أوقفتها لأوكرانيا.. قاض يكشف حقيقة محكمة العدل الدولية في إبادة غزة الجماعية
تتساءل شعوب العالم عن الأسباب التى دعت محكمة العدل الدولية فى جرائم الإبادة الجماعية أن توقف العمليات العسكرية لبعض الشعوب كأوكرانيا، وتمنعها عن شعوب أخرى كقطاع غزة بفلسطين، مما دعا المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة إلى إعداد دراسة متميزة بعنوان “انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولى ضد الشعوب المسلمة - قراءة فى أحكام العدل الدولية النظيرة”.
قام فيها الفقيه المصري بدراسة الحالات المماثلة للأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية للشعوب المسلمة التى تعرضت لحرب الإبادة ومنها مسلمى البوسنة والهرسك ومسلمى الروهينجا ومقارنتها بغيرها، وتوصل إلى نتائج مذهلة تستحق الوقوف عندها فى فكر هذه المحكمة، في أزمة القانون الدولى وعجزه، وازدواج المعايير لدى الغرب ومنظومة العدالة ذاتها.
ونعرض للجزء الثالث من دراسة الفقيه المصرى يكشف فيها العدل الدولية على حقيقتها فى ثلاث نقاط:
1- العدل الدولية تركت إبادة المسلمين بغزة وقبلها البوسنة دون وقف العمليات العسكرية وأوقفتها لأوكرانيا ! المحكمة تمايز بين الشعوب تحيزًا وتحاملًا.
2- أن محكمة العدل الدولية تكتفى فى الإبادة الجماعية لغزة بالتدابير المؤقتة مثل مسلمى البوسنة والهرسك تمامًا copy and paste دون إبداع.
3- أن قمة الظلم البشرى من العدل الدولية أن تبرئ صربيا من تهمة الإبادة البوسنية المسلمة مع اعترافها بوجود إبادة!، ونخشى ذات الشئ لإسرائيل!، ويوجه سؤلًا للمحكمة هل لديكم فى أوراق القضية طائفة من الجن اقترفت الإبادة ضد شعبين كل جريرتهما عقيدة الإسلام، حيث وجه القاضى المصرى نقدًا موضوعيًا عنيفًا لقضاء المحكمة الدولية لخرقها التماثل فى المراكز القانونية اللصيقة بالإبادة الجماعية بين الشعوب المسلمة وغيرها من الشعوب.
أولًا: العدل الدولية تركت إبادة المسلمين بغزة وقبلها البوسنة دون وقف العمليات العسكرية ،وأوقفتها لأوكرانيا ! المحكمة تمايز بين الشعوب تحيزًا وتحاملًا
يقول الدكتور محمد خفاجى في قضية أوكرانيا ضد روسيا أمرت محكمة العدل الدولية، بعد نحو ثلاثة أسابيع من غزو 24 فبراير 2022، بأن "تعلق روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور"، وأي قوات عسكرية أو غير نظامية تدعمها ستفعل الشيء ذاته.
وعلى الرغم من اختلاف هذه القضية عن قضية غزة اختلافًا جذريًا فأوكرانيا ليست محتلة وإنما أرادت أن تخرج من عباءة الأمة السوفييتية لتنضم إلى عدوتها الأمة الأوروبية من خلال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بما يضر بمصالح الأمة السوفيتية، أما قطاع غزة فهى أرض فلسطين العربية المحتلة من إسرائيل الغاصبة، فضلًا عن اختلاف الأمر حيث لم يكن يدور حول ما إذا كانت روسيا ترتكب جريمة إبادة جماعية أم لا، بل كان يدور حول ما إذا كانت العملية العسكرية الروسية بمثابة رد قانوني على ادعاءات روسيا بأن أوكرانيا كانت ترتكب جريمة إبادة جماعية فالقضيتين مختلفتين تمامًا ووضع غزة أسوأ بكثير من أوكرانيا ومع ذلك لم توقف المحكمة الدولية الحرب فيها.
ويضيف: “محكمة العدل الدولية لم توقف الإبادة الجماعية ضد مسلمى البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود، ففي مارس 1993، أقامت جمهورية البوسنة والهرسك دعوى قضائية ضد جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية بنزاع يتعلق بالانتهاكات المنسوبة للأخيرة بالمخالفة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
وأثبتت أحكام محكمة العدل الدولية فيما يتعليق بوقف العمليات العسكرية من عدمه، بتحيزها لدول الغرب وتحاملها ضد دول الشرق خاصة المسلمين، ففى قضية أوكرانيا ضد روسيا،فقد أمرت محكمة العدل الدولية بعد نحو ثلاثة أسابيع من غزو 24 فبراير 2022، بأن “تعلق روسيا على الفورعملياتها العسكرية في أوكرانيا، وتتأكد من أن أي قوات عسكرية أو غير نظامية تدعمها ستفعل الشيء نفسه”.
ويؤكد الخلاصة التى أعلنها على الرأي العام العالمى أن محكمة العدل الدولية فى قضية البوسنة والهرسك ضد يوغوسلافيا لم تأمر بوقف الأنشطة العسكرية كإجراء مؤقت مثلها فى ذلك مثل قطاع غزة، على حين أوقفت العمليات العسكرية فى أوكرانيا، واتجاه المحكمة الدولية فى حالتى غزة والبوسنة والهرسك فى عدم وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية بهما ليست مصادفة بل تعبير دفين من المحكمة الدولية على اضطهادها ضد المسلمين هنا وهناك على الرغم من أن الإبادة الجماعية ظلت مستمرة – مع اختلاف الزمن - ضد المسلمين فى البلدين، وكانت الضرورة تقتضى توافقها مع الاعتبارات الإنسانية.
ثانيًا: محكمة العدل الدولية تكتفى فى الإبادة الجماعية لغزة بالتدابير المؤقتة مثل مسلمى البوسنة والهرسك تمامًا copy and paste دون إبداع
يذكر الدكتور محمد خفاجى، لو نظرنا إلى الإبادة الجماعية التى تعرض مسلموا البوسنة والهرسك لها من جانب قوات يوغوسلافيا "صربيا والجبل الأسود"، فسوف نجد أنه في 20 مارس 1993، أقامت جمهورية البوسنة والهرسك دعوى قضائية ضد جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية- صربيا والجبل الأسود- فيما يتعلق بنزاع يتعلق بالانتهاكات لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد مسلمى البوسنة والهرسك،إلا أن محكمة العدل الدولية لم تصدر قرارًا بوقف العمليات العسكرية فى إبادة شعب البوسنة والهرسك المسلم مثلما فعلت مع شعب فلسطين بقطاع غزة المسلم، واكتفت مثلها تمامًا كغزة بنص متكرر دون حذف أو إضافة أو إبداع بما يتناسب مع قدر الحماية بتطور أسلحة الدمار، بقرارها الصادر في 8 أبريل 1993باتخاذ بعض التدابير المؤقتة بهدف حماية الحقوق بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، ورفضت المحكمة اعتماد المزيد من الأوامر القضائية البعيدة المدى التي طلبتها البوسنة رغم إبادة شعبها المسلم.
وتمثلت التدابير المؤقتة التى تتخذها أعلى محكمة بالعالم سندًا لأحكامها وتكررها مع المسلمين فقط copy and paste دون إبداع فيما يلى: (ينبغي لحكومة جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود) أن تتخذ فورا، عملا بتعهداتها في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية جريمة الإبادة الجماعية؛ وينبغي لحكومة جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود) أن تكفل على وجه الخصوص أن أي وحدات مسلحة عسكرية أو شبه عسكرية أو غير نظامية قد توجهها أو تدعمها، وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسيطرتها، الاتجاه أو التأثير، لا ترتكب أي أعمال إبادة جماعية، أو التآمر لارتكاب إبادة جماعية، أو التحريض المباشر والعلني على ارتكاب إبادة جماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، سواء كانت موجهة ضد السكان المسلمين في البوسنة والهرسك أو ضد أي قومية أو عرقية أخرى. أو مجموعة عرقية أو دينية؛ وألا تتخذ أي إجراء، وينبغي لهما ضمان عدم اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم أو إطالة أمد النزاع القائم حول منع أو معاقبة جريمة الإبادة الجماعية، أو جعل حلها أكثر صعوبة.
ويؤكد وهكذا يبين لشعوب العالم مدى تحامل محكمة العدل الدولية ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك فى حرب الإبادة الجماعية التى تعرضوا لها دون حماية منها بوقف العمليات العسكرية لوقف نزيف الإبادة مثلما فعلت تمامًا مع فلسطين بقطاع غزة المسلمة.
ثالثًا: قمة الظلم البشرى أن تبرئ العدل الدولية صربيا من تهمة الإبادة البوسنية المسلمة مع اعترافها بوجود إبادة! ونخشى ذات الشئ لإسرائيل! ويتساءل هل اقترفت طائفة من الجن الإبادة ضد شعبين كل جريرتهما عقيدة الإسلام!!
ويذكر الدكتور محمد خفاجى لم تكتف محكمة العدل الدولية برفض وقف العلميات العسكرية للإبادة الجماعية لمسلمى البوسنة والهرسك اكتفاءً باتخاذ التدابير المؤقتة المحفوظة لديها بتكرارها مع الشعوب المسلمة، بل وصل الظلم البشرى من أعلى محكمة بالعالم أن تبرئ صربيا من تهمة الإبادة ، ففى 26 فبراير 2007 أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها فى الموضوع ببراءة صربيا من تهمة الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك أثناء حرب البلقان التي استمرت ما بين عام 1992 إلى 1995، إلا أن المحكمة قالت إن صربيا مذنبة لأنها فشلت في منع الإبادة الجماعية في سربرينتشا التي راح ضحيتها نحو 100.000 مائة ألف شخص قد قتلوا من مسلمي البوسنة خلال هذه الحرب التي اشتعلت بعد تفكك الدولة اليوغوسلافية. فضلًا عن الطرد الجماعي والتهجير القسرى للمدنيين البوسنيين الآخرين من 30.000 من قبل وحدات جيش جمهورية صرب البوسنة تحت قيادة الجنرال راتكو ملاديتش بالتطهير العرقي والاغتصاب الجماعي، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة وإبادة شعبه مسلم.
ويذكر الدكتور خفاجى الرأى عندى أن الظلم البشرى وصل مداه من دار العدالة الدولية بأن أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا مشوهًا ناقص التكوين، فقد رفضت المحكمة طلب البوسنة بدفع صربيا تعويضات بمليارات الدولارات لأسوأ مذبحة ارتكبت في التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية.وقالت المحكمة حجة واهية لا ترقى أن تصدر من محكمة مبتدأة فى دولة موغلة فى التخلف بقولها " بأن المذابح التي تعرض لها مسلمو البوسنة في مدينة سربرينتشا، التي تقع في شرق البوسنة، تمثل إبادة جماعية إلا أنها لا تستطيع التأكيد على مسئولية صربيا عنها.
فكيف تنتهى المحكمة الدولية – بجلال قدرها - إلى وجود إبادة جماعية، وفى ذات الوقت لا تستطيع أن تحمل صربيا عنها لعدم تأكدها!!، كيف انشطر وجدان قضاتها بين ثبوت الإبادة الجماعية ونفيها فى حق الدولة المعتدية بالإبادة!!، ألم يعلم قضاة أعلى محكمة بالعالم أنهم ارتكبوا جريمة انكار العدالة البشرية بعدم تحميل صربيا مسئولية الإبادة أو أى طرف أخر ؟؟ فإن لم تكن هى من ارتكبت الإبادة، وهى المعتدية الأثيمة بأسلحتها، ونخشى ذات الشئ بالنسبة لإسرائيل!، فهل لدى محكمة العدل الدولية فى أوراق القضية طائفة من الجن اقترفت الإبادة ضد شعبين كل جريرتهما عقيدة الإسلام!!، وسوف نعرض لاحقًا للجزء الرابع من هذا الدراسة المهمة.