القائد.. والقرار
تذكرت وعند صدور قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة والمتعلقة بالإعلان عن أكبر حزمة للحماية الاجتماعية للشعب المصرى بقيمة 180 مليار جنيه.. وهى قرارات تاريخية غير مسبوقة تصدر من قائد يشعر بمن حوله من أبناء شعبه وما يدور فى صدورهم ويعيش همومهم ومعاناتهم بسبب التضخم الاقتصادى العالمى وارتفاع الأسعار غير المسبوق الذى يجتاح الأسواق حاليًا.
تذكرت ذلك الحديث للسيد اللواء سمير فرج فى إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة عندما تحدث عن الملازم أول عبدالفتاح السيسى ضابط استطلاع الكتيبة مشاة رقم 34 عندما تعرضت هى والطريق المؤدى إليها لعاصفة رملية كثيفة، بحيث لا تستطيع رؤية الطريق الذى تم إغلاقه لصعوبة الرؤية، إلا أنه اتخذ القرار وتحمل مسئولية فتح الطريق رغم إحتمالية وجود ألغام به وقام بتوزيع الجنود فى مواقعهم، الأمر الذى دفع السيد قائد الكتيبة إلى منحه درجة الإمتياز فى التقرير السرى الخاص به وكتب ملحوظة إنه "ضابط صاحب قرار وله مستقبل".. ثم تكرر ذلك عندما اتخذ قرارًا بتخليص مصر من جماعة الإخوان الإرهابية، على الرغم أنه كان الضابط الأحدث فى المجلس العسكرى.. كل هذا يشير إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت له رؤيته الذاتية المبنية على معطيات محددة والتى يراعى فيها دائمًا المصلحة العامة لمن حوله، سواء كان ضابطًا صغيرًا أو وزيرًا للدفاع أو رئيسًا للجمهورية.. ومن هنا فإننى على يقين أنه عندما يتخذ أى قرار فإنه يضع نصب عينيه مصلحة الشعب ويقدمها فوق أى اعتبارات أخرى.
القيادة تعنى القدرة على اتخاذ القرار السليم فى الوقت الملائم، كما تعنى تحمل تبعات ومسئولية هذا القرار والعمل على تهيئة الظروف ومواجهة الأزمات والتصدى لأى محاولات تهدف إلى التشكيك فى هذا القرار ونشر الفتن والشائعات التى تؤثر على الرأى العام فى تقبله لتلك القرارات حتى ولو كانت لصالحه.
لا أبالغ عندما أقول إن القائد عبدالفتاح السيسى تعرض منذ توليه المسئولية لما لم يتعرض له أى رئيس تولى مسئولية البلاد من قبل، وذلك من وجهة نظرى، وعلى سبيل المثال فإن الرئيس جمال عبدالناصر كان يهدف إلى القضاء على الاستعمار ونجح فى ذلك ولكنه تعرض للهزيمة عام 1967.. والرئيس أنور السادات كان يهدف إلى تحقيق الانتصار على إسرائيل عام 1973 ونجح فى ذلك، إلا أنه أُغتيل على يد الجماعات الإسلامية التى أتاح لها الفرصة للخروج إلى النور وممارسة العمل السياسى، إلا أنها انقسمت إلى تنظيمات إرهابية، علاوة على قطع العلاقات الكاملة مع معظم الدول العربية فى عهده نتيجة إتفاقية السلام مع إسرائيل.. والرئيس حسنى مبارك اجتهد خلال فترته فى القضاء على الإرهاب، إلا أنه لم يوفق فى ذلك بنسبة كبيرة، علاوة على إستشراء الفساد فى أواخر أيامه، الأمر الذى أدى إلى أحداث يناير 2011...أما عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى كان الإرهاب قد ساد معظم المحافظات وهناك محاولات لفصل محافظة سيناء عن الوطن الأم واكتشفنا بعد ذلك أن الهدف كان التمهيد لتهجير الشعب الفلسطينى إلى تلك المحافظة بالتنسيق مع الدول التى كانت تدعم تلك التنظيمات الإرهابية وكانت الأوضاع فى الدولة قد وصلت إلى حالة غير مسبوقة من التردى والانهيار..وخلال ذلك تمكنت إثيوبيا من بناء سد النهضة وحاولت إسرائيل تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ووقعت الحرب الروسية– الأوكرانية وانتشر فيروس كورونا وقلت الموارد وارتفعت الأسعار..كل تلك التحديات واجهت الرئيس منذ توليه شئون البلاد وعلى الرغم من ذلك فقد تعامل مع جميع تلك الأزمات والتحديات والمؤامرات بكل قوة وشجاعة كان قد استمدها منذ أن كان ضابطًا صغيرًا بالقوات المسلحة اعتاد على اتخاذ القرارات الصعبة فى الأوقات والظروف الأشد صعوبة وخطورة.
اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى العديد من القرارات الاستراتيجية والعسكرية فى مواجهة ما يحدث فى ليبيا وغزة وسيناء، وها هو يتخذ وللمرة الثالثة خلال عام واحد قرارات اجتماعية تصب لصالح المواطن المصرى وجميعها تتضمن رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات وتكافل وكرامة ورفع حد الإعفاء الضريبى، على الرغم مما سوف يترتب على تلك القرارات من أعباء إضافية على كاهل الدولة.. إلا أن هذه القرارات جاءت فى توقيت مهم لتؤكد أن الأولوية القصوى لإهتمامات الرئيس حاليًا هى تحسين أحوال المواطن وأن القرارات الرئاسية التى صدرت تستهدف جميع فئات المجتمع من أجل عبور الأزمات الراهنة.. وسوف يشهد التاريخ أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أكثر زعماء مصر قربًا من المواطن وأكثرهم إنسانية وتفاعلًا مع الشعب من خلال رؤيته الثاقبة كقائد لهذا الوطن.
كانت تلك الرؤية وهذه المواقف والقرارات التى اتخذها الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى طوال السنوات العشر الماضية سببًا فى تعرضه للعديد من المؤامرات الخارجية والداخلية وما زال يتعرض لها، ناهيك عن الشائعات والفتن التى يطلقها المتربصون بالوطن والذين يزداد نعيقهم كلما حققت الدولة أى نجاح على أرض الواقع سواء كان ذلك يتعلق بالداخل، حيث رأينا تجار العملة والسوق الموازية ومن يتلاعبون فى أقوات الشعب.. أو من الخارج للضغط على مصر فى ملفات سياسية واقتصادية ومن أبرزها الموقف المصرى من القضية الفلسطينية وحماية سكان غزة.
لم يتخذ القائد عبدالفتاح السيسى أى قرار بشكل عشوائى أو غير مدروس بل نتيجة مدارسة ومعلومات وافية يبنى عليها رؤيته لاتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب وهذا أحد أهم صفات القائد.
والآن جاء دورنا كشعب فى حماية المكتسبات التى أعلنها الرئيس، سواء على الصعيد الاجتماعى أو الاقتصادى وأيضًا الأمنى والذى أكد فيه للعالم أن مصر سيدة قرارها وأنها قادرة على مواجهة التحديات والأزمات.. ولعل من أهم ما يجب أن نقوم به خلال المرحلة الحالية لتفعيل قرارات الرئيس كى تؤتى ثمارها كما أراد لها ما يلى:
-المشاركة بجدية فى الحوار الوطنى الجديد والذى سوف يهتم بالملف الاقتصادى وذلك من خلال مجموعات اقتصادية تضم علماء فى الاقتصاد والسياسة المالية، بالإضافة إلى رجال الأعمال الوطنيين الذين حققوا نجاحات حقيقية فى أعمالهم وأنشطتهم التجارية والصناعية.
-تشكيل لجان متخصصة للوقوف على أسباب إغلاق المصانع وطرح الحلول المناسبة لإعادة دوران الحياة فى تلك المصانع..وكذلك الحال بشأن استكمال مشروعات استصلاح الأراضى الزراعية ومنع التجريف والتبوير وإقامة العديد من الصوب الزراعية للمحاصيل الرئيسية.
-ترشيد الاستهلاك وخفض النفقات فى جميع المؤسسات العامة والخاصة، سواء فى استهلاك المعدات أو الكهرباء أو الوقود لتوفير بعض النفقات التى يتم الاستفادة بها فى تحسين الخدمات والمرافق العامة.
-توسيع الرقابة على التجار بكافة أنشطتهم ومواجهة محاولات إخفاء أو احتكار السلع والسوق الموازية للعملة مع المسارعة فى الإبلاغ عن أى من القائمين بتلك التصرفات المخالفة للقانون.
-إجبار التجار على وضع الأسعار على السلع التى يتاجرون بها، كما ورد فى المادة رقم 7 من القانون رقم 181 لسنة 2018 وإلا سوف يتم توقيع العقوبات المناسبة على المخالفين منهم.
الأهم من كل ذلك أن تكون ثقتنا كاملة فى القرارات التى يتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسى فهو الرجل الذى أسقط الإخوان وقضى على الإرهاب وتصدى لمحاولات إسرائيل والضغوط الدولية لتهجير الفلسطينيين إلى شمال سيناء.
إن رؤية القائد المدعمة بالمعلومات والقائمة على تحليل المواقف والتى يترتب عليها اتخاذ القرارات التى تهدف صالح الوطن تجعل من الواجب علينا أن نتكاتف مع الرئيس لمواجهة ما يدور حولنا من مؤامرات من خارج البلاد وداخلها لكى نعبر بالوطن إلى بر الأمان بإذن الله.. وتحيا مصر.