كيف كان برناردشو سبًبا في حظر "من هنا نبدأ" لـ خالد محمد خالد؟
تمر اليوم الذكرى الـ28 لرحيل الكاتب خالد محمد خالد الذي رحل في مثل هذا اليوم من العام 1996.
ويعد خالد محمد خالد أحد أبرز الكُتّاب الذين قدموا أفكارًا ورؤى وسطية، بدءًا من نقده لثورة 1925، وصولاً لنقده للجماعة المحظورة بالرغم من انتقاده للثورة وجمال عبد الناصر، لكن كان دائمًا صادقا في استدعاء علاقته بعبد الناصر والانتصار له في أكثر الأوقات ظلمة.
في التقرير التالي تعرف على كيف كان لبرناردشو الفضل في شيوع الكتاب الأول والأشهر لمحمد خالد من هنا نبدأ:
"من هنا نبدأ" وبرناردشو
كان لكتاب من هنا نبدأ قصة فريدة من نوعها التي كانت سببا في انتشار الكتاب حتى وصل الحال به المصادرة والمحاكمة، ففى الـ27 من مايو 1950 صدر الحكم النهائي في قضية كتاب "من هنا نبدأ" وجاء الحكم على لسان القاضي حافظ سابق، رئيس محكمة القاهرة الابتدائية 1950 بإلغاء مصادرة الكتاب، والإفراج عنه للجمهور عملًا بحرية الرأي المكفولة في القانون.
يروي خالد محمد خالد عبر كتابة "قصتي مع الحياة تفاصيل رفض نشر كتابه من هنا نبدأ من قبل الشيخ العالم محمد الاسمر، ثم جاءت موافقة الدكتور يحيي الخشاب ليرى الكتاب طريقه الى المطبعة.
يقول خالد محمد خالد "تذكرت أنني قرأت من قبل عن ( برناردشو أنه اكتوى بنفس الموقف، فكان يؤلف الكتب بدين المقالات، وينتظر رسالة واحدة تأتيه من قارىء واحد دون جدوى. ففكر وقدر.. ثم راح يمطر الصحف بمقالاته حاملة توقيعه الحقيقي.. ثم يتبعها بمقالات حاملة توقيعا زائفا ليس لاسمه الحقيقي فيه مكان. وأخذ راحته في هذه الطريقة، يسب ويشتم ويسخر من هذا الذي اسمه (برنارد شو، والذي تحدى تقاليد الأمة ونظمها وميراثها وحضارتها وأنت الخطة أكلها وبدأ (شو) يستحوذ على قراء كثيرين. ويتمركز في دائرة اهتمامات القارئين والمواطنين.
أضاف "قلت لنفسي: هذا عمل صالح، فلا جربه لأرى ماذا سيكون مصير الكتاب الذي لا يتحرك بين أيدى الباعة، ولا تقع عليه العين في زحام الحياة.
وتابع "كان لي صديق يصر على أنه تلميذى وكان في السنة النهائية بكلية دار العلوم، وكان من بلد انسبائي- ذلكم هو المرحوم الأستاذ ( محمد حسن البرى، وكان يتطوع بالمرور على باعة. الصحف، ويأتيني بأخبار التوزيع حتى أتعب نفسه وأتعبني معه، فطلبت منه أن يدخر هذا الوقت الضائع لاستذكار دروسه ويكف عن إبلاغي أي خبر عن توزيع الكتاب.. وقلت له:اذهب الآن إلى مسكنك، واكتب مقالا في نقد الكتاب لا تترك كلمة وقحة إلا أقحمتها عليه.. ودفع الرجل بالمقال للشيخ على الغاياتى الذى أثنى على كاتبه خيرا وامتدح هجومه على كتاب خالد وتعجب كيف صدر كتاب خالد؟ وتساءل: أين الأزهر؟ ونشر مقال صاحبه بمكان بارز بجريدة (منبر الشرق)، فتوالت الكتابات بالرد عليه وأصدرت لجنة الفتوى بالأزهر قرارا بمنع تداول الكتاب، وتم تقديم بلاغ للنيابة وتم التحقيق فيه وأصبحت قضية متداولة فى المحاكم، وانتهت بإصدار المحكمة حكما بالبراء.
خالد محمد خالد والإخوان
حكى الكاتب خالد محمد خالد عن التظيم السري للجماعة المحظورة وبداية معرفته ولفت الى ذلك جاء في عام - ١٩٤٢ - أو - ٤٣ -.. ويومها عرفت طريقة تشكيله، وأهدافه وغايته كما عرفت، اسم قائده، والمشرف عليه وهو: وعبد الرحمن السندي شاب مندين تقى.. مريض بالقلب، مرشح للموت المباغت...
والعجيب أن مرضه هذا وترقبه الموت في كل لحظة، كانا وراء ترشيحه واختياره ليقود التنظيم السرى (111) الذي تتطلب قيادته عافية الجسد والنفس والعقل.
لذلك سنرى كيف التائت الأمور بين يديه واضطربت وتمرد حتى على والمرشد، نفسه !! كذلك عرفت أن الأستاذ المرشد لم يفاجأ بهذا التنظيم يقتحم عرينه.. بل هو الذي فكر فيه وأنشأه، واختار له قائده الأول الأستاذ: محمود عبد الحليم، ولما غادر القاهرة سعيا وراء عمله ورزقه اختار قائده الثاني - عبد الرحمن السندى، الذي لم يتم تعليمه الجامعي ووقف عند الثانوية العامة، حيث التحق بإحدى وظائف وزارة الزراعة وكانت حيثيات تشكيله، كما أعلن الأستاذ البنا في حينه:
الحرب على الاستعمار البريطاني ممثلاً في نفوذه وجيوشه قتال الذين يخاصمون الدعوة ويحاولون إعاقة سيرها. احياء فريضة الجهاد.
وتابع "والذي يعنينا ونحن نشجب هذا التنظيم السرى، هو البند الثاني - قتال الذين يخاصمون الدعوة، ويحاولون تعويق سيرها.
وأسرف التنظيم في هذا السبيل إسرافًا كان السبب الأوحد في تدمير الإخوان من الداخل والخارج وكان السبب الأوحد في فقد الإخوان أثمن ما يملكون حياة الأستاذ المرشد الذي ذهب في معركة ثار شرسة وضارية.