عبلة الألفى: "الألف يوم الذهبية" توفر على الدولة 288 مليار جنيه سنويًا (حوار)
انطلقت مبادرة الألف يوم الذهبية بتكليف من رئيس الجمهورية لحل القضية السكانية من خلال تحسين الخصائص السكانية للأسر المصرية كمًّا ونوعًا التى ستساهم فى تحقيق التنمية وتخفيض معدلات الإنجاب وصحة الأم والطفل أثناء الحمل والولادة وحتي نهاية العام الثاني للطفل
وخلال الأيام الماضية أعلنت وزارة الصحة إدراج المبادرة ضمن الهيكل التنظيمي للوزارة لضمان استمراريتها، "الدستور" التقت بالدكتورة عبلة الألفي المشرف العام على المبادرة الرئاسية الألف يوم الذهبية لتنمية الأسرة المصرية ورئيس الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال وعضو لجنة الصحة بمجلس النواب، للوقوف على مستجدات المبادرة والعائد على الدولة المصرية من تطبيقها، وإلى نص الحوار...
· بداية.. حدثينا عن مبادرة الألف يوم الذهبية وأهميتها للأم والطفل؟
هى من أهم المبادرات التى تستهدف بناء الإنسان المصري وتحسين الخصائص السكانية حيث إنها تستهدف أول وأهم 1000 يوم من حياة الإنسان حيث انها المسئولة عن تكوين 85٪ من قدرات الطفل العقلية والنفسية والجسدية خلال هذه الفترة الحيوية، وتشمل الألف يوم الذهبية فترة الحمل 270 يومًا بالإضافة إلى أول سنتين من الحياة التي هى 730 يومًا، وذلك من خلال رفع الوعى الصحى والمتابعة الدورية والتدريب المهاري لدعم الولادة الطبيعية في غياب أسباب طبية للولادة القيصرية وتحسين مخرجات رعاية حديثي الولادة الصديقة للام والطفل
· ما خطة المبادرة خلال الفترة المقبلة بعد إدراجها ضمن الهيكل التنظيمى للوزارة؟
سيتم تطبيق المبادرة بصفة تكاملية مع كل قطاعات وزارة الصحة والسكان ذات الصلة من أجل تنمية الموارد البشرية وتكوين شبكة من غرف المشورة والمرتبطة الكترونيا من أجل ضمان استمرارية مبادرة الألف يوم الذهبية وتحقيق أهدافها وعدم ارتباطها بوقت محدد أو فترة مؤقتة، وذلك بعد تطبيقها فى المحافظات بشكل كامل.
· ما هو الجدول الزمنى لإطلاق مراحل المبادرة؟
سيتم إطلاق مبادرة الألف يوم الذهبية على مرحلتين ؛ حيث انطلقت المرحلة الأولى فى أغسطس الماضى وتضم 15 محافظة بينها 3 محافظات تتبع هيئة الرعاية الصحية ومن المقرر الانتهاء من إدراج المبادرة بمحافظات المرحلة الأولى فى نهاية ديسمبر 2024 على أن تبدأ المرحلة الثانية فى بداية العام المقبل 2025، وذلك بعد الانتهاء من تقييم المرحلة الأولى والتأكد من تحقيق أهدافها وتدريب العاملين على كافة محاور المبادرة فى كافة المحافظات.
· وما هى محاور عمل مبادرة الألف يوم الذهبية؟
المبادرة قائمة على 3 محاور أساسية والتى تشمل؛ المحور الاول يشمل المشورة الأسرية المتكاملة لتحسين الخصائص السكانية ومخرجات الألف يوم الذهبية، والمحور الثاني يهدف الي دعم الولادة الطبيعية الآمنة وتخفيض القيصرية غير المبررة طبيا اما الثالثة فتهدف الي تطبيق آليات المستشفى صديق الأم والطفل، إضافة لتحسين مخرجات حديثي الولادة وتطبيق الحضانة صديقة الأم والطفل.
· كيف يتم العمل على محور المشورة الأسرية المتكاملة؟
نهدف إلى تدريب مقدمي المشورة الأسرية من فئات العاملين في وزارة الصحة او خارجها، وتم اختيار فئات " الصيادلة – أطباء الأسنان – أطباء العلاج الطبيعي – فرق التثقيف الصحي - والمدرجين بالخدمة الاجتماعية"، لكى يكون لدى المبادرة عدد وفير من مقدمى المشورة الأسرة، والذين سيقدموا الخدمة فى غرف المشورة الصحية والتى وجهت وزارة الصحة بتوفيرها فى كافة وحدات ومراكز الرعاية الأولية ضمن المبادرة.
وسيقوم مقدمى المشورة الأسرية برفع الوعى الأسرى وفقًا لجدول زمني علي مدي سنتين، من خلال تقديم الرسالة السكانية المبتكرة والحقوقية لتنمية الأسرة المصرية فالمبادرة تساعد السيدات على اتخاذ قرار الإنجاب فى الوقت المناسب بشرط أن يكون القرار مبنى على دليل ودراسة وعلى دراية بكافة حقوق الطفل، كما يدعم مقدمى المشورة الأسرية برنامج للحفاظ على صحة الأسرة وتماسكها ووعيها بداية من مشورة ما قبل الزواج وحتى نهاية العام الثانى من عمر الطفل، وذلك إلى جانب رفع الوعى التربوى لمساعدة الأم على كيفية تربية الأطفال والحفاظ عليهم خاصة فى فترة الألف يوم الذهبية.
· اذا هل هناك تكامل مع مبادرة رئيس الجمهورية لفحص المقبلين على الزواج؟
بالطبع نتكامل في إجراء فحوصات ما قبل الزواج والحصول على المشورة الأسرية الصحيحة لتكوين أسرة ناجحة، وألية التكامل بين الزوجين في البيت الواحد، والتعامل مع المشاكل الأسرية التى تطرأ خلال السنة الأولى من الزواج، ومساعدتهم على اختيار وقت انجاب الأطفال والمسافة بين كل طفل والثاني للحفاظ على صحة الأطفال والتى ستساهم فى تكوين جيل خالى من الأمراض.
· ما هى حقوق الطفل التى يجب أن تراعيها السيدات قبل اتخاذ قرار الحمل؟
يجب أن تستعد الأم نفسيًا وجسديًا قبل اتخاذ قرار الحمل حيث أن 47% من السيدات فى عمر الإنجاب تعانى من أنيميا نقص الحديد والتى تؤثر على تكوين عقل الجنين وبالتالى تؤثر على ذكائه، وتجعل قدرته على الأداء المدرسى ضعيفة، لذلك يجب علاج الأنيميا قبل الحمل في حين أن فترة علاج الأنيميا لا يجب أن تقل بأى حال من الأحوال عن 6 أشهر إذا لم يكن عام كامل.
زواج الأقارب أيضًا مشكلة كبرى فى مصر والذى يمثل 33% من الزيجات وهو من أهم أسباب العيوب الخلقية والأمراض الوراثية، لذلك يتم توعية السيدات بخطورة زواج الأقارب وإذا استدعى الأمر لإتمام الزواج يجب التأكد من عدم وجود أمراض وراثية لدى الزوجين من خلال تحاليل فحوصات ما قبل الزواج التى تقوم بها وزارة الصحة والسكان، كما يتم النظر فى التاريخ المرضى للأسرة والتأكد من عدم وجود التهابات فى الجهاز البولى لدى السيدات والتى ينتج عنها ولادة مبكرة تستدعى دخول الأطفال للحضانة نتيجة إصابة الأطفال بإلتهاب رئوى وراثى.
وتقوم المبادرة بتوصيل المشورة للسيدات لحمل سليم وحثها على ضرورة الولادة الطبيعية وعدم اللجوء للولادة القيصرية بدون سبب طبى لعدم ولادة أطفال مبتسرين، كما تؤكد المبادرة على حق الطفل فى تغذية سليمة خلال العامين الأولين من عمر الطفل منهم أول 6 أشهر رضاعة مطلقة ثم التغذية التكميلية، وتؤكد المبادرة أيضًا على حق الطفل فى الحصول على تربية الإيجابية السليمة، بالإضافة إلى حقه فى عدم إنجاب طفل ثان قبل انتهاء مدة العامين والتى قد تؤدى إلى إصابة الطفل الأول بالتوحد، حيث أنه يزيد الإصابة بالتوحد بنسبة 3 أضعاف لدى الأطفال الذى تلد أمهاتهم طفل أخر قبل سن العامين مقارنة بالأطفال الذين لم تلد أمهاتهم أطفال أخرين فى تلك الفترة.
· ما هى نسب الولادات القيصرية.. وما هى خطورتها؟
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن نسبة الولادة القيصرية يجب أن تتراوح نسبتها من 10% لـ 15% أى إنه ما بين 100 سيدة تحتاج من 10 لـ 15 سيدة إلى الولادة القيصرية، فى حين أن مصر من أعلى المعدلات حول العالم فى نسب الولادات القيصرية والتى تصل إلى 72%.
ونؤكد فى مبادرة الألف يوم الذهبية، أنه بخلاف المخاطر الصحية التى قد تتعرض لها الأم نتيجة الولادة القيصرية والتى تتمثل فى الإصابة بالمشيمة المتوغلة والعرض للنزيف أثناء الولادة وقد تصل إلى استئصال الرحم، فإنه يتم حرمان الطفل من مزايا الولادة الطبيعية والتى تشمل تقليل نسبة الإصابة بأمراض الربو والحساسية، وتقليل نسب الإصابة بالتقزم والتوحد ورفع معدلات الذكاء والأداء المدرسى، حيث أن الأطفال الذين يتم ولادتهم طبيعيًا يتعرضون للبكتيريا الحميمة أو ما يطلق عليها "ميكروبايوتا" والتى يتعرض لها الطفل أثناء الولادة الطبيعية وبدورها تعطى المخ اشارات صحية هرمونية لتنشيط نمو خلايا المخ لتحسين الأداء المدرسي والبعد عن التوحد كما إنها تساعد الغدة التيموسية على تأدية دورها بشكل سليم وتمنع حدوث أى أمراض مناعية، كما إنها تمنع دخول الميكروبات للجهاز الهضمى للطفل.
· وما هى خطتكم لزيادة معدلات الولادة الطبيعية وتقليل القيصريات؟
نقوم بتدريب أطقم التمريض لكى يكونوا قابلات مؤهلين للقيام بالولادة الطبيعية الامنة، كما يتم تدريب الأطباء على الولادات الطبيعية والحالات التى تستدعى إجراء الولادات القيصرية، وذلك بالإضافة إلى حوكمة الولادة القيصرية من خلال الدولة ممثلة فى وزارة الصحة للتأكد من الحملات الرقابية على المنشأت الصحية للتأكد من الالتزام بتوجيهات الوزارة بشأن الحد من الولادات القيصرية.
· ما هى إجراءاتكم لضمان حصول الأطفال على تغذية سليمة؟
يتم دعم الأطباء فى وحدات الرعاية الأولية لوصف العلاج المناسب لتغذية السيدات خلال فترة الحمل ومنها أدوية الحديد، كما يقوم مقدمى المشورة الأسرية بالتأكد من حصول الأم على العلاج اللازم وكذلك حصول الأطفال على التطعيمات الإجبارية فى موعدها، كما يتم قياس الطفل فى الزيارات الدورية للتأكد أن مقاساته سليمة، وفى حال اكتشاف بوادر تقزم أو قصر قامة أو كان يعانى الطفل من نقص أو زيادة فى الوزن يتم تحويل الطفل للطبيب المختص للحصول على العلاج المناسب.
· ماذا سيعود على الدولة المصرية عند تطبيق مبادرة الألف يوم الذهبية؟
المبادرة توفر على الدولة نحو 288 مليار جنيه سنويًا وفقًا لتقارير الهيئات المحلية والعالمية لعام 2018 وذلك فى حال تطبيقها على مستوى الجمهورية، وحاليًا فى عام 2024 يزيد ذلك الرقم بنسبة 4 أضعاف، وتفصيلا لتلك الأرقام فإن مرض التقزم يكلف الدولة 20 مليار جنيه سنويًا، ومرض التوحد يكلف 25 مليار سنويًا، الألبان الصناعية تكلف الدولة 4 مليون جنيه سنويًا، القيصرية ومضاعفتها تكلف تقريبا 120 مليار سنويًا، سكر الأطفال من النوع الأول يكلف الدولة 25 مليار جنيه سنويًا، كما أن دخول الحضانات والتى يقدر نسبتها بـ 25% من الأطفال المولودين حديثًا أى ما يقارب نصف مليون طفل يحتاجوا لدخول الحضانات، واليوم الواحد للطفل فى الحضانة يكلف الدولة ٢٥٠٠ جنيه بإجمالى تكلفة 87 مليار جنيه، فى حين أن نسبة دخول الحضانات فى دول العالم 10% فقط، وسبب زيادة نسبة دخول الأطفال للحضانات هو الولادات القيصرية والتى تجعل الأطفال مصابين بضيق فى التنفس ووجود ماء على الرئة وحدوث ولادات مبكرة، كما أن الإعاقة تكلف الدولة 30 ألف جنيه للطفل الواحد فى حين إنه يوجد فى مصر 2 مليون معاق تقريبُا، كما تصل نسبة الإعاقة عند المواليد إلى 10%.
ونؤكد أن هدف المبادرة هو القضاء على مسببات الإصابة بالأمراض والمضاعفات الصحية الناتجة عن القيصريات أو الممارسات الخاطئة من جانب أفراد الأسرة، حيث أن الأسر المتوسطة تنفق 45% من دخلها على الصحة والتعليم فى مصر.
· أخيرًا.. هل مبادرة الألف يوم الذهبية مطبقة فى دول العالم؟
تتبلور الاسباب المؤثرة في الألف يوم الذهبية المطبقة فى دول العالم علي مشاكل سوء التغذية والتربية السلبية أما المبادرة الرئاسية للألف يوم الذهبية تهتم بكافة العوامل التي تؤثر على صحة الطفل وأدائه الذهني خلال أول عامين والقائمة على المسوحات الصحية التى تم إجراءها منذ عام 2015 والتي ستخدم مستقبل مصر، حيث ستصب في الحد من الامراض غير السارية في الكبر وهى أهم اسباب الوفيات في مصر، وكذلك الحد من الإصابة بالأمراض النفسية لدى الأطفال حيث أثبتت الدراسات أن حديثي الولادة فى حال دخولهم الحضانات فإنهم معرضون للإصابة باضطراب الانفصال عن الأم والتى تجعل الطفل ذو شخصية مهزوزة نتيجة للاضطراب النفسي كما إنه يؤثر على تحصيلهم الدراسي.