صلاح سالم.. نقيب الصحفيين الذى انضم للكلية الحربية بحيلة سحرية
صلاح سالم، اسم يعرفه الكثيرون، فهو الأشهر بين الضباط الأحرار، لا لأنه صاحب أهم دور سياسي وعسكري، ولكن لأن اسمه أُطلق على واحد من أهم وأكبر المحاور المرورية في مصر.
ورغم حياته القصيرة، فقد مات في شبابه، ومع ذلك كان صلاح سالم محظوظًا، فكان لسان الثورة ووزير إعلامها، وأصبح نقيبا للصحفيين، ولم ينل حقه الكامل في التعريف به، فكان الغموض يحيط بحياته وبشكله أيضا، ففي كل صوره لم يتخل عن نضارته السوداء أبدا.
وصلاح سالم هو أول من توفى من الضباط الأحرار، إذ توفى في مثل هذا اليوم من عام 1962، ورحل عن عمر ناهز 42 عاما.
ولد صلاح مصطفى سالم في مدينة سنكات بالسودان في 25 سبتمبر 1920، حيث كان والده يعمل هناك. قضى طفولته في كتاتيب السودان قبل أن يعود إلى القاهرة ويكمل تعليمه في مدرسة الإبراهيمية.
منذ صغره، كان "سالم" متفوقًا في دراسته، وأجبره والده على الالتحاق بكلية الهندسة، وفي إجازة الصيف، قرر بنفسه التقدم إلى الكلية الحربية دون علم والده.
ونظرًا لمشاكله الصحية في الكلى منذ الصغر، قام بأخذ عينة من بول أحد أصدقائه ليجتاز اختبار الكلية، وبفضل ذلك، نجح في الاختبار وانضم إلى الكلية الحربية بالتزوير، والمثير للإعجاب، أنه تخرج فيها عام 1938 وعمره 18 عاما.
وما يؤكد كل الشهود على هذا العصر، فقد كان صلاح سالم صاحب لسان سليط، ونقد لاذع، وتصرفات عدوانية، فقد شتم الرئيس محمد نجيب، بينما شقيقه الأكبر جمال ضربه بـ"الشلوت".
وما لا يعرفه كثيرون، أنه كان صاحب إنجاز كبير في حرب فلسطين، وتعرف على جمال عبد الناصر في حصار الفالوجة، وهو إنجاز لم يحققه الرئيس جمال عبد الناصر نفسه، ولا السادات الذي لم يشترك في هذه الحرب من الأساس.
كان صلاح سالم دفعة جمال عبد الناصر في كلية أركان الحرب، ورغم صغر سنه عن عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، فكان أول هذه الدفعة، ومن هنا عبد الناصر وحكيم وباقي المجموعة عرفوا قيمة صلاح سالم لنبوغه المبكر.
أسند جمال عبد الناصر له ملف شئون السودان لمجرد أنه مولود بها، وأخفق في هذا الملف لعدم خبرته وعلى إثره تم انفصال السودان عن مصر.
وقال "سالم" في مذكراته: "القدر وحده هو الذي ربطني بقضية السودان، ولم يكن لي سابق دراية أو خبرة بمثل هذا العمل، لم أقرأ في حياتي عن السودان سوى النذر اليسير، لم يكلفني مجلس قيادة الثورة قبل 23 يوليو بدراسة هذا الموضوع، ولم أسمع شيئا عن السودان إلا من والدي الذي عمل في حكومة السودان ومن والد زوجتي وقد عمل طويلا كضابط في الجيش في السودان".
ويكمل: "في أغسطس عام 1952، جاء خضر عمر، وكان سكرتير حزب الأشقاء وطلب مقابلة عبد الناصر، الذي رجاني أن اجتمع بالزائر السوداني، وقال لي: إنت مش مولود في السودان وده كمان من السودان، شوف معاه المسألة واحدة".
ويقال إن إسناد ملف السودان له كان بمثابة إبعاد له من طموحه للكرسي الكبير، ومن ثم عندما تم الانفصال، كان كبش الفداء، وعلى إثر ذلك قدم استقالته من وزارة الإرشاد القومي والسودان ومن مجلس قيادة الثورة أيضا.
لكن قبل كل ذلك، دخل إلى عالم الصحافة، وأصبح رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة الجمهورية، ثم نقيبا للصحفيين.
عاش صلاح سالم فترة قصيرة بعد استقالته، أصابه المرض ونال منه، وعجز أطباء مصر والسويد والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وغير صحيح ما أشاعه الشيخ كشك في إحدى خطبه بأن صلاح سالم توفي بالسرطان، وقد نفى ذلك نجل "سالم" في شهادته التي رواها للكاتب الصحفي أيمن الحكيم.