"سرقة القطار الكبرى" التى حفّزت السينما الأمريكية
كانت شركة أديسون هي الأكثر إنتاجًا وقتها، قام أدوين بورتر (1870-1941) بإخراج أكثر الأفلام الأمريكية شهرة آنذاك، وهو "سرقة القطار الكبرى" في عام 1903.
بينما لم تتطور السينما -في البداية- في الولايات المتحدة سريعًا، وقبيل أن تحتل هوليوود في لوس أنجلوس مركز صناعة السينما في العالم، لعب بورتر في الولايات المتحدة الدور ذاته الذي لعبه فرانسواز ميلييه في فرنسا، استخدم المونتاج، وتعاقب اللقطات، والبانوراما، كوسائل تعبيرية؛ حيث حقق الفيلم نجاحًا باهرًا، حفز الشركة على -الفور- إلى إنتاج عدة أفلام ذات قصص مشابهة.
ينظر إلى الفيلم باعتباره أول فيلم روائي على الإطلاق، بعد انقضاء عدة سنوات قليلة منذ التجربة الأولى للصورة المتحركة، من خلال الأفلام التسجيلية التي قدمها الأخوان الفرنسيان لوميير 1895.
تدور أحداث الفيلم حول اتفاق مجموعة من قطاع الطرق (برونشو بيلي وجوستوز دي بارنز وفرانك هاناوي وآدم تشارلز) على سرقة كبرى وجريئة في وضح النهار؛ حيث قام أعضاء العصابة بتقييد عامل مكتب التلغراف التابع للسكك الحديدية بعد سرقة حقيبة المال، اتجهوا إلى استقلال القطار، والذي -بدوره- ما لبث أن توقف لتهدأ أنفاسه، ويواصل مسيرته إلى المحطات التالية. ولكن يبدأ قُطّاع الطرق الأربعة إجبار ركاب القطار إلى الاصطفاف في خط مستقيم لسرقة أغراضهم، وقاموا باللحاق بعربة القطار المنفصلة، ليلقوا بأنفسهم على الطريق الزراعي في أحد الحقول ليلتقوا أحصنتهم، في هذه الأثناء يحاول عامل مكتب التلغراف -المقيدة ذراعاه- طلب المساعدة من طفل صغير، والذي نجح في فك الأحبال من حول معصميه.
تنتقل الأحداث لأفراد العصابة في مشهد عبثي من الرقص واللهو وسط مجموعة من السكان المحليين؛ ومن ثم، يقعون في مواجهة عنيفة مع عمدة المدينة ورجاله، حتى إطلاق الرصاصة الأخيرة، التي أطلقها جوستوز بارنز على الكاميرا.
ليس هناك متسع من المجال النقدي لفيلم يُعد باكورة الإنتاج السينمائي الأمريكي، وبدلًا من النقد أو الهجوم، علينا أن نتخيل كيف شعر أفراد الجمهور الذين شاهدوا الفيلم في عام 1903؛ وهو شىء لم يره الكثيرون من قبل. بل، وماذا عن إثارة الفزع في صالة السينما في مشهد إطلاق الرصاص على الكاميرا في اتجاه الجمهور!
يُعّد فيلم "سرقة القطار الكبرى"، في وقتنا هذا، قطعة نادرة من المتحف أكثر منها عملًا ترفيهيًا، كما أنه أول الأعمال المستندة إلى النصوص المقسمة إلى مشاهد متتالية؛ وقد تم حفظ النيجاتيف في مكتبة الكونجرس، للمكانة المهمة التي يحتلها الفيلم في تاريخ الفن السابع.
لكن، ربما يجب على هواة السينما مشاهدته، على الأقل مرة واحدة في الحياة.