توقيت زيارة البرهان
رئيس مجلس السيادة السودانى، زار القاهرة، أمس الخميس، وأكد، مجددًا، تقدير بلاده الكبير، فى ظل ظروفها الحالية، للدعم المصرى، وتناول مع الرئيس عبدالفتاح السيسى تطورات الأوضاع فى السودان، والجهود الرامية لتسوية الأزمة الجارية، بما يضمن استعادة الاستقرار، ويحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية ومؤسساتها، ويلبى تطلعات الشعب السودانى الشقيق نحو تحقيق الأمن والاستقرار.
كالعادة، شدّد الرئيس السيسى على خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين، وأكد حرص مصر على تعزيز التعاون المشترك، وعلى أمن السودان، ومواصلتها تقديم الدعم الكامل لتحقيق الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادى، ودعم وحدة الصف، وتسوية النزاع القائم، وتخفيف آثاره الإنسانية، انطلاقًا من الارتباط الوثيق بين الأمن القومى للبلدين. كما شهد اللقاء استعراض آخر مستجدات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأوضاع فى قطاع غزة، وتوافق الرئيسان على استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل، خلال الفترة المقبلة، لما فيه المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
كانت مصر هى وجهة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، فى أول مرة يغادر فيها السودان، بعد بداية الأزمة التى يعيشها البلد الشقيق منذ منتصف أبريل الماضى، واستقبله الرئيس السيسى، فى ٢٩ أغسطس الماضى، بمدينة العلمين الجديدة، وجرى خلال ذلك اللقاء، أيضًا، استعراض تطورات الأوضاع فى البلد الشقيق، والتشاور بشأن الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة، حفاظًا على سلامة وأمن وسيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية. أما زيارة أمس، فجاءت بعد قيام البرهان، الإثنين الماضى، بزيارة ليبيا، وتزامنت مع إنهاء مهمة، أو سحب، بعثة «الأمم المتحدة» لدعم الانتقال الديمقراطى فى السودان.
قبل وبعد الزيارتين، أكد الرئيس السيسى، فى سياقات ومناسبات، مختلفة أن مصر لن تدخر جهدًا لمساعدة البلد الشقيق على استعادة الأمن والاستقرار والسلام، وشدّد على أن النزاع يخص الأشقاء السودانيين وحدهم، وأن دور الأطراف، الدولية أو الإقليمية، ينبغى أن يقتصر على مساعدتهم فى إيقافه وتحقيق التوافق حول حل الأسباب التى أدت إليه. وبوضوح أكثر، أكد الرئيس احترام مصر إرادة الشعب السودانى، ورفضها التدخل فى شئونه الداخلية، وشدّد على أهمية عدم السماح بالتدخلات الخارجية.
الأزمة السودانية كانت حاضرة، أيضًا، فى مباحثات الرئيس السيسى مع الرئيس الإريترى أسياس أفورقى، خلال زيارة الأخير للقاهرة، السبت الماضى، وأكد الرئيسان أهمية استمرار العمل المشترك، فى إطار «مسار دول الجوار»، من أجل التوصل إلى حلول جادة، تفضى إلى وقف إطلاق النار، وتضع حدًا للمعاناة الإنسانية التى يمر بها الشعب السودانى الشقيق، وتلبى تطلعاته وآماله فى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية. ولعلك تتذكر أن مصر كانت قد استضافت، فى ١٣ يوليو الماضى، «قمة دول جوار السودان»، التى انتهت بالتوافق على تشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية، لوضع خطة عمل تنفيذية، تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة.
المبادرات المتنافسة، ولن نصفها بغير ذلك، أحدثت قدرًا من الارتباك فى طريقة تسوية الأزمة السودانية، المستمرة منذ ما يزيد على ١٠ أشهر، والتى أودت بحياة أكثر من ١٣ ألفًا، وأدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية، وقد يكون لها تأثيرات إقليمية ودولية بالغة السوء. وعليه، جاء مسار «دول جوار السودان»، استمرارًا للجهود والاتصالات، التى قامت بها مصر مع دول الجوار والقوى الدولية، والتى تستند إلى عدة ثوابت، أبرزها ضرورة التوصل إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، والحفاظ على المؤسسات الوطنية، التى تعد الضمانة الأساسية لحماية الدولة الشقيقة، وكل الدول، من خطر الانهيار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «جون جودفرى»، أول سفير أمريكى لدى السودان، بعد ربع قرن، والذى تولى منصبه فى أغسطس ٢٠٢٢، غادر الخرطوم، الجمعة الماضى، وجرى تعيين «دانييل روبنشتاين» ليقوم بالأعمال، مؤقتًا، من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قبل أن تعلن الإدارة الأمريكية، الإثنين، عن تعيين «توم بيريللو»، عضو الكونجرس الديمقراطى والدبلوماسى السابق، مبعوثًا خاصًا للسودان!