ماذا تفعل غرفة التجارة؟
في كل مكان في العالم تقوم النقابات بدورين رئيسيين، أولهما هو الدفاع عن مصالح أعضائها، وثانيهما هو محاسبة هؤلاء الأعضاء إذا أخطأوا، لذلك تضم النقابات المهنية في مجالس إدارتها لجانًا للتأديب، دورها التحقيق في الشكاوي الموجهة ضد الأعضاء، فإذا ارتكب طبيب مثلًا مخالفة مهنية يشكوه المواطن لنقابته التي تحقق في الأمر وتصدر حكمها بعقاب المخالف إذا ثبت خطؤه وقد يصل العقاب إلى الإيقاف عن ممارسة المهنة.. في مصر لا توجد نقابة للتجار، ولكن يوجد اتحاد للغرف التجارية يقوم مقام النقابة المهنية وينتخب مجلس إدارته بالانتخاب ويقوم دائمًا بالدفاع عن مصالح أعضائه وهذا حقه، ولكننا لم نسمع أبدًا أنه يعاقب التاجر الذي يحتكر السلع، أو يرفع الأسعار دون مبرر، أو يبيع السلعة الواحدة بأكثر من سعر، ولم نسمع أبدًا عن وجود لجان للشكاوي في الغرف التجارية المختلفة تستقبل شكاوي الناس المتضررين من ممارسات الاحتكار، والتلاعب، وإخفاء السلع، والمبالغة في تحديد هامش الربح، وهو أمر غريب للغاية، فخلال ثلاثين عامًا عملت فيها في الصحافة قرأت وعايشت حالات أوقفت فيها نقابات الأطباء والمحامين والتجاريين والإعلاميين… إلخ أعضاء فيها لأنهم أخطأوا.. لكني لم أسمع ابدًا عن إيقاف الغرف التجارية لأحد أعضائها عن ممارسة النشاط لأنه أخطأ، ولا عن جهة لتلقي الشكاوي من التجار المخطئين مع أن المثل يقول إن أهل مكة أدري بشعابها.. ينطبق الأمر نفسه علي جهاز حماية المستهلك الذي نسمع عنه ولا نراه، رغم أن قانون حماية المستهلك يحتوي على مواد رادعة تجرم العديد من الممارسات التي يقوم بها التجار ومقدمو الخدمات المختلفة في مصر ويتعامل معها المواطن علي أنها قدر لا فكاك منه، ولابد من إعادة تنشيط الجهاز وزيادة إمكاناته ليتمكن من فحص الشكاوي التي يتلقاها بشكل فوري واتخاذ اجراء حاسم فيها خلال ساعات، لا خلال أسابيع أو شهور كما يحدث أحيانًا، وينطبق الأمر نفسه علي جمعيات حماية المستهلك الكثيرة في مصر، والتي أطالب وزارة التضامن الاجتماعي بمساعدتها ومد يد العون لها لتمارس دورها في لفت الأنظار لحقوق المستهلك، خاصة أن حركة حماية المستهلك حركة عالمية، والحقيقة أن هذه الجمعيات شهدت انتعاشًا لدورها منذ خمسة عشر عاما تقريبا، ثم تراجعت مساحات الاهتمام بها مع توالي الأحداث العاصفة في مصر، وقد آن أوان إحيائها ومساعدتها علي ضمان حقوق المستهلك المصري في سلع وخدمات جيدة بسعر عادل ومواصفات مناسبة.. حيث يبدو كل مقدمي السلع والخدمات في مصر في حاجة لرقابة حديدة من أول سائقي الأوبر إلي بائعي المواد التموينية، وأريد أن أختم بقصة حقيقية حدثت لي منذ عامين حيث مررت علي ساعاتي مصري لأشتري بطارية للساعة فأخبرني بأن سعر البطارية سبعون جنيها فدفعت، وبعد شهر توقفت الساعة مرة أخري فدخلت لمحل ساعات صاحبه غير مصري فغير البطارية وأخبرني بأن التكلفة خمسة جنيهات فقط.. والمدهش أن البطارية ذات الخمسة جنيهات استمرت في العمل لشهور طويلة جدًا.. هذه القصة تلخص حال المستهلك والتاجر المصري في مصر.. نريد حلًا.