وإنه لقسم لو تعلمون عظيم
لم يكن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حفل التنصيب المهيب الذى شاهدناه فى مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة خطابًا عاديًا بكل المقاييس.. بل كان يمثل نقطة فاصلة فى تاريخ البلاد وبداية لمرحلة جديدة حدد الرئيس ملامحها فى 7 محاور رئيسية كل منها مرتبط بالآخر بحيث تشكل منظومة متكاملة من الالتزامات والعهود التى قطعها الرئيس على نفسه فى رحلة جديدة تستمر 6 سنوات يتحمل خلالها مسئولية الحفاظ على أمن مصر وسلامة شعبها وتدعيم أسس الجمهورية الجديدة من خلال تبنى استراتيجيات تعظم من قدرات الدولة المصرية فى كل المجالات.
من الطبيعى أن يتم تحقيق الأهداف التى أعلن عنها الرئيس من خلال الارتكاز على منجزات المرحلتين السابقتين، حيث تم خلالهما العديد والعديد من الإنجازات لعل من أهمها– من وجهة نظرى– تحقيق الأمن الذى افتقدناه طويلًا منذ أحداث يناير 2011 وما تبعه من أعمال إرهابية لم يسبق أن تعرضت لها البلاد من قبل حتى أن الأمر وصل إلى محاولة اقتطاع قطعة غالية من أرض الوطن ومحاولة إعلانها دولة إسلامية مستقلة مدعومة من كل التنظيمات الإرهابية فى العالم وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابى.. وقد نجحت البلاد بقيادة الرئيس وبدماء الشهداء وتضحيات الأبطال فى دحر الإرهاب والقضاء عليه فى معارك استمرت قرابة السنوات الأربع.. لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة انتقلت فيها الدولة إلى مربع آخر كانت الأولوية فيه للعمل على إيجاد بنية أساسية قوية ومشروعات عملاقة حيث تم بناء شبكة حديثة من الطرق والمحاور والموانئ لم تشهدها البلاد من قبل وتمت إعادة تخطيط المدن والأحياء والقضاء على العشوائيات.. ثم جاءت مبادرة حياة كريمة لتنقل قرى بأكملها من عصر إلى عصر آخر، إضافة إلى إنشاء المدن الحديثة التى بنيت على أحدث الطرز لتأتى بعد ذلك درة تلك المشروعات العملاقة وهى "العاصمة الإدارية" التى ترعرعت وسط الصحراء لتكون مقرًا ونواة للجمهورية الجديدة التى نتطلع إليها جميعًا.
ولعلى لا أقصد أو أقصر تلك الإنجازات على الإنشاءات أو النجاحات فى مجالات الصناعة والزراعة والمدن الجديدة فقط بل هى تمتد إلى العنصر الأهم بل العنصر الذى قام بتلك المعجزات وهو "المواطن المصرى" الذى من المؤكد أنه سوف يكون هو المحور الأساسى لاهتمام القيادة السياسية فى الجمهورية الجديدة به توازيًا مع المحور الاقتصادى.. وهنا يجب أن أشير وبحق إلى أن الدولة المصرية وضعت اهتمامها بالمواطن المصرى خلال الفترة السابقة ضمن أولوياتها حيث جاء مشروع القضاء على فيروس سى الذى كان محل إشادة وتقدير من منظمة الصحة العالمية بل وفى العديد من دول العالم التى طلبت نقل التجربة المصرية فى هذا المجال إليها.. بالإضافة إلى الجهود الأخرى فى ذات المجال الصحى وغيرها من المجالات الأخرى خاصة فى إطار توفير فرص العمل والقضاء بقدر الإمكان على البطالة والانحياز المستمر لدعم هذا المواطن فى جميع مناحى حياته.
جاءت كلمة السيد الرئيس لتعلن عن بداية مرحلة جديدة فى تاريخ مصر.. مرحلة لا تقل أهمية فى ظروفها وتحدياتها عن الفترة الماضية تحتاج فيها الدولة إلى المزيد من العمل والجهد والإصرار من أجل تحقيق طموحات الشعب المصرى فى إرساء دعائم دولة حرة مستقرة تحمى أمنها القومى ومصالحها وتقيم علاقات متوازنة مع محيطها الإقليمى والدولى قوامها المصالح المشتركة.. وكذلك رسم مستقبل أفضل لمواطنيها وتحسين استغلال مواردها وقدراتها.
بعد أن أدى السيد الرئيس اليمين الدستورية تحدث مع الشعب بكل صراحة وثقة عن طموحاته لمصرنا الجديدة حيث جدد العهد والوعد على استكمال بناء الوطن وتحقيق تطلعات الأمة فى دولة حديثة ديمقراطية.. كما أقسم على أن يظل أمن مصر وسلامة شعبها فوق أى اعتبار وألا يرى سوى مصالح الشعب والوطن.. جاء هذا القسم وذلك العهد بردًا وسلامًا علينا جميعًا خاصة أن بداية الولاية الرئاسية الجديدة ارتبطت مع إرساء مبدأ المصارحة والمكاشفة كنهج لإدارة البلاد والتعامل مع الأزمات والتحديات خلال المرحلة المقبلة.. نحن ننتظر الكثير من الآمال والطموحات وهذا من حقنا مع هذا القائد الذى حقق العديد من الإنجازات التى وصل بعضها إلى حد الإعجاز.. نريد أن يكون التركيز فى المرحلة الجديدة على تعظيم القدرات الاقتصادية للدولة بشكل يعزز من صلابة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات، وكذلك على قطاعات السياحة والصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وزيادة الرقعة الزراعية والإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائى وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية والعمل على زيادة الصادرات وتبنى منظومة مالية حاسمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات والنقد الأجنبى وتحويل مصر إلى مركز إقليمى وعالمى للنقل وتجارة الترانزيت.. نريد تحسين منظومة التعليم والاهتمام بالنشء من الأبناء والبنات وربطهم بوطنهم من خلال برنامج وطنى طموح لزرع الوعى والانتماء لوطنهم والاهتمام بلغتنا العربية الجميلة ودعم شبكات الأمان الاجتماعى.. مطالبنا لا تنتهى وأحلامنا وآمالنا أصبحت متعلقة بشخص الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو أهل لها بإذن الله.. جميعنا يأمل أن تكون المرحلة المقبلة هى مرحلة جنى ثمار وحصاد تلك الملحمة التاريخية التى قادها الرئيس مدعومًا بتأييد من الله ومن الشعب المصرى الذى تحمل الكثير من الصعاب والتحديات والأزمات وأسهم فى تخطيها من خلال دعمه وثقته فى قائده وهو الأمر الذى يجعلنا نسترجع يمين الولاء للوطن والعهد الذى قطعه الرئيس على نفسه لصالح شعبه والقسم الذى أقسم به لحماية الوطن والمواطن وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.. وتحيا مصر.