محمد عبيد المهيري يكتب: مهمة لإطفاء الحرائق
مع بداية انطلاق الصواريخ والمسيرات الإيرانية مساء السبت نحو إسرائيل ردا على استهداف قنصلية طهران في دمشق مطلع الشهر الجاري، أصبحت منطقتنا العربية في بؤرة النيران والحروب مجددا فما تكاد تخمد جذوة حرب أو صراع قائم أو اقتربنا من الوصول لحل إلا ويبدأ صدع آخر يهدد المنطقة برمتها التي تحولت العديد من دولها إلى ساحة للحروب وتصفية الحساب، فيما يدفع أبنائها وشعوبها ثمن هذه المغامرات وتصفية الحسابات.
كانت الدول العربية وعلى رأسها الإمارات ومصر والأردن والسعودية وغيرهم أول من بادرو بالدعوة إلى وقف التصعيد بين إيران وإسرائيل بل وعرض الوساطة والتهدئة بين الجانبين، فقادة دولنا العربية يدركون مخاطر اندلاع حرب إقليمية جديدة مباشرة بين دولتين وليس مجرد حرب بالوكالة لأن نيرانها ستطال الجميع وستكون الدول العربية وقودا لهذه الحرب سواء بشرا أو موراد ستحرقها ماكينة القتل والدمار.
دولة الإمارات وعلى رأسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كانت من أول المبادرين لمنع اندلاع حرب جديدة لن تبقي ولا تذر وستحرق الأخضر واليابس على حساب الأبرياء والشعوب المكلومة، بينما تستمر حرب غزة التي أكملت نصف عام استشهد وأصيب فيها عشرات الآلاف ودمرت المنازل وهجرها أهلها رغما عنهم وما زالوا يأملون ويكافحون للعودة إليها مجددا وبنائها بما بقي من دمائهم وقوتهم.
الشيخ محمد بن زايد أجرى اتصالات عاجلة بملك الأردن عبد الله الثاني وكذلك ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير قطر تميم بن حمد، على ضوء هذا التصعيد، ليؤكد مع أشقائه من القادة العرب وغيرهم، على ضرورة خفض كافة أشكال التصعيد ومنع توسع رقعة الصراع في المنطقة بل وتجنهبا تبعات أزمات جديدة، لأنه بحكمته المعهودة يدرك أن الأسوأ لم يأت بعد وسيخرج الجميع خاسرا، ولن تبقى سوى الجماجم المحطمة والدماء التي لن تجف.
رئيس دولة الإمارات أكد أيضا خلال مباحثاته مع أشقائه على أهمية تنسيق الجهود العربية في ظل التطورات التي يشهدها الإقليم، لأن ما يجري يتطلب موقفا عربيا موحدا وقويا ومتسقا يجنب المنطقة ويلات الصراع الجارية وتحويل أرضهم وديارهم إلى مجرد ساحة للقتال وتصفية الحسابات.
كذلك كان بيان وزارة الخارجية الإماراتية واضحا ع فقد دعت إلى وقف التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر في المنطقة مع ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب التداعيات الخطيرة وانجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
الإمارات وضمن نهجها الدائم أكدت أن حل مثل هذه الخلافات لن يكون إلا بالحوار وعبر القنوات الدبلوماسية واحترام سيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة، فقد أدركنا جميعا واكتوينا بنيران المؤامرات والقصف المتبادل ولم نجني منه سوى الخراب والدمار.
فهذه دعوات صادقة من الإمارات وأشقائها العرب وتحركات جادة لإطفاء الحرائق التي تريد أن تحرق ما تبقى من منطقتنا وأن تأخذ بيد من أصابته نيران هذه الفتن والمؤامرات، فهل استجاب العالم لصدق هذه الدعوات لإنقاذ ما تبقى من إنسانيته؟