد واتش" إلى أنه من المتوقع أن يكون هناك خفض في معدل الفائدة مرة واحدة خلال العام الجاري.