سعيد احجيوج يبوح بأسرار "كهف الألواح".. رحلة في دهاليز الذاكرة والواقع
عن أحدث إبداعاته الروائية، نوفيلا "كهف الألواح"، الصادرة قبل يومين عن دار هاشيت أنطوان نوفل في بيروت، تحدث الكاتب المغربي محمد سعيد احجيوج، لــ “الدستور” في تصريحات خاصة عن عمله السردي الجديد.
كهف الألواح – رحلة عبر متاهات الذاكرة
وفي مستهل حديثه لـ“الدستور” عن روايته/ نوفيلا أو رواية قصيرة “كهف الألواح”، قال “احجيوج”: تنتمي الرواية، كأغلب رواياتي إلى أدب ما بعد الحداثة الموسوم بالتجريبية والخوض في عوالم سردية غير مألوفة، وهو أمر سبق أن أشاد به نقاد عرب في حق روايات سابقة صدرت لي، مثل شهادة الناقد أنطوان أبو زيد: "ما يطرحه الكاتب محمد سعيد احجيوج، أو يجربه في بناء الرواية العربية، هو أن يدخل إليها عناصر ليست من طبيعة السرد، أو أي من أساليب القص المألوفة".
وأوضح “احجيوج”: في رواية كهف الألواح، ينطلق القراء في رحلة فكرية محيرة عبر ألغاز الذاكرة ومفارقات القدر. تبدو الدلائل ملتبسة بشكل مقصود، محفّزة القرّاء على فك الأسرار المخبأة في كلمات الرواية من خلال سرد مسارات متشعبة في عوالم الذاكرة، تمزج بين الواقع والخيال، أدعو القرّاء إلى التساؤل حول طبيعة الحقيقة نفسها.
لحظات سردية
ولفت “احجيجوج” إلي: يقدم كل فصل في "كهف الألواح" سلسلة من اللحظات السردية، المتكررة في حركية دائمة من العود الأبدي، حيث تتغير الشخصيات والأحداث بشكل طفيف مع كل إعادة سردية. من خلال هذا التكرار، تتحول القراءة إلى تجربة تحويلية، تمحو الحدود بين الكاتب والقارئ، يصير القارئ خلالها كاتبا هو الآخر لنص منفتح على التأويلات.
واستكمل احجيوج: رواية كهف الألواح، عبارة عن حركاتٍ سرديّة، أقرب إلى مشاهد تتكرّر في الرأس، لكن مع اختلافات بسيطة في كلّ مرّة، تظهر إمّا بتبدّل ملامح إحدى الشخصيّات وإمّا بتغيير اسمها، أو في تفاصيل من تاريخها العائلي. الأحداث التي تجري هي الثابت الوحيد. ومن خلال تكرارها، تصير القراءة والكتابة فعلًا واحدًا.
إطلالة على الكاتب محمد سعيد أحجيوج
فضلا عن روايته “كهف الألواح”، سبق وصدر للكاتب محمد سعيد احجيوج، رواية "كافكا في طنجة" الطبعة الأولى ديسمبر 2019، الطبعة الثانية مايو 2024. ترجمت الرواية إلى الإنجليزية واليونانية، مع مقتطفات بالعبرية والإيطالية. رواية "أحجية إدمون عمران المالح" وصدرت بيروت 2020. تأهلت الرواية إلى القائمة القصيرة لجائزة غسان كنفاني للرواية العربية عام 2022، وصدرت بالعبرية في القدس 2023. رواية "ليل طنجة" وصدرت في القاهرة عن دار العي عام 2022. حصل مخطوط الرواية على جائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة 2019. رواية "متاهة الأوهام" بيروت 2023.
ومما جاء في رواية “كهف الألواح” نقرأ: "استيقظتْ ولمْ يكنْ حلمًا. أوْ بالأحرى لمْ يبدُ كأنَّهُ حلمٌ، بلْ حياةً عاشتها. هيَ خلودٌ. اسمُها خلودُ العمراني. تبتعدُ حثيثًا عنْ الثلاثينَ نحوَ سجنِ الأربعينَ، مطلقةٌ أوْ ربما ليسَ بعدُ. خلودٌ هيَ أنا. لكِّنني أكتبُ بضميرِ الغائبِ سعيًا إلى موضوعيةٍ أكبرَ؛ للوصولِ إلى الحقيقةِ المجرّدةِ التي تطلبُها سيدِي المفتشَ، ولوْ أنَّ الحقيقةَ الوحيدةَ الثابتةَ هيَ أنَّهُ لا حقيقةَ مطلقةٌ، أوْ مجردةٌ، يمكنُنا أنْ نحيطَ بها الحقيقةُ وهمٌ. نعمْ سيدِي المفتشُ، وهمٌ، وها أنتَ بنفسكَ تقرأُ ما أكتبُ من حقائقَ مفترضةٍ، أو حكاياتٍ متداخلةٍ، أظنكَ لن تُخرجَ منها خيطًا واحدا سليما إلّا بشقّ الأنفسِ.
الآنَ، ترتبُ خلودُ أفكارَها على الورقِ. الحقيقةُ الأولى: جثةُ إيزل اختفتْ. الحقيقةُ الثانيةُ، ويفترضُ أنَّها الأولى: عدنان تبخّرَ وما عادَ لهُ وجودٌ. الحقيقةُ الثالثةُ: ثمةَ جثةُ رجلٍ إسبانيٍّ. هذهِ الحقيقةُ الثالثةُ هيَ كلُّ ما يهمُّ المفتشَ. هوَ لا يعرفُ عدنان، ولا يهمُّهُ البحثُ عنْ جثةِ إيزل التي لا يعتبرُها موجودةً خارجَ عقلِ خلودٍ، وما يريدُهُ هوَ أنْ تفصّلَ خلودٌ، أنْ تكتبَ اعترافًا مفصلًا، عنْ علاقتِها بالجاسوسِ الإسبانيِّ ومقتلِهِ.