عبدالفتاح القصرى.. كيف ولد كل هذا الوجع من رحم البهجة؟
فى عددها الصادر يوم ٢ يوليو ١٩٥٧، نشرت «الكواكب» على صفحتين موضوعًا مصورًا عن الفيلم الجديد لنجم نجوم الخمسينيات إسماعيل ياسين واسمه ابن حميدو.. كانت صور الكواليس مبشرة بفيلم كوميدى جميل فى ظل التوليفة المختلفة الظاهرة فى الصور.. توليفة صنعها فطين عبدالوهاب باختيار عناصر بجانب «سُمعة» تجعل نجاح الفيلم مضمونًا، فكانت هند رستم وأحمد رمزى نجمين شابين صاعدين بسرعة الصاروخ، بجانب سحر نيللى مظلوم وألق توفيق الدقن مع تيمة الشاويش عطية السحرية، كلها مشهيات لنجاح منشود عند عرض الفيلم بعد أيام وتحديدًا يوم ٨ أغسطس ١٩٥٧.
لكن بجانب تلك المشهيات كان هناك اثنان هما الأكثر إبهارًا وخفة وبهجة، وهما الثنائى المعجزة فى خفته.. الأب المعلم حنفى، أو عبدالفتاح القصرى، وابنته المبهرة فى تلقائيتها وخفة دمها حميدة، أو زينات صدقى.
نبوءة «الكواكب» بالنجاح الجماهيرى تحققت بشكل أكثر مما توقعه صناع الفيلم أنفسهم، حيث حقق إيرادات ٣٠٠ ألف جنيه، وهى مهولة بالنسبة لمصروفاته التى لم تتعد ١٨ ألف جنيه.. لكن الأهم من الإيرادات الوقتية أن الفيلم صار مضادًا قوميًا للاكتئاب وباعثًا على البهجة، وصارت جمل الفيلم على لسان أبطاله أيقونات حفرت على جدار الزمن تُستخدم فى كل زمان ومكان.. جرب أن تحصى كم الإفيهات التى يحملها هذا الفيلم ستجد نفسك محاصرًا بها من كل صوب وحدب وستفشل بالتأكيد فى عدها.. أكثرها وأجملها كان آتيًا، بلا شك، من المعلم حنفى وابنته حميدة. ولأن الزمن لا يمل من مقالبه ومفارقاته، فقد تتعجب لو عرفت أن القصرى وزينات أثناء وبعد هذا الفيلم على فترات متفاوتة كانا يعيشان سلسلة من الأوجاع والمعاناة التى لا يحتملها بشر على المستوى الإنسانى بشكل يجعلك تندهش كيف ولدت كل تلك المعاناة بجوار ذلك الفيض الربانى من البهجة الطازجة الملازمة لهذين الكائنين بالغى اللطف.. عبدالفتاح القصرى وزينات صدقى.
وكما كانت الصحافة الورقية مهللة لنجومية القصرى وزينات ومحتفية بهما، فقد كانت أيضًا شاهدة على فصول مأساوية من حياتهما، فكل منهما قد امتلك فى جراب حياته قصصًا وحكايات لا يمكن إلا أن تقف شاخصًا متعجبًا من فرط ما فيها من درامية تجعلك تغلب الظن بأن فى الأمر مبالغة سينمائية أو مسرحية ما والأمور ليست على هذه الدرجة من الدراماتيكية، لكن أوراق الماضى لا تكذب. ولنبدأ فى هذه الحلقة من المعلم حنفى، الرجل الذى كان يقف كالأسد الجسور أمام زوجته المتسلطة ليصرخ: «لا ممكن تنزل الأرض أبدًا» ثم سرعان ما تنزل: «تنزل المرة دى» بعد «زغرة» من مدام حنفى شيخ الصيادين.
وكما انهارت كلمته أمام زوجته «تفيدة» فى الفيلم فقد انهارت حياته تمامًا تحت قدمى زوجته الأخيرة التى تحالفت مع ابنه بالتبنى ضده وسلباه كل ما يملك من أموال وعقل وذكريات دون أن يهتز لهما جفن.. لتصير قصة الفنان عبدالفتاح القصرى أكثر القصص جدارة بأن تشبّه بالمأساة الإغريقية. وتستمر معاناة الرجل وأوجاعه فى التضخم حتى يأتى الموت مشفقًا ليخلصه من آلام لا تحتملها نفس بشرية، ويذهب عبدالفتاح إلى ربه شاكيًا يوم ٨ مارس ١٩٦٤.. لتكتمل المأساة بأن يصلى عليه فى جنازته أربعة أفراد فقط حصرتهم مجلة «الكواكب» حينها بالاسم وهم: «قدرى المنجد وسعيد العسكرى، وأحضرت أخته ونجوى سالم، الصديقة الوفية، اثنين آخرين من المنطقة وهما الحلاق والجزمجى». ليصلى الأربعة صلاة الجنازة وهم يبكون دمًا على رجل طالما أضحكهم.
البداية.. نداهة الفن تكسب ذهب الأب فى الاختيار الصعب
فى عشرينيات القرن العشرين بينما يتصفح نجيب الريحانى الجرائد الصادرة حينها متتبعًا كعادته أخبار الفرق المسرحية المنافسة له، فجاءه خبر طريف عن فرقة جورج أبيض.. الخبر كان مثيرًا للضحك والسخرية على غير عادة مسرح جورج أبيض القائم برمته على التراجيديا.. ويحكى الخبر عما فعله جورج مع ممثل جديد فى فرقته، حيث ضربه بالقلم بعد أن ضحك الجمهور بشدة على كلامه فى مشهد تراجيدى كان المفترض أن يبكيهم.
الريحانى الذى كان يرقص فرحًا كلما عثر على ممثل يستطيع إخراج الضحكة من الجمهور فى مسرحه، أو مرسحه، بلغة العشرينيات، صرخ فى مدير فرقته طالبًا منه العثور بأى طريقة على هذا الشاب المضروب عقابًا على خفة دمه.
لم يكذب الرجل خبرًا وحضر له بعد أيام مصطحبًا فى يده شابًا قصير القامة له عين حولاء وطلة خفيفة على النفس.. ما إن رأه الريحانى حتى ابتسم ضاحكًا:
هو أنت بقى اللى عمك جورج أبيض رزعك قلم؟!
فى هذه اللحظة انفتحت لعبدالفتاح القصرى، ابن تاجر الذهب فى الصاغة، الذى ولد وفى فمه ملعقة ذهب حرفيًا، حيث كان هو الابن المدلل لوالد عبدالفتاح والحفيد الأول المنتظر للجد حافظ القصرى كبير تجار الصاغة، أبواب الشهرة والمجد.
لكن لأن نداهة الفن قد ألقت عليه بعضًا من سحرها الأخاذ فقد نسى عبدالفتاح كل ذلك، وقرر أن يستبدل العيشة الرغدة الجامدة فى عز الأب بلحظة سعادة وانتشاء تغمره عند وقوفه على المسرح.. حتى لو «أكلها بدقة».
المسرح الذى كان قبل أن يرى الريحانى فى تلك الليلة قد صار خلف ظهر عبدالفتاح بعد قلم جورج أبيض على وجهه بعد وصلة تهزيق كانت تتمحور حول حقيقة واحدة «أنت ممثل فاشل».
لكن ها هو الشاب الخارج عن طوع أبيه الصائغ الثرى يقابل نجيب الريحانى بجلالة قدره بناء على طلبه هو شخصيًا.. ليس هذا فحسب بل أيضًا يمضى معه الريحانى «كونتراتو» أو عقدًا للانضمام لفرقته براتب يماثل كبار الفرقة، لأن نجيب رأى فيه فنانًا كوميديًا من طراز فريد.
التوهج.. عندما كتب عبدالفتاح فى «الكواكب» عن عينه الحولاء
عبدالفتاح القصرى استمر فى العشرينيات والثلاثينيات يصول ويجول فى مسارح القطر المصرى تاركًا بصمته التى لا تُقلد، حتى صار نقطة مضيئة فى أى عرض مسرحى بشخصية ابن البلد التى أصبحت ماركة مسجلة باسمه على الرغم من تربيته المترفة فى مدرسة «الفرير» الفرنسية مزاملًا أولاد الطبقة الكريمية المكونة من الباشوات والبهوات.
أصبح عبدالفتاح بالفعل نجمًا لامعًا له تجاربه التى يحكى عنها بخلاف أنه متصالح تمامًا مع سماته الشكلية ومدركًا قيمتها فى إكمال الصورة الذهنية المأخوذة عنه، وعلى رأس تلك السمات «الحول» الذى أصاب إحدى عينيه لدرجة أن مجلة «الكواكب» العريقة نشرت فى عددها الصادر يوليو ١٩٤٩ مقالًا على صفحة كاملة للأستاذ عبدالفتاح القصرى، كما عرفته، بعنوان: «عينى الحولاء» يتحدث فيه عبدالفتاح بسخرية جميلة عن حول عينه اليمنى والمواقف التى مر بها بسبب هذا الحول حيث يبدأ القصرى مقاله نصًا:
«فى عينى اليمنى حول يحتوى على أكبر كمية من السكس أبيل غصب عن عيون الحساد والعُزّال.. وقد حاول بعضهم إغرائى على إجراء عملية جراحية لضبط عينى الحولاء ولكنى عارضت بشدة، إذ كيف أسمح أن تسلب منى مؤهلاتى بهذه السهولة».
كان عبدالفتاح مطمعًا لكل الفرق المسرحية فى تلك العقود البعيدة، لكن ارتباطه الأكبر كان بفرقة الريحانى بالطبع، إلى أن طرقت السينما أبواب المشخصاتى الشاب وهو فى الثلاثينات من عمره، وهذه المرة كانت عن طريق فوزى الجزايرلى الذى عمل معه فى فرقته قبل ذلك.
فتح الجزايرلى لعبدالفتاح عالمًا جديدًا عليه.. عالمًا لا يقل سحرًا عن المسرح، وهو عالم السينما الآسر، ووقف ابن الصائغ أمام كاميرا السينما يفعل ما يفعله على المسرح تمامًا، غير أنه لا يرى تفاعلًا ولا جمهورًا بخلاف صوت المخرج الذى يعطيه الإذن بالكلام ويطلب منه التوقف مع نهاية التشخيص.
لم يدرك عبدالفتاح قيمة الطريق الجديد إلا عندما دخل قاعة السينما وشاهد فيلمه الأول «المعلم بحبح» بين الناس، ثم وجد حالة الاحتفاء الكبير به بعد أن أشار أحد الحضور عليه باعتباره أحد أبطال الفيلم.
انطلق عبدالفتاح يطوى الاستديوهات والمسارح طيًا أمامه، حيث مرت عليه سنوات كان يرفض فيها كثيرًا من الأعمال المعروضة عليه من كثرتها وعدم امتلاك الوقت لذلك، خاصة مع تألقه اللافت رفقة أستاذه نجيب الريحانى، الذى مات فى نهاية الأربعينيات محدثًا صدمة فنية رهيبة لكل تلامذته، ناهيك عن جمهوره العريض.
بموت الريحانى لم يتوقف تدفق عبدالفتاح الفنى، بل على العكس زاد بريقه مع رفيق دربه إسماعيل ياسين، فتى الخمسينيات الذهبى ونجم شباكها الأول، حيث شاركه فرقته المسرحية كما شاركه كثيرًا من أفلامه التى كانت تحطم كل الأرقام القياسية خلال تلك الفترة.
الانطفاء.. ماذا وجدت عائشة صالح صحفية «الكواكب» فى بيت القصرى بعد وفاته المأساوية؟
عندما عرفت الصحفية الشابة وقتها عائشة صالح خبر موت عبدالفتاح القصرى اصطحبت مصور «دار الهلال» وذهبت إلى بيت الراحل، لتغزل خيوط المأساة التى عاشها هذا الفنان العظيم فى أواخر سنوات عمره، ونشرت «الكواكب» التغطية على صفحتين فى عددها الصادر فى ١٧ مارس ١٩٦٤ مرفقة بصورة كبيرة على صفحة كاملة تجلس فيها نجوى سالم الفنانة الجميلة والأصيلة وهى تواسى أخت عبدالفتاح «بهية»، التى لازمته حتى آخر أيامه، وبجوارهما صديقه ويُدعى «قدرى»، يعمل منجدًا، أحد أربعة فقط صلوا عليه الجنازة، كما ذكرت عائشة صالح، وكانت نجوى سالم وأخته «بهية» تستقلان «تاكسى» وتسيران وراء النعش.
عائشة بدأت موضوعها الصحفى بسرد تفاصيل المأساة، وهذا نص ما قالته: «لو أن قصصيًا كتب قصة الأيام الأخيرة فى حياة الممثل الكوميدى ابن البلد عبدالفتاح القصرى لكذبناه فقصته مأساة».
ثم تُكمل عائشة القصة، التى كنت أظن فى وقت ما أنها تدخل ضمن أكاذيب الإنترنت التراجيدية الملتصقة بنجوم الزمن الجميل وتكون مستندة على معلومة صغيرة صحيحة، ثم يضيف عليها الخيال الإلكترونى تفاصيل مأساوية لإضفاء بُعد تراجيدى يزيد الآهات ومعه الريتش. لكن هنا صحفية «الكواكب» ترصد ما حدث للقصرى على لسان الإنسانة الأقرب إليه التى وقفت بجانبه فى محنته وهى الفنانة نجوى سالم من البداية للنهاية، والقصة باختصار شديد جدًا بنص ما كُتب: «الولد الذى كان يقيم معه القصرى وزوجته فى البيت خان العيش والملح وتربية ١٥ سنة وتزوج من زوجة القصرى الشابة، واضطر القصرى نفسه أن يشهد على عقد الزواج حتى لا يتم طرده من المنزل الذى كتبه وجميع ما يملك للزوجة الخائنة».
ومن هول ما حدث أُصيب القصرى بفقدان الذاكرة الذى جعله فى لحظة ما لا يعرف رفيقى العمر.. تحية كاريوكا ونجوى سالم.. وفى مثل تلك الظروف تظهر معادن البشر، فبالإضافة إلى نجوى سالم التى كانت أكثر الفنانين التزامًا تجاه القصرى وعائلته كانت هند رستم لها دور مشرف فى محنة الرجل، وهى التى وقفت قبل سبع سنوات أمام كاميرا فطين عبدالوهاب لتمثل دور «عزيزة»، بنت المعلم حنفى شيخ الصيادين، حيث قالت نجوى سالم لعائشة صالح إن هند قادت حملة تبرعات موسعة للقصرى وجمعت له ٦٠٠ جنيه من فريد الأطرش وعبدالحليم وعباس حلمى وشادية وحلمى رفلة وكامل الحفناوى ومريم فخرالدين وأحمد مظهر ومارى كوينى وتلحمى وشركات دولار فيلم وشركة الشرق.
أما مارى منيب فقد دفعت له إيجار شقته القديمة المتراكم قبل أن يتهدم البيت برمته، وأهداه المهندس صلاح عامر، وكيل الإذاعة للشئون الهندسية، تليفزيونًا، وطلب منه القصرى حينها أن يشاهد عليه فيلم «سى عمر» ليرى حبيبه وأستاذه الريحانى الذى كان يحرص على حمل صوره أينما ذهب فى رحلة علاجه وتنقله بين المستشفيات، وبالفعل تدخل عامر لعرض الفيلم فى الميعاد المناسب لعبدالفتاح، كما ذهبت نجوى سالم إلى يوسف السباعى لتحكى له مأساة الرجل الذى استولت زوجته حتى على السرير الذى ينام عليه ضمن عملية السطو على محتويات الشقة، فأعطى لنجوى ٥٠ جنيهًا لشراء حجرة نوم كاملة له. لم يستخدمها القصرى كثيرًا لكثرة تنقله بين المستشفيات بعد أن خذلته أجهزة جسده، واحدًا تلو الآخر، لتنتهى رحلة الحياة الصعبة صباح ٨ مارس ١٩٦٤ على سرير مستشفى المبرة.
نجوى سالم.. عندما يتمثل الوفاء فى امرأة
دائمًا تجد صورة تلك الفنانة فى الصور المتداولة عن آخر أيام القصرى ولا يتم إعطاؤها حقها، فقد ضربت تلك السيدة مثالًا بالغ الأصالة والإنسانية فى وقوفها بجوار عبدالفتاح الذى تخلت عنه الدنيا فى آخر أيامه، فقد كانت هى المحرك الأساسى فى جلب الدعم المادى والمعنوى للفنان العظيم من أهل الفن والثقافة.. فهى التى دفعت هند رستم لجمع التبرعات من الفنانين الكبار وشركات الإنتاج، لأن علاقاتها أكثر اتساعًا ونجوميتها أكثر سطوعًا، ولن يرد لها أحد طلبًا، ليس هذا فحسب فهى التى أنقذته من براثن زوجته الخائنة بعد أن ذهبت إلى بيته أول مرة لتكتشف الفاجعة أن زوجته باعت كل أثاث البيت وتركته مع أخته ينامان على البلاط، فانتشلته نجوى على الفور وأدخلته مستشفى الدمرداش.. وتكتمل المأساة عندما تعرف نجوى سالم وهى معه فى المستشفى بعد شهور أن بيت القصرى قد تهدم فذهبت على الفور إلى صلاح دسوقى، محافظ القاهرة وقتها، وقصت عليه القصة، فأمر للقصرى بشقة فى المساكن الشعبية بحى الشرابية.
ومكث القصرى ستة أشهر فى مستشفى الدمرداش رفقة أخته «بهية» مع زيارة يومية من نجوى سالم ثم انتقل إلى الشقة الجديدة الممنوحة له من المحافظة.. وعندما زارته نجوى وجدت حالته الصحية ساءت مرة أخرى فأخذته على الفور إلى «قصر العينى»، وهناك بدأت صحته تتحسن، وهنا تحكى «الكواكب» موقفًا آخر بالغ الإنسانية لتلك السيدة، حيث استغلت تحسن صحته فاصطحبته إلى مسرح ٢٦ يوليو ليحضر مسرحية «زيارة غرامية» لنجم الكوميديا الجديد أمين الهنيدى، التى كانت تشارك فيها نجوى، وحجزت له «٧ كراسى» فى الصف الأول مع من يدعوهم، فكان هذا التصرف بمثابة مكافأة نهاية الخدمة للقصرى، وشعر وقتها بسعادة غامرة أرجعت لذاكرته وهجها، خاصة بعد أن شاهد احتفاء جمهور المسرحية به وتذكيرهم لكل لزماته وجمله الشهيرة فى الأفلام، وعلى رأسها جملته الأشهر «أنا كلمتى لا ممكن تنزل الأرض أبدًا» فى فيلم «ابن حميدو».
ورجع القصرى إلى البيت مغسولًا بذلك التصرف النبيل من نجوى سالم التى لم تنقطع عن زيارته أبدًا إلا عندما مرضت فترة قصيرة، وعندما شُفيت وعاودت الزيارة استقبلها القصرى فرحًا مهللًا قائلًا: «إنتِ فين؟ إنتِ اللى باقية لى».
تقول نجوى سالم لعائشة صالح إنها كانت تبكى كثيرًا لكن ليس على القصرى فقط: «كنت أبكى على نفسى وعلى مصير الفنان».
وفى نهاية تحقيق «الكواكب» طالبت نجوى، عبر المجلة، بأن يتم تكريم أخت القصرى «بهية» وهى التى لازمته فى سنواته الأخيرة بمنتهى التضحية والفدائية، فلا أقل من أن تستمر النقابة فى صرف المعاش الشهرى «١٠» جنيهات الذى كان يُصرف للقصرى قبل موته، لأن أخته لا بد أن تعيش هى الأخرى، كما طالبت وزارة الأوقاف بصرف ٥٠ جنيهًا كانت للقصرى فى أمانات «الأوقاف» كانت ستصرف له فى شهور مضت وأخته أحق بها الآن.. وفى نهاية الموضوع تُرك رقم التليفون مع جملة ختامية على لسان نجوى: «نرجو أن تجد بهية ما تعيش به».