الهدوء القاتل.. غموض بشأن مستقبل حرب غزة بسبب انشغال إسرائيل بهجوم إيران
أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه في الوقت الذي تدرس فيه إسرائيل خططها للرد على الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية، فإن مصير ما يقرب من مليوني فلسطيني في قطاع غزة في مدينة رفح الحدودية أصبح على المحك.
وتابعت أن إسرائيل قالت منذ أسابيع، إنها ستشن عملية برية في الزاوية الأخيرة من المنطقة التي لم تشهد قتالًا بريًا عنيفًا، رغم المعارضة الشديدة من أقرب حلفائها.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن جيش الاحتلال كان يعتزم البدء في إسقاط منشورات تطالب بالإخلاء مساء الإثنين الماضي، لكنه ألغى العملية بعد الهجوم الإيراني، وتركز حكومة الحرب الآن على دراسة خيارات الرد الانتقامي، لكن الحكومة تصر على أن العملية ستستمر.
وفي مساء أمس الأول الإثنين، عقد وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يوآف جالانت، جلسة إحاطة حول خطط الإعداد للعملية في رفح، وقالت حكومته في بيان إن التركيز كان على إجلاء المدنيين وتوصيل المساعدات.
شهادات صادمة عن الهدوء القاتل.. ماذا حدث في غزة؟
وتابعت الصحيفة البريطانية، أنه في ظل انشغال إسرائيل بالرد على الهجوم الإيراني والهدوء الحذر في غزة، حاولت مجموعات كبيرة من النازحين، الذين يشعرون بالقلق من احتمال وصول القوات الإسرائيلية الذين سئموا العيش في ملاجئ مكتظة، التوجه شمالًا في الأيام الأخيرة، لكن القوات الإسرائيلية فتحت النار على مجموعة واحدة يوم الأحد فقتلت خمسة أشخاص.
مها الحسيني، ناشطة حقوق الإنسان في منظمة يوروميد التي عاشت في مدينة غزة قبل الحرب، انضمت إلى طوابير من الناس المتجهين شمالًا مع عائلتها.
وقالت: "كنت أبحث عن ملجأ أذهب إليه من رفح طوال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية، حيث كانت إسرائيل تهدد بشن هجوم عسكري هناك، عندما يقوم الجيش الإسرائيلي بغزو مكان ما، تكون الهجمات عشوائية".
بشير عليان، 52 عامًا، موظف سابق في السلطة الفلسطينية، قال: "التعاطف تحول إلى إسرائيل الآن، يخشى الكثيرون أن الهجوم الإيراني قد أدى إلى تشتيت جهود المساعدة لإنقاذ غزة".
وتابعت الصحيفة أنه عندما سمعوا أن بعض الفلسطينيين تمكنوا من العودة إلى مدينة غزة، سارعوا إلى حزم أمتعتهم والمغادرة، وقال عليان: "لم نهتم حتى بالمجاعة أو الهجمات العشوائية المكثفة أو قصف أحياء بأكملها، أردنا فقط العودة إلى منازلنا".
وأضافت أن النازحين انضموا إلى طابور من آلاف آخرين يسيرون أو يقودون سيارات أو يركبون عربات تجرها الحمير على طريق الرشيد الساحلي، وفي الوقت الحاضر، يفصل حاجز معزز يبلغ طوله 37 ميلًا (60 كيلومترًا) ونقاط تفتيش عسكرية إسرائيلية مدينة غزة عن أي مكان جنوب نهر غزة، ومع اقتراب الحسيني وعائلتها، بدأ الهجوم.
عودة النازحين إلى شمال غزة بعد الهجوم الإيراني
وقالت مها الحسيني: "عندما وصلنا إلى شمال النصيرات، النقطة الأخيرة قبل مدينة غزة، بدأ القصف الإسرائيلي المكثف، وكان هناك قصف مدفعي، وقصف بحري، ودوي حواجز صوتية من طائرات إف-16".
وتابعت: "لقد وجدنا أنفسنا للتو وسط حريق، حيث ركض الجميع إلى الوراء، وكان الناس يصرخون ويبكون، كان من الصعب قيادة سيارتي والعودة إلى الجنوب، لذلك توجهت إلى ملجأ آخر في دير البلح، وهذا هو النزوح الثالث لي منذ 17 أكتوبر".
وأوضحت الصحيفة، أن قضية عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة لا تزال نقطة شائكة خلال المفاوضات الأخيرة مع حماس حول وقف محتمل لإطلاق النار واتفاق إطلاق سراح المحتجزين.
وتابعت أن سكان شمال غزة البالغ عددهم 300 ألف نسمة والذين ما زالوا يعيشون هناك، من نوع من الحصار الإسرائيلي المشدد بخلاف الحصار الأصلي، في ظل نقص شديد في الغذاء وغيره من الضروريات، بسبب الضوابط الإسرائيلية.
وأضافت أن جلب الغذاء والإمدادات الأخرى من الجنوب أمر صعب وخطير من الناحية اللوجستية؛ وقد تم تسليط الضوء على المخاطر عندما قتلت القوات الإسرائيلية سبعة من العاملين في المجال الإنساني الدوليين من جمعية المطبخ المركزي العالمي الخيرية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه قبل الهجوم الإيراني، كان حلفاء إسرائيل الدوليون الرئيسيون يزيدون الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب عدد الشهداء والضخايا من الغارات الجوية، والمجاعة التي تلوح في الأفق والكارثة الإنسانية الأوسع في غزة.
حذرت الإدارة الأمريكية منذ أشهر إسرائيل من الدخول إلى رفح دون خطة شاملة لحماية المدنيين، حتى مع قول نتنياهو إن أربع كتائب من حماس تحتمي هناك ويجب استهدافها.
وفي جباليا الواقعة على الطرف الشمالي لمدينة غزة، قال طبيب في أحد المستشفيات القليلة العاملة إنه يخشى على نفسه وعلى المرضى، بعد أن أرسل الجيش الإسرائيلي أوامر جديدة للإخلاء.
وقال محمد صالحة، القائم بأعمال مدير مستشفى العودة في شمال غزة: "أرسل جيش الاحتلال الإسرائيلي رسائل الليلة الماضية وهذا الصباح إلينا في الشمال لمغادرة مناطق مثل بيت حانون وجباليا، وهي أماكن قريبة من هذا المستشفى، ربما يفكرون في استهداف هذه المناطق".
وتابع: "نحن قلقون حقًا بشأن عودة الإسرائيليين إلى شمال غزة وجولة أخرى من القصف - كانت هناك غارات ليلًا، الوضع مزدحم للغاية في مخيم جباليا للاجئين".