قميص غزة.. الذين يريدون أن يقاتلوا إسرائيل حتى آخر جندى مصرى! «4»
شنت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة يوم السبت الموافق ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٨، ثم أعلنت وقف إطلاق النار من جانبها يوم ١٨ يناير ٢٠٠٩، وقبل ثلاثة أيام من وقف إطلاق النار أعلنت جريدة الشرق الأوسط عن انتهاء د. فضل «السيد إمام عبدالعزيز الشريف» من كتابه «قميص غزة!»، كما أعلنتْ عن حصولها على حق نشر الكتاب. وسوف أقوم فى هذا الموضوع، بأجزائه الأربعة الأولى بعرض أهم ما جاء فى هذا الكتاب، الذى يحمل فى طياته كثيرًا من الصدمات والحقائق الموجعة للكثيرين، بينما سيكون الجزء الخامس والأخير خاصًا بوجهة نظرى فيما يخص بعض ما جاء به. وأعتقد أن أهمية عرض الكتاب الآن هو ما تمر به المنطقة منذ هجمات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وما تلاها من عدوانٍ غاشم على قطاع غزة. ولكى ندرك قيمة هذا العمل، يجب أن نعرف أولًا مَن هو المؤلف، ولماذا كتب كتابه هذا كما ذكر هو فى مقدمته؟ د. فضل هو الاسم الحركى للسيد إمام الشريف الذى يحمل لقبًا جهاديًا هو عبدالقادر بن عبدالعزيز. هو أحد أهم الأسماء فى تاريخ الجماعات الإرهابية التكفيرية التى أطلقت على نفسها مسمى «الحركات الجهادية الإسلامية» فى أكثر من نصف قرنٍ. فهو من وجوه الصف الأول من «المنظرين» لهذا الفكر، وكانت بعض مؤلفاته مراجعًا جهادية تتم الاستعانة بها فى مراكز تدريب مقاتلى القاعدة وغيرها. ويكفى أن نشير إلى عناوين بعض مؤلفاته تلك حتى نعرف عمن نتحدث! فلقد حمل أحد كتبه عنوان «الإرهاب من الإسلام، ومَن أنكر ذلك فقد كفر»، بينما حمل كتابٌ آخر هو الأهم عنوان «العمدة فى إعداد العدة!»، إذن نحن نتحدث عن أحد أعمدة الفكر التكفيرى للحركات والجماعات التى اكتوت بنيران جرائمها دول الشرق الأوسط، وفى القلب منها مصر!
ثم تحول ليصبح أحد رموز ما يسمى «المراجعات الفكرية والشرعية» منذ عام ٢٠٠٧ تقريبًا حين أصدر «وثيقة ترشيد العمل الجهادى!». تشير بعض المراجع إلى أنه كان أول أعضاء المجلس الاستشارى فى تنظيم القاعدة، بينما يُصر هو على أن دوره لم يكن إلا دورًا استشاريًا شرعيًا فى أغلب الأحيان لصداقته قيادات تلك التنظيمات! وكتابه الذى سيكون موضوع هذه المقالات قد كتبه فى المرحلة الثانية من حياته، أى أنه يندرج تحت كتابات المراجعة!
«إخوان غزة» يتلاعبون بالدين من أجل مصالحهم.. وإخوان مصر يجاملونهم
تحدث د. فضل كثيرًا عن استغلال إيران قميص فلسطين، وذكر الأسباب والوسائل. وروى ما قام به إخوان مصر عام ٢٠٠٨ بجمع أضاحى المصريين وتقديمها لقطاع غزة، وفى ذلك فقد ذكر رأيًا ربما يكون مفاجأة غير سارة لكثيرين، وقدم هذا الرأى كرأى شرعى. وأبدأ هذا الجزء من كتابه بهذه الفقرات التى أدرجها تحت عنوان «محلية الصدقات وقميص غزة!»، وهذه من النقاط المهمة التى سوف أقوم بالتعليق عليها- كمواطن مصرى- فى الجزء الأخير من هذا العرض.
يقول فضل نصًا: «مع قرب حلول عيد الأضحى الماضى الذى وافق ٨ ديسمبر ٢٠٠٨ ظهرت إعلانات فى وسائل الإعلام المصرية تدعو للتبرع بالأضاحى لصالح أهل غزة، وبأسعار مبالغٍ فيها وتم جمع مبالغ طائلة لهذا الغرض. وهنا عدة ملاحظات أولها محلية الصدقات. حدد الله لمن تُعطى الصدقات وحدد رسول الله (ص) أين تعطى الصدقات؟ أما لمن تُعطى الصدقات؟ ففى مصارف الزكاة الثمانية التى ذكرها الله تعالى بسورة التوبة. وأما أين تعطى؟ فلفقراء المكان الذى جُمعت منه الصدقات. ولهذا فقد قال بعض الفقهاء بتحريم نقل الصدقة من مكانها إلى غيره، ومنهم من أجاز ما زاد على حاجة فقراء مكان جمعها. أما من أجاز نقلها بلا شروط أو لأن أهل المكان البعيد أحوج فلا حجة معه، بل قوله مخالف للنصوص. فلا يجوز نقل صدقات المصريين إلى غزة وغيرها إلا بعد سد حاجة فقراء مصر، ولا يجوز دفع الصدقات أو الزكاة أو ثمن الأضاحى لمن أعلن عن أنه سينقلها إلى غزة. ثانى الملاحظات هى ظلم فقراء مصر، واستغفال المصريين بقميص غزة. وحقيقة ما حدث فى موضوع نقل أضاحى المصريين وغيرها من التبرعات والأدوية إلى غزة هو أن الإخوان المسلمين فى مصر يجاملون الإخوان المسلمين فى غزة (حماس) ويحلون مشاكلهم على حساب فقراء مصر، وبهذا يكسب إخوان مصر الشعبية وتكسب حماس شعبية فى غزة على حساب ظلم فقراء مصر بحرمانهم من أضاحى وصدقات المصريين، كما تم استغفال أغنياء مصر بجمع أموالهم وإنفاقها فى غير المكان الذى حدده الرسول (ص)، وتم هذا كله بقميص غزة. فلا يجوز نقل اللحوم ولا الدقيق ولا الدواء من مصر إلى غيرها إلا بعد سد حاجة فقراء مصر.. فقراء مصر هم الأقربون وهم أولى بالمعروف.. لكن الجميع قد تم إسكاتهم وخداعهم بقميص غزة..».
ويرى فضل أن ما قام به إخوان مصر فى ذلك التاريخ بجمع الأضاحى وإرسالها إلى قطاع غزة كان تبادل منافع بين ذراعى جماعة الإخوان فى مصر وفى قطاع غزة، وأن الذراع الغزاوية أو حماس قامت برد الجميل سريعًا.. «حماس ترد التحية بأحسن منها. أرسل إخوان مصر أضاحى المصريين إلى إخوان غزة حماس، وكان عيد الأضحى فى ٨ ديسمبر ٢٠٠٨، فلم يمض أسبوع إلا وقد ردت حماس التحية فقامت بعقد مؤتمر جماهيرى فى ١٣ ديسمبر أعلنت فيه عن تجديد البيعة والولاء للإخوان المسلمين، وكعادتهم فى تقديم الأكبر سنًا من أعضاء الإخوان فقد نهض عبدالفتاح دخان إلى منصة الخطابة ورفع قبضة يده اليمنى عاليًا فرفع الحضور- ٢٠٠ ألف يتقدمهم قادة حماس- أياديهم اليمنى، وانطلق بصوت جهورى يردد ويردد وراءه الحاضرون (أعاهد الله أن أخلص لدعوة الإخوان المسلمين، والقيام بشرائط عضويتها والثقة التامة بقيادتها، والسمع والطاعة)، وهذا يعنى باختصار أن من يريد شيئًا من حماس فليتكلم مع قادة الإخوان فى مصر، وبهذا تكتسب هذه القيادة الشرعية التى تبحث عنها بعد أن جاملهم إخوان مصر بأضاحى المصريين وحرمان فقراء مصر منها».
ثم يتحدث د. فضل عن كواليس واقعة مهمة حدثت فى ذلك العام وهى قيام حماس بمنع أهل القطاع من الحج.. «وإخوان غزة حرموا مسلمى غزة من الحج لأغراض سياسية، وهذا نموذج للتلاعب بأحكام الدين من أجل المصالح الشخصية والسياسية من المتحدثين عن الإسلام. فلماذا منعت حماس الحجاج من الخروج من غزة للحج؟ حاولت حماس الحصول على شىء من الشرعية من جانب مصر والسعودية من طريق إرسال الحجاج ببطاقات منها دونما جوازات من السلطة الفلسطينية، وكان المراد بذلك الحصول على الاعتراف وإحراج مصر والسعودية. وسارعت السلطة الفلسطينية- أبومازن- للاعتراف بكل حجاج حماس، وهيأت للمساعدة على استقبالهم من الجهة المصرية، لكن حماس كان قد استجد لديها هدف آخر يتمثل فى مهاجمة مصر والسعودية وبدوافع ما عادت خفية على أحد، وتنحصر فى الاستجابة لإيران التى دعمتها ولا تزال تدعمها لتمكينها من الاستمرار فى تقسيم الفلسطينيين أرضًا وشعبًا.. وبهذا صارت فريضة الله (الحج) لعبة وورقة سياسية عند الإخوان المسلمين- حماس- للتمسك بالسلطة ولتصفية حسابات سياسية. ولم ينكر عليها هذا التصرف لا إخوان مصر ولا قادة حماس فى دمشق ولا مرشد الثورة فى إيران ولو بتوجيه نداء لإطلاق الحجاج المحصورين عندها. كلهم سكتوا وتواطأوا على الباطل، فلا مبالاة عندهم لا بالرب ولا بالشعب فى سبيل السلطة».
ما قدمته إيران لفلسطين هو شعارات وبعض الأموال وتفريق الشمل!
يفتح فضل ملف إيران والقضية الفلسطينية تحت عنوان «إيران وقميص غزة» ويستفيض فى تتبع كيف ولماذا استغلت إيران القضية الفلسطينية التى تم تسويقها للجماهير على أنها «أم القضايا»؟.. يقول فضل: «ماذا قدمت إيران لفلسطين؟ الشعارات والكلام وبعض الأموال وتقسيم شمل الفلسطينيين، لقد كانت سيرة إيران دائمًا هى الإضرار بفلسطين، ومنذ حكم شاه إيران قبل ثورة الخمينى عام ١٩٧٩ كان الشاه حليفًا لأمريكا وإسرائيل، وكلما توترت الأوضاع بين إسرائيل ودول الطوق (مصر والأردن وسوريا) كان الشاه يحرك جيشه نحو حدوده مع العراق ليشغل جيش العراق. مذهب الشيعة أنه (لا جهاد إلا بإمام)، أى أنه فى غياب الخليفة لا يجوز الجهاد. والخليفة الذى يجب الجهاد معه ويحرم بدونه هو الإمام الثانى عشر وهو المهدى المنتظر، وهو محمد بن الحسن العسكرى، ويقولون إنه اختفى وهو صبى فى سرداب بمدينة سامراء بالعراق منذ ألف عام ومن وقتها وهم ينتظرون خروجه كل يوم جمعة عند السرداب حتى أذان المغرب. وفى العصر الحديث ولما أرادوا الخروج على شاه إيران كانت هذه عقبة أمام خروجهم أو جهادهم، لأنه لا جهاد إلا بإمام، فاخترع الخمينى نظرية (ولاية الفقيه) ليقوم بدور النائب عن الإمام الغائب، وحتى اليوم يوجد مشايخ من الشيعة من يعارض هذه النظرية».
ويستكمل فضل تفسير الدور الإيرانى فى استغلال «أم القضايا» قائلًا: «ونظرًا للنفور القديم بين السنة والشيعة فقد لجأ الخمينى إلى عدم الكلام فى الخلافات بينهما، ثم أراد الإمساك بورقة قضية إسلامية مهمة تجمع حولها المسلمين سنة وشيعة، ولم تكن هناك ورقة أفضل من فلسطين أم القضايا.. وهى نفس الورقة التى لجأ إليها بن لادن كما قال تابعه أيمن الظواهرى نصًا فى كتابه (فرسان تحت راية النبى «ص») الذى كتبه قبل أحداث سبتمبر ٢٠٠١. يقول الظواهرى فى كتابه (إن الحقيقة التى يجب التسليم بها هى أن قضية فلسطين هى القضية التى تلهب مشاعر الأمة المسلمة من خمسين عامًا، لذا يجب على الحركة الإسلامية المجاهدة أن ترفع شعار تحرير المقدسات الإسلامية الثلاثة الكعبة المشرفة والمسجد النبوى الشريف والمسجد الأقصى المبارك، بهذا تجتمع لها أزمة قيادة الأمة المسلمة وتلتف حولها قلوب المسلمين فى بقاع الأرض)، فقضية فلسطين عندهم ما هى إلا شعارات للوصول إلى قيادة الأمة المسلمة».
هتافات «الموت لأمريكا والموت لإسرائيل» لا تكلف شيئًا إلا مظاهرة وميكروفون وحرق علم
أما كيف فعلت إيران ذلك؟ فيجيب فضل فى فقرات مطولة.. «وكان مما فعلته إيران للإمساك بورقة فلسطين.. الاستيلاء على السفارة الأمريكية فى طهران عام ١٩٨٠، واحتجاز دبلوماسيين بها كرهائن، وهذا التصرف مخالف للشريعة الإسلامية التى تؤمن الرسل وتنهى عن التعرض لهم بأى أذى. ولما قدم رسولا مسيلمة الكذاب على النبى (ص) قال لهما لولا أن الرسل لا تُقتل لضربت عنقكما. ثم سلمت إيران السفارة لياسر عرفات لتكون سفارة لفلسطين فى طهران، وقالوا لعرفات كما سلمناك هذه السفارة سنسلمك مفاتيح القدس، أى أنهم صاروا هم أصحاب قضية فلسطين أم القضايا».
ويستطرد فضل مستكملًا الوسائل التى لجأت إليها إيران لاستغلال قميص فلسطين: «ثم حدثت جفوة بين ساسة إيران وعرفات، فقد كانوا يريدونه تابعًا لهم، وبذلك يكونون أوصياء على فلسطين وقادتها، فى حين كان عرفات يريد أن يخدمه الكل، وينفذ طلباته، لأنه أبوالقضايا، فلم تستمر العلاقات بينهما. فلجأت إيران إلى المنظمات الشعبية للالتفاف على الحكومات، ولتكون بيدها أوراق سياسية تتدخل بها فى الشئون الداخلية والخارجية لدول المنطقة. ومن هذه الأوراق حزب الله اللبنانى، وهو إيرانى الصنع والتبعية مائة فى المائة، وصرح زعيمه حسن نصر الله بأن فى عنقه بيعة للولى الفقيه فى طهران. صنعته إيران لفشلها فى احتواء حركة أمل الشيعية، ومنظمة الجهاد الإسلامى الفلسطينى ومؤسسها د. فتحى الشقاقى، وهو أيضًا من إخوان فلسطين، ومن تلاميذ الشيخ أحمد ياسين، لكنه بدأ نشاطه قبل حماس، كما بدأ علاقته بإيران قبل حماس منذ أن كان طالبًا بمصر عام ١٩٨٠، وتأثر بثورة إيران وألّف كتابه (الخمينى.. الحل الإسلامى والبديل)».
يعرى فضل حقيقة الدور الإيرانى المزعوم فى مساندة القضية الفلسطينية فى فقرات عديدة منها.. «ماذا فعلت إيران فى محنة غزة الحالية؟ قررت الحكومة الإيرانية تشكيل وفد خبراء من رجال القانون الإيرانيين البارزين لتنظيم شكوى خاصة لرفعها إلى المحاكم المحلية والدولية المختصة ضد القادة الإسرائيليين.. تمخضت إيران وصواريخها وفتواها فولدت شكوى! عندما قام بن لادن بتفجير السفارة الأمريكية فى نيروبى أغسطس ١٩٩٨ قام الأمن الإيرانى بإصدار تعليمات للجماعات الإسلامية المختلفة المقيمة فى إيران: قيدوا فيها تحركاتهم ومنعوهم من الاتصالات التليفونية وقالوا لهم (أنتم تريدون أن تخربوا بيوتنا، نحن لدينا سبعون مليون مواطن، نحن مسئولون عنهم، وغير مستعدين لتحمل تبعات مغامراتكم)، هذه هى المواقف الرسمية الإيرانية الحقيقية. ولكن لا مانع لديهم من المتاجرة بقميص فلسطين وقميص غزة، والموت لأمريكا والموت لإسرائيل شعارات لا تكلف شيئًا إلا مظاهرة وميكروفون وحرق علم».
«حماس» تريد أن تنفرد بالقرار وعلى الآخرين سداد الفاتورة ودفع الثمن
يوجه فضل جزءًا من كتابه لمخاطبة الشعوب العربية تحت عنوان: «الشعوب العربية وقميص غزة»، ولا أجد أفضل من تلك العبارات القاطعة الموجعة لكى أختتم بها هذا العرض الموجز لهذا الكتاب الذى تجددت أهميته بعد ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر، وما تلى ذلك من عدوانٍ غاشم على أهل قطاع غزة، وذلك قبل أن أختتم هذا الموضوع بالجزء الأخير الذى خصصته للتعليق على بعض ما جاء فى هذا الكتاب الوثيقة.
يقول د. فضل: «مع بدء مأساة غزة الحالية هاجت بعض الشعوب العربية وخرجت فى مظاهرات تصب غضبها على مصر فقط، كلهم يريدون أن يقاتلوا إسرائيل حتى آخر جندى مصرى وآخر جنيه مصرى. ونفس هذه المظاهرات هى التى استفزت جمال عبدالناصر على خوض حرب ٦٧ بدون استعداد كاف فكانت النتيجة ما قد عرفتم.. عندما سجنونى فى اليمن ظلمًا ٢٠٠١- ٢٠٠٤ قال بعض الشباب المسجونين لمدير المخابرات اليمنية اللواء غالب القمش: إذا كنتم لا تريدوننا فى اليمن اتركونا نذهب إلى فلسطين بوسائلنا الخاصة لنقاتل اليهود، فقال لهم القمش: أنتم عايزين تجيبوا لنا مصيبة..».
«مأساة غزة اليوم أن حماس تكرر خطأ عرفات. اعتبرت نفسها أنها أبوالقضية مثل عرفات، وتريد الكل أن يخدمها ويكون طوع أمرها، وتريد حماس أن تنفرد بالقرار، وعلى الآخرين سداد الفاتورة ودفع الثمن».
«إسرائيل وافقت على حكم ذاتى كامل لعرفات عام ١٩٧٨، لأنها شعرت أن وراءه مصر وكل الدول العربية، فلما رفض وصار وحيدًا بعد ذلك بلا ظهر لم يحصل على شىء».
«وكما دخل حزب الله المغامرة الأليمة فى لبنان ٢٠٠٦م وأعلن فورها عن الانتصار العظيم، ثم أعلن خطاب الندم بعد ذلك بشهر بسبب الخسائر الفادحة وقبل بالهدنة وبقوات دولية، فكذلك ستفعل حماس لتكرر كارثة أخرى من كوارث الإخوان المسلمين».
«حماس انفردت بالقرار وعليها وحدها تحمل التبعات لا أن تستغفل الآخرين بقميص غزة وتحملهم التبعات والأخطاء، حماس هى التى قامرت بأهل غزة، وهى التى نقعت قميص غزة فى الدماء، وعليها وحدها أن تغسله. فلا يجوز السعى فى قهر العدو على حساب تضييع المسلمين كما تفعل حماس اليوم فى غزة.. ما تفعله حماس اليوم فى غزة إنما هو ضد المقاصد الشرعية للجهاد، إذ تسببت فى إشعال حربٍ معلوم مسبقًا أنها ستدمر غزة وأهلها وفيهم مستضعفون. وفى غزوة الأحزاب وضع النبى (ص) النساء والأطفال فى حصن بالمدينة بعيدًا عن ميدان المعركة حتى لا يُصابوا بضرر. وكان أحمد بن حنبل- رحمه الله- يكره أن ينقل المجاهدون ذراريهم- نساءهم وأطفالهم- إلى الثغور المخوّفة، أى نقاط التماس الساخنة مع العدو، حتى لا يصيبهم العدو، فجاء حزب الله وحماس وأطلقا صواريخهما من وسط النساء والأطفال ليصنعا لنفسيهما بطولات على حساب هؤلاء، ثم صرخا «أغيثوا غزة.. غزة منكوبة».
«وبعد مضى أسبوع على بدء الحرب فى غزة بدأ الحديث عن إعادة إعمار غزة، فأقول: لماذا يبنى الإنسان مدنًا وعمارات وهم عاجزون عن حمايتها؟ هذا سفه وإسراف. أما إذا ما استقرت الأمور فإن المسئول عن إعمار غزة هو حماس وحدها، فمن كَسَر جَبَر.