القائد والقدوة
دائمًا ما يعطى الرئيس عبدالفتاح السيسى المثل والقدوة الحقيقية لما يجب أن يكون عليه القائد، خاصة فى الأوقات الصعبة التى تمر بها البلاد، وأيضًا التى تمر بها العائلات التى فقدت أحد أبنائها من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لكى تظل راية مصر وهاماتها مرفوعة دائمًا..
إن من أصعب وأشد أوقات الحزن التى تمر بها الأطفال بالذات هى تلك الأوقات التى يشعر خلالها هذا الطفل باليتم، وبحاجته إلى أبيه، لكى يحتفل معه بالأعياد ويتوجه معه لشراء ملابس العيد الجديدة، ويرسم على وجهه السعادة وهو يرتديها مع زملائه وأصحابه فى السكن أو الشارع أو المدرسة.. ويالها من لحظات حزينة عندما يفتقد هذا الطفل أو الطفلة هذا الشعور وتلك الفرحة؛ لأنه أصبح يتيمًا بعدما استشهد أباه وهو يدافع عن تراب الوطن.. وهنا تظهر شهامة القائد وأبوته الحانية عندما يشارك هؤلاء الأطفال فى تلك الأعياد ويرسم الابتسامة على وجوههم، ويتحدث معهم عن بطولات آبائهم، خاصة عندما تظهر صورة الشهيد على اللوحة الخلفية، وينظر إليها الأبناء بفرحة وفخر وقد رأيت أكثر من طفل يشير إلى صورة والده عند ظهورها وهو مع والدته أو أجداده أثناء تسلمهم درع الشرف والكرامة من الرئيس، وكأن هذا الطفل يريد أن يقول للحاضرين هذا هو أبى الذى ضحى بحياته لكى نعيش ونبقى هنا لنحتفل بأعيادنا رغم غيابه عنه.
لقد رسخ الرئيس فلسفة جديدة للحكم تقوم أساسًا على الاهتمام بالإنسان المصرى منذ مولده وحتى نهاية مشوار حياته، وقد أكد سيادته ذلك فى كلمته التاريخية التى ألقاها فى أعقاب أداء القسم الدستورى؛ ليعلن عن بدء مرحلة جديدة للدولة المصرية يأتى من ضمن محاورها الاهتمام بالمواطن المصرى، خاصة الشباب الذين يمثلون الأغلبية من الشعب.. وقد طلبنا من سيادته فى مقال سابق ضرورة الاهتمام بالنشء من الأبناء والبنات وربطهم بوطنهم من خلال برنامج وطنى طموح لزرع الوعى والانتماء بوطنهم.. ولعل ما شاهدناه فى الاحتفالية المبهجة بعد أداء صلاة عيد الفطر، ومشاركة سيادته هؤلاء النشء فرحتهم بالعيد مع ذوى الإعاقة يكون إشارة واضحة لتفعيل هذا التوجه، ورسالة لجميع الهيئات والمجالس القومية والوزارات المعنية بأن ينتهجوا هذا النهج خلال المرحلة القادمة، خاصة على ضوء محاولات تغييب عقول هؤلاء الأبناء من خلال برامج السوشيال ميديا الموجهة ضدهم، وكذلك بعض المسلسلات التى عرضت مؤخرًا، والتى تتضمن أفكارًا سوداء لاستغلال شبكات التواصل الاجتماعى فى الحصول على مكاسب مادية من خلال تصرفات غير أخلاقية يتم تداولها بين الشباب والفتيات، وهو أمر يجب أن تتم مناقشته على أعلى المستويات الدينية والاجتماعية وأيضًا الأمنية، خاصة أن هناك بالفعل تزايد ملحوظا فى تلك التصرفات والأفعال المشينة والمسيئة للمجتمع المصرى الذى يقوم أساسًا على قيم ومبادئ وأخلاقيات أصيلة توارثنها عبر سنوات طويلة.
هناك جمهورية جديدة يتم إرساء قواعدها حاليًا تتطلب معطيات كثيرة لا يمكن أن تتحقق بين ليلة وضحاها ولكن عندما يشير القائد أن الداعم الأساسى والرئيسى للجمهورية الجديدة هو الإنسان المصرى فإنه لا بد أن تتضافر الجهود للاهتمام بكل ما يتعلق به.. والحقيقة إننى أرى بعض الإرهاصات التى تشير إلى ذلك لعل أحدثها ذلك القرار الذى إتخذه المجلس القومى للأجور عن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى 6000 جنيه اعتبارًا من شهر مايو المقبل، وذلك فى إطار الحرص على تحقيق مصلحة العاملين خاصة مع المتغيرات الاقتصادية الداخلية والخارجية، وأيضًا سعيًا الى الحفاظ على حقوق العمال ومكتسباتهم وتوفير حياة كريمة لهم.
ومن ضمن تلك البوادر أيضًا البدء الفورى فى التعامل مع المخرجات السابقة للحوار الوطنى، بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن وأيضًا الدعوة إلى عودة جلسات هذا الحوار والتركيز على الملف الاقتصادى، وهنا أيضًا أطالب بضرورة مشاركة ذوى الخبرات الاقتصادية الكبيرة وعدم قصرها على مجموعة محددة فكلما زادت المناقشات تولدت الأفكار، وهنا ألجأ إلى قوله تعالى "إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
إننى أرى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يسير بخطوات سريعة فى معظم المجالات ويأخذ العديد من القرارات الصائبة التى تستلزم ضرورة وجود أساليب أكثر تطورًا وسرعة من الأجهزة التنفيذية المعنية بتنفيذها.. ومن هنا فلا بد أن يكون المسئولون عن تنفيذ أفكار القيادة السياسية لديهم حلول مبتكرة تتواءم مع سرعة العصر وأهمية المرحلة، وأتمنى أن يكون محور التنمية الإنسانية على رأس اهتمام المسئولين خاصة مع الاهتمام الواضح للرئيس بهذا الملف، وهذا يستلزم التنسيق بين الجهات ذات الاختصاص للعمل فى إطار متناسق لتحقيق ما يريده الرئيس لأبناء وطنه لخلق مواطن مصرى متعلم صحيح البدن والعقل متمكن من استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابى وليس بمثل ما يتم استخدامها حاليًا.. مواطن مستنير مبدع مسئول فخور بتاريخ بلاده وهويته الثقافية شغوفًا ببناء مستقبلها، مدركًا لما تتعرض له البلاد من تحديات داخلية وخارجية من الضرورى أن يكون شريكًا رئيسيًا فى مواجهتها والتعامل معها.
لقد جاءت ساعة تشغيل التغيير ليس فى الأشخاص فقط، ولكن فى الأفكار وأساليب التنفيذ وفى اعتقادى أن هذا هو الوقت الأمثل لهذا التغيير خاصة على ضوء الإنفراجة الاقتصادية الحالية التى جاءت نتيجة قرارات جريئة وغير تقليدية لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والعربية فى البلاد، وهى قرارات تستلزم أن يواكبها تسهيلات ضريبية وجمركية لتشجيع المستثمرين على تعظيم نشاطهم فى مصر، والذى سوف يستتبعه بلا شك العديد من المزايا الأخرى مثل تشغيل اليد العاملة المصرية فى تلك المشروعات، وزيادة موارد النقد الأجنبى واستجلاب سائحين بأعداد كبيرة ينعشون السوق السياحية الذى يمثل أحد أهم روافد الدخل القومى للبلاد.
تلك هى رؤيتى التى بنيتها على ضوء ما شاهدته خلال الفترة القصيرة التى تلت بداية مرحلة رئاسية جديدة للبلاد، حيث استشعرت أن هناك رسائل بين السطور فى الكلمات التى ألقاها الرئيس فى المناسبات المختلفة التى أعقبت ذلك بضرورة الاستعداد؛ لبدء مرحلة جديدة يقودها سيادته سواء كان أبًا لأجيال جديدة أو قدوة للشباب الذين سيتحملون المسئولية قريبًا أو قائدًا لكافة الأجهزة المعنية بالبلاد لكى تترجم أفكاره وطموحاته لشعبه المصرى العظيم؛ ليستعيد مكانته المتقدمة بين دول العالم.. هذا حق من حقوقنا وحلم من أحلامنا معه.
وتحيا مصر.