أقدم مأدبة سحور رمضان فى الغربية: تسترجع تقاليد الماضى وتجمع الأجيال

في مدينة زفتى بمحافظة الغربية، تجسد عربة فول رمضانية، تعود أصولها إلى أجداد أحد العائلات الشهيرة التي ارتبط اسمها بالأكلات الشعبية، كأحد أهم مظاهر رمضان السنوية داخل المدينة، هذه العربة التي تمتلكها العائلة منذ أجيال، تحظى بشعبية كبيرة بين السكان المحليين والزوار، حيث يقصدها الكثيرون للاستمتاع بـ وجبة السحور التقليدية، في تقليد يقوم به العديد من الشباب داخل مركز ومدينة زفتي.

تدير العربة جميع أفراد هذه العائلة، ويشرف والدهم على سير العملية، بعد أن ورث المهنة عن أبيه ومن قبله جده وأورثها لأولاده، وقد أكد حسام سفينة، أكبر الأبناء، أن هذه المأدبة الرمضانية تعتبر جزءًا لا يتجزأ من تراث عائلتهم، وهم فخورون بأن يستمروا في تقديمها للجمهور على مر الأجيال، وأن كل أفراد العائلة من أشقائه سواء أتم تعليمه الجامعي أم ما زال فيه يعملون بجد واستمتاع لتلبية احتياجات الزبائن وتقديم تجربة سحور رمضانية مميزة محافظين على ثراث ومكانة هذه المأدبة.

أضاف حسام سفينة، أن المأكولات التي تقدمها العربة تتنوع لتشمل الفول والفلافل والباذنجان والبطاطس والجبن والبيض، ويعتبر الفول العنصر الأساسي في وجبة السحور لديهم وفي مصر بصفة عامة، حيث يحتوي على العديد من العناصر الغذائية المهمة ويوفر الطاقة التي يحتاجها الصائمون خلال فترة الصوم.

تابع أن مأدبة السحور التي يقدموها بأسعارها المعقولة، حيث يتراوح سعر الطلب العادي بين 25 جنيهًا، بينما يتراوح سعر الطلب المميز بين 40 و50 جنيهًا، هذا يجعلها وجبة ميسورة التكلفة ومناسبة لشرائح مختلفة من المجتمع.

كما أكد شقيقه الأصغر محمود، أن العربة تشهد إقبالًا كبيرًا من الشباب والعائلات الذين يجلسون في الشارع لتناول وجبة السحور والاستمتاع بأجواء رمضانية مميزة، فالتجمعات في الشوارع تضفي طابعًا اجتماعيًا وروحانيًا خاصًا على شهر رمضان، حيث يتبادل الناس التحية والضحكات ويتبادلون التجارب والأحاديث في أجواء مفعمة بالحيوية.

ويعكس الإقبال الكبير على مأدبة السحور والأطعمة الشعبية المقدمة أهمية الطعام في ثقافة المجتمع المصري خلال شهر رمضان، فالطعام يمثل جزءًا مهمًا من تجربة الصوم والعبادة في هذا الشهر المبارك، والزينة والإضاءة في المكان يمثلون روحيات هذا الشهر الكريم.

وأضاف أنه منذ بداية ونشأت عربة الفول ومن بعدها مأدبة السحور خلال شهر رمضان، حرصت كل الأجيال المتعاقبة لعائلتهم، علي أن يكون هناك طعام مجاني لوجه الله وإن كان الأمر ليس خلال الشهر الفضيل فقط، إلا أن الجميع علي مر العصور يعرف أن بهذه المائدة والمأدبة مكان ثابت للإطعام دون أجر ودون أن يشعر أحد من الموجودين فمن لديه القدرة علي الحساب يدفع ومن ليس لديه القدرة يتقاسم ثوابه الأشقاء العاملين ويتسابقون في تقديم الطعام لعابري السبيل والمتعففين دون أي إحراج لهم، مؤكدًا ان والدهم أخبرهم بهذا الأمر وطلب منهم الاستمرار فيه طالما تواجدت عربة الفول.

وتعكس مأدبة السحور الرمضانية، تلك الروح التقليدية والتراثية في المجتمع المصري، حيث يتم تجمع الأسر والأصدقاء لتناول وجبة السحور معًا في جو من الألفة والانسجام، كما أنه يعبر عن التراث الذي تورثه الأجيال ويمثل قيمة اجتماعية وثقافية مهمة. يسهم هذا النوع من النشاطات في تعزيز التواصل والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع وتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية.

وأضاف، بأن الطعام في رمضان يحمل معانٍ خاصة، فهو ليس مجرد وقود للجسم وإشباع الجوع، بل يمثل رمزًا للتضامن والتراحم والسخاء، يعكس تناول الطعام معًا في شهر رمضان القيم الإنسانية العظيمة وروح العطاء والمشاركة، وبالتالي، تقدم مأدبة سحور رمضانية مثل هذه العربة، تجربة ثقافية واجتماعية لا تقدر بثمن، حيث يتم تجميع الناس حول المائدة ومشاركة الطعام والحديث والضحكات وتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع.