زكى.. ابن ليلى مراد.. المسجون داخل عائلة الأساطير
عندما انتصفت الخمسينيات كانت ليلى مراد تقف أمام حسين صدقى فى آخر أفلامها الحبيب المجهول.. لكنها لم تكن بكامل لياقتها الفنية.. والسبب الذى كان مجهولًا هو الآخر عن كاست الفيلم أن ليلى كانت تحمل فى أحشائها طفلها الثانى من زوجها الجديد فطين عبدالوهاب، المخرج السينمائى ضخم التأثير عظيم البصمة على السينما المصرية.
كان واضحًا لليلى من أول وهلة أن هذا الطفل الراقد فى أحشائها لم يكن ينوى أن تمر الأمور بسلاسة فى طريق عبوره إلى الدنيا، حيث عانت ليلى أثناء تصوير الفيلم وبعده من مشاكل صحية كبيرة كادت تودى بحملها تمامًا، بل وصل الأمر بطبيبها المعالج، طبيب النساء الشهير فى الخمسينيات الدكتور على إبراهيم، أن يكشف لفطين وليلى عن أوراقه ويضعهما أمام خيار صعب إما الولادة الطبيعية والمغامرة بحياة الجنين أو الولادة بعملية جراحية- كانت فى ذلك الوقت أمرًا جللًا غير شائع- وفيها مقامرة بسلامة الأم ليلى مراد.. فما كان من الزوج فطين عبدالوهاب إلا أن يختار سلامة زوجته ويقول للطبيب المنتظر إجابة سريعة: «لا أريد أطفالًا»، لكن ليلى فى وسط ألمها ترفض رفضًا تامًا وتصرخ: «المهم طفلى»، وتحثه على إجراء العملية واستخراج جنينها حتى لو خرج رفقة روحها.
ولم تكن الصحافة بعيدة عن ذلك المشهد الإنسانى الفريد الذى تعيشه نجمة مصر الأولى منذ الأربعينيات ليلى مراد، فنشرت جريدة «أخبار اليوم» تلك التفاصيل بمانشيت رئيسى فى الصفحة الأولى نهاية سنة ١٩٥٥ «ليلى مراد فى خطر»، كما التقطها بعد ذلك بعقود طويلة الكاتب المؤرخ أشرف غريب فى كتابه الوافى «ليلى مراد- الوثائق الخاصة».
لكن شاءت إرادة الله أن يحافظ على الروحين، روح الجنين الذى صار ولدًا جميلًا سماه أبواه زكى تيمنًا بجده زكى مراد وروح الأم الجميلة التى لم يكن يحتمل الوطن خسارتها مبكرًا.
زكى نشأ وترعرع فى حجر أمه ليلى، وصار فتاها المدلل بجانب أخيه من أمه الذى يكبره بسنتين، والذى أنجبته ليلى من زيجتها القصيرة من وجيه أباظة أحد الضباط الأحرار.. من الوهلة الأولى ظهر اختلاف الطفل الذى تشبع بالتمرد، أو كما قال أبوه لمحرر «الكواكب» بعد عام من ولادته واصفًا ابنه بالجرأة والتمرد بقوله: «من شابه أباه فما ظلم».
كبر الولد زكى سريعًا فى كنف أبويه، لكن جرعة التمرد الكامنة فى جيناته جعلت تمرده يطال أول ما يطال أباه فطين نفسه عندما كان يرفض قاطعًا مشاهدة أفلامه الأيقونية مع إسماعيل يس باعتراض طفولى جارح لفطين: «يوووه هو كل شوية إسماعيل يس».
قبل أن يبلغ زكى فترة مراهقته كان «البيت الفطينى» قد انهار بطلاق الاثنين، ليلى وفطين، ليصبح زكى ملازمًا لأمه ليلى مع أخيه أشرف، وتصير هى الوحيدة فى مرمى تمرده خاصة مع وفاة أبيه بعد الانفصال بسنوات قليلة فى ١٢ مايو ١٩٧٢.
يشعر زكى بأنه غير راضٍ عن سجن الأساطير الذى يعيش فيه، فهو ابن ليلى مراد وخاله منير مراد وأبوه فطين عبدالوهاب وعمه سراج منير، لأنه على ما يبدو أدرك مبكرًا أن صناعة اسم مستقل بجانب هؤلاء أمر يحتاج مجهودًا خرافيًا، ما ضاعف هرمونات التمرد على سلطة ليلى مراد الأم أكثر وأكثر، كان كمن تناديه «النداهة» دائمًا خارج قيود العائلة.. والحقيقة أنها لم تكن نداهة واحدة بل «نداهات» كثرًا تمثلت فى السفر والزواج من أمريكية ثم الزواج من سعاد حسنى بعد محاولة الحصول على موطئ قدم داخل الحقل السينمائى بعيدًا عن اسم أهله.. كل ذلك بدا أنه مجرد محاولات من زكى لإيجاد نفسه وسط حياة عائلية صاخبة لا تهدأ، وهو فى كل ذلك ما زال مصرًا على البحث عن ذاته التائهة حتى ذهبت ليلى أمه إلى الشاطئ الآخر فى منتصف التسعينيات بعد أن كان زكى قد بلغ سن الأربعين.
وظل زكى فى علاقته بأمه بعد ذلك أسير ذنبين، ذنب يحمّله لها.. وذنب يشعر به تجاهها.. ذنبها كان متمثلًا فى إخفائها خطابات زوجته الأمريكية عنه حتى لا يسافر لها، والنتيجة كانت ضياع ابنه، أو بنته، الساكن فى أحشائها للأبد بعد أن اختفت تمامًا من حياته، أما ذنب زكى فقد كان إحساسه بأنه لم يقف بجانب أمه فى نهاية حياتها عندما خاضت مرحلة عزلة واكتئاب ووحدة.. وهذان الذنبان ظلا يؤرقانه حتى نهاية عمره، اعترف بهما فى حوار تليفزيونى قبل وفاته بقليل.
عاش زكى بعد وفاة ليلى حوالى ٢٧ عامًا وحيدًا يواجه عثراته بنفسه فى مجال الإخراج، ثم منه إلى التمثيل الذى لم يلمع فيه كثيرًا فى البداية حتى بدأ ينتبه له صانعو الدراما متأخرًا بأدوار نوعية مختلفة صار معها زكى نجمًا تليفزيونيًا مطلوبًا إنتاجيًا لسنوات، حتى هاجمه فى نهاية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين سرطان غاشم دمر رئتيه فى سنتين، ليسلم زكى رايته فى ٢٠ مارس ٢٠٢٢، ويذهب إلى أساطير عائلته الذين ينتظرونه فى الضفة الأخرى.. لعله يكون قد وجد نفسه أخيرًا هناك.. عليهم جميعًا رحمة الله.
رضيعا.. محاولتان لـ«الكواكب».. إحداهما فاشلة لنشر صور طفل ليلى الجديد: زكى ولد شقى
كانت حياة ليلى مراد، نجمة الشباك الذهبية منذ عقد الأربعينيات، جاذبة طوال الوقت للصحافة الفنية.. فما بالك بعد درامية ولادة ابنها الثانى زكى فطين عبدالوهاب التى كادت تودى بحياتها؟.. «الكواكب» استغلت فرصة انتقال ليلى مراد لفيلتها الجديدة فى الدور الأخير من عمارتها التى تمتلكها ليلى فى جاردن سيتى، وأرادت أن تضرب انفرادين بحجر واحد، أول صور لها داخل فيلتها وأول صور لمولودها الذى شغلت عملية ولادته مصر كلها بمانشيت «أخبار اليوم».. لكن على ما يبدو أن ليلى كانت تخاف من أن تطال عين الحسود وليدها الذى كادت تضحى بحياتها فداءً له، فرفضت بشياكة تصوير الرضيع، واكتفت المجلة بصفحتين مصورتين بعدسة مصور الكواكب «زكى عبدالتواب» فى عددها الصادر فى ٦ مارس ١٩٥٦.. التقطها المصور للنجمة فى صالونها المؤسس على الطراز العربى البديع، كما قال تعليق الصورة، وصورة كبيرة مع تابلوه جميل لأحد كبار الرسامين، وصورة أخرى تعتنى بالزهور فى أركان فيلتها. وكان رد ليلى على مندوب «الكواكب» الذى أفزع الرضيع بفلاش كاميرته: «معلش زكى بيخاف من الصور.. لكن أم زكى مبتخافش».
وهكذا فشلت المحاولة الأولى لمجلة «الكواكب» فى اقتناص أول صورة لزكى فطين عبدالوهاب، لكنها نجحت فى ذلك بعد أشهر قليلة بعد أن أكمل الصغير عامه الأول بالكاد، وذلك عبر زيارة أخرى لبيت ليلى مراد، أفردتها المجلة على صفحتين كان بطلها الوحيد هو زكى، حيث إنه انفرادها ولا بد أن تحتفى به، ووضعت له عنوانًا لطيفًا «زكى ولد شقى»، وقال محرر «الكواكب» مفاخرًا تعليقًا على ذلك بنص ما كتب رفقة الصور: «هذه هى أول صور تنشر لزكى الصغير نجل المطربة ليلى مراد والمخرج فطين عبدالوهاب، وقد كانت ليلى حريصة على أن تحول بينه وبين عدسات الصحف حتى أمكن لعدسة الكواكب أن تزور زكى وأن تسجل زيارتها له فى صور جميلة».
إذن نحن أمام أول تعامل صحفى لليلى مراد رفقة ابنها زكى، وهو الذى وصفته لمحرر «الكواكب» بأنه عنيد جدًا.. ثم تصبّر نفسها وتقول إن أملها أن يتحول العناد هذا مع مرور الأيام إلى اعتداد بالنفس وبالرأى، أى يتحول من عيب إلى ميزة.
أما الأب فطين عبدالوهاب فقد قال إنه معجب بجرأة ولده وإقدامه على تجربة كل شىء، ثم يبتسم فطين، على حد قول محرر «الكواكب»، قائلًا بتواضع: «ومن شابه أباه فما ظلم».
المفارقة فيما قالته الأم ليلى والأب فطين أن حياة زكى أثبتت كلام الاثنين بعد ذلك بشكل أو بآخر.. حيث كان عناد زكى هو أكثر صفة مسيطرة عليه، وجرت عليه مشاكل كثيرة، أبرزها ما حدث فى فيلمه الوحيد الذى أخرجه عام ١٩٩٦ وهو «رومانتيكا»، حيث تركه زكى قبل أن يكمله بعد اختلاف مع منتجة الفيلم، ورفض بعناد شديد كل الوساطات لتقريب وجهات النظر وإكمال الفيلم حفاظًا على خسائر الإنتاج.. وهو نفس العناد الذى استخدمه زكى فى علاقته بأمه ليلى، حتى إنها قالت له كما حكى بعد ذلك تليفزيونيًا: «إنت على طول تاعبنى من ساعة ما كنت فى بطنى»، فقد أصر زكى على السفر، ثم تزوج من أمريكية رغبة منه فى الاستقلال عن سيطرة الأم القوية، أما جملة الأب «من شابه أباه فما ظلم» فقد تحققت؛ حرفيًا لأن فطين نفسه دخل الفن عنوة على غير رغبة أبيه الوجيه الثرى، وذلك بعد أن أبهرته أضواء السينما والكاميرات عندما كان يصطحبه أخوه الأكبر سراج منير فى البلاتوهات، ونتج عن ذلك مقاطعة الأب للاثنين حتى موته.. وتدور الأيام ويجد فطين ابنه الوحيد زكى وهو يخالفه فى كل شىء، من أول الإجهار بعدم الإعجاب بأفلام إسماعيل يس التى أخرجها والده، ثم إصراره على دخول الفن من بوابة الموسيقى على الرغم من رفض أبيه القاطع لدرجة أنه حطم جيتاره، وكانت النتيجة الحتمية للعلاقة بين زكى وأبيه فطين هى علاقه غير دافئة، وصفها زكى نفسه فى حواره التليفزيونى الأخير عندما سُئل عن علاقته بأبيه قال: «مكناش صحاب»، ولم يكن بالطبع هذا الأمر يسعد زكى لأنه قدم نصيحة للأبناء بأن يقتربوا من آبائهم ولا يستسلموا لعنادهم.. وبدا وكأنه يوجه النصيحة لزكى الصغير فى الستينيات والسبعينيات لكى يعيد نظرته لأبيه وأمه.
كهلا.. «داود يزيد المصرى» الشخصية الدرامية الأقرب لحياة زكى الحقيقية
مشهد ١
- برنامج تليفزيونى- ٢٠١٩
«حاسس إن أنا بعيش حياة مخترتهاش»
تصريح قاله زكى فطين عبدالوهاب فى لقاء تليفزيونى فى سنواته الأخيرة التى أفرج فيها عن بعض حكاياته المختزنة عن «الأساطير» الذين وجد نفسه محاصرًا بهم من كل جانب.. وكان الحوار يشبه الفضفضة فى برنامج منى الشاذلى، بتاريخ ٢٠ مارس ٢٠١٩، قبل أن يداهمه السرطان الغادر بأشهر قليلة ويقضى على ما تبقى من أحلامه المؤجلة، حيث مات زكى بعد عرض الحوار بثلاث سنوات بالضبط فى ٢٠ مارس ٢٠٢٢.
مشهد ٢
- مسلسل «حديث الصباح والمساء»
«من يوم ما وعيت على الدنيا مبطلتش سفر.. عمرى ما عرفت أنا مسافر ليه ولّا رايح فين ولّا جاى إمتى.. مسافر وسط ناسى.. لا عرفونى ولا عرفتهم»
كلام على لسان داود باشا بن يزيد المصرى فى رائعة «حديث الصباح والمساء» قبل أن يسلم الروح، ليلخص فى تلك الجمل البسيطة عقدة الشخصية المركبة التى نسجها نجيب محفوظ وأصقلها محسن زايد ثم جسدها، كما يقول الكاتب، خالد النبوى.
قبل أن نشرح العلاقة بين المشهدين لا بد أن نؤكد أن الدراما هى مرآة الناس.. ومن المفترض أن يجد كل إنسان نفسه ممثلًا بشكل أو بآخر فى حكاية من حكايات الدراما.. فلا يمكن لكاتب أن يخلق شخصيات من العدم.. لذلك من العادى أن تجد شخصية فى مسلسل أو فيلم تذكرك بنفسك أو بشخص تعرفه على الرغم من أنك لا تعرف الكاتب ولم تقترب من عالمه من قريب أو بعيد.
لماذا نقول كل ذلك؟
الحقيقة أننى عندما تأملت حياة زكى فطين عبدالوهاب وجدت تشابهًا كبيرًا مع شخصية داود باشا المصرى، فكلاهما عاش حياة شعر بأنها غير مُرضية بالنسبة له على الرغم مما حملته من أشياء تبدو إيجابية جدًا لكل من ينظر إلى الصورة من الخارج.. فزكى مثلًا ولد وفى فمه ملعقة ذهب، ونظر حوله ليجد أمه هى نجمة نجوم مصر «ليلى مراد»، وأباه واحدًا من أهم من وقف خلف الكاميرات السينمائية «فطين عبدالوهاب»، وهو الابن الوحيد لهما بجوار أخيه الأكبر من أمه.. لذا كان من الطبيعى والمنطقى أن تكون تلك المكرمة الربانية للابن «زكى» مثار فخر ورضا، لكن على العكس شعر بأنه محاط بسياج ضخم، صحيح أنه من الذهب اللامع، لكنه سجن على أى حال، لأن الناس يتعاملون معه طوال الوقت بأن أهم إنجازاته أنه ابن ليلى مراد وفطين عبدالوهاب وخاله منير مراد وعمه سراج منير، مع أنه لم يختر أن يكون قريبًا لكل هؤلاء.. ثم مع مرور الزمن وجد اسمه يتوارى خلفهم فى الوقت الذى من المفترض فيه أن يلمع، فجاءت تصرفاته كلها تمردًا على سلطة فطين وليلى، تمثلت فى رفضه مشاهدة أفلام الأب ومشاكسة الأم عبر سفر طويل وزواج قصير غير متكافئ من السندريلا.
وهى نفس روح التمرد التى تملّكت داود المصرى فى ملحمة محفوظ، حيث وضعته الأقدار فى موقف يحسده عليه الآخرون عندما وجد نفسه ضمن أطفال الوالى محمد على باشا، الذين أخذهم عنوة من أهلهم حتى يجبرهم على التعليم الرفيع وفق أحدث ما وصل إليه العلم حينها، ليخرج من التجربة طبيبًا ناجحًا، طريقه نحو المجد والباشوية مفروش بالورود، لكنه مع ذلك لم يكن راضيًا عن تلك الحياة الرغدة لأنه شعر طوال الوقت بأنه مسلوب الإرادة يفعل ما تمليه عليه قرارات الآخرين وإرادتهم، حتى لو كانت النتيجة فى مصلحته تمامًا، لكنه تمرد على كل ذلك بتصرفات غير منطقية مثل زكى، أهمها زيجة غير متكافئة ولا مناسبة مثلما فعل زكى تمامًا، ونقصد زيجة داود باشا من الجارية «جوهر» كصرخة منه ضد التيار الذى يجرفه فى مسار حياة لا يعرف عنها شيئًا ولا يملك إرادة تغيير أى شىء فيها.
مراهقا.. ليلى مراد تدعم فرقة الجاز التى كونها زكى المراهق مع أخيه.. بإيعاز من منير مراد
ما زالت «الكواكب» تملك مفاتيح العلاقة بين ليلى وزكى، حيث نشرت تقريرًا مصورًا بعد ١٤ عامًا من انفرادها بصور زكى الصغير، فى عدد ١١ أغسطس ١٩٧٠، أعلنت فيه عن ميلاد أحدث فرقة «جاز» على الشاطئ تحت اسم «الملائكة» تجاوبًا مع موجة فرق الجاز التى اقتحمت السوق الفنية المصرية منذ الستينيات، والتى أفرزت مبدعين الآن يشار لهم بالبنان، مثل عمر خيرت وهانى شنودة وعزت أبوعوف.
فرقة «الملائكة» أنشأها أشرف أباظة وزكى فطين عبدالوهاب، ابنا ليلى، وكانت كما قال محرر الكواكب، عبدالنور خليل، هى الداعم الأكبر لتجربة ابنيها الوليدة، حيث كان العنوان الثانى للموضوع «ليلى مراد تشارك ولديها أشرف وزكى الترتيبات النهائية على الشاطئ».
وجاءت الصور المرافقة للموضوع لتؤكد المعنى، حيث تظهر ليلى مراد وهى تقف وسط ولديها وباقى شباب الفرقة أثناء تجهيز البروفات النهائية للبدء فى العمل فى أحد الملاهى الليلية بفندق جديد فى المعمورة.
وتنطق الصورة بحماس الأم ليلى لتجربة ابنيها الموسيقية، مع أن إنتاج تلك الفرقة بالتأكيد يناقض تمامًا فن ليلى الرصين، ولاحظ أن هذا الموضوع بعد طلاق فطين وليلى؛ لأن فطين كان رافضًا دخول ابنه هذا المجال من الأساس وحطم له آلته الموسيقية، كما ذكرنا.
تقرير «الكواكب» يكشف أيضًا عن أن المحرض الأول لإنشاء هذه الفرقة كان الخال منير مراد، حيث يقول المحرر: «أثر منير مراد فى اتجاه أشرف وزكى إلى عزف الجيتار والباترى والغناء واضح.. بل يكاد يكون هو المحرض الأول على اتجاههما للخروج بالهواية إلى الاحتراف»، ويكمل خليل الصورة ليؤكد فى التقرير أن ليلى هى الأخرى كانت رافضة تلك الخطوة فى البداية خوفًا على ولديها من مواجهة الجمهور، لكنها على ما يبدو أذعنت لضغط أخيها وإلحاح ولديها.
شابا.. سعاد حسنى.. هل كانت خطيئة زكى التى لم تغفرها ليلى؟
نشرت مجلة «الشبكة» اللبنانية، ذائعة الانتشار، فى عدد ٢٧ يوليو ١٩٨١ خبرًا بعنوان صريح وقاطع «ليلى مراد ضد سعاد حسنى».. الخبر لا يتعدى الـ٢٠٠ كلمة لكنه كان مؤشرًا على موقف ليلى من خطوة ابنها المجنونة بالزواج من سعاد حسنى، النجمة اللامعة التى كانت حينها تطرق أبواب الأربعين من عمرها فى حين أن ابنها زكى فى منتصف عشريناته.
خبر «الكواكب» كان سباقًا لأنه قبل الزواج الفعلى بين زكى وسعاد، ويقول محرر خبر «الشبكة» بالنص: «كبيرة المطربات القديمات ليلى مراد تحاول سرًا وجهرًا أن تفشل زواج ابنها وابن فطين عبدالوهاب من سعاد حسنى، وقد وسطت العديد من الأصدقاء فى هذه المهمة التى تبدو شاقة وعسيرة».
حكاية زكى بعد ذلك فى حواراته التليفزيونية الأخيرة تؤكد خبر «الشبكة» بشكل أو بآخر، لكن لأن زكى كان عنيدًا جدًا، كما تنبأت له أمه وهو رضيع، فلم يهتم كثيرًا لرفض أمه أو المجتمع تلك الزيجة وقرر خوض التجربة الغريبة، والتى واجهت سعاد حسنى هجومًا بسببها لتفاوت السن بينهما وإحساس الجميع برفض ليلى مراد الأمر حتى لو لم تعلن ذلك على الملأ.