باسم الجنوبي "بين الغربة والونس": كتابي يعالج معانات ومشكلات اللاجئين
صدر حديثًا للكاتب باسم الجنوبي كتاب "بين الغربة والونس: مشاهدات متطوع في ملف اللاجئين"، ليطرح قضايا اللجوء واللاجئين ومعاناتهم ومشكلاتهم مع المجتمعات الحاضنة.
"الدستور" تواصلت مع الكاتب باسم الجنوبي للكشف عن تفاصيل كتابه الجديد "بين الغربة والونس".
ما الذي دفعك للكتابة عن معاناة اللاجئين تحديدًا؟
يعبر الجنوبي عن دافعه للكتابة عن أحوال اللاجئين وما يواجهونه في طريق رحلتهم الصعبة والخطرة في بعض الأحيان، قائلًا: صار المشهد المتكرر حاليًا هو معاناة ملايين اللاجئين في البحث عن سلامتهم وسلامهم وأمنهم على الحدود، وفي البلاد التي يمشون إليها مرضى وجرحى وجوعى وخائفين؛ لتبدو ظاهرة اللجوء كأكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث وأكبر صفعة إلى ضمير العالم الذي يتغنى بشعارات الحقوق والحريات والتقدم والرفاه، ظاهرة يمثل فيها اللاجئ صورة الإنسان في أكثر أحواله استضعافًا، وأكثر من يستحق كل أنواع العون والمساعدة.
ما مشكلات ملايين اللاجئين التي رصدتها في كتابك؟
يقول باسم الجنوبي: أردت أن أطرح في كتابي معاناة اللاجئين، وأبرز مشكلاتهم، مثل غلاء أسعار العقارات وتكتلات الجاليات في بعض المناطق وما ينتج عن ذلك من ضغط على البنية التحتية والخدمية.
يضيف باسم: قدمت في كتابي تجارب عالمية وجدت حلولا مناسبة لمثل هذه المشكلات، وعبر فصول الكتاب أوضح خريطة زمنية ومكانية لتطور ظاهرة اللجوء العربي خاصة في فلسطين، سوريا، السودان، اليمن، ليبيا، العراق، أفريقيا.
ويشير الجنوبي في أحد فصول الكتاب إلى عدد من رموز اللاجئين الذين تحولوا إلى أيقونات في النجاح السياسي والعلمي والثقافي والاقتصادي والرياضي، هذا بجانب تجارب منظمات المجتمع المدني العالمية والعربية في دعم اللاجئين.
كيف تناولت فكرة "التطوع" في كتابك؟
أصبح من البدَهيات أن العمل التطوعي هو ميزان إنسانية ورُقي وتدين المجتمعات والأفراد، باعتبار أن التطوع لا يتطلب أي إجبار على عمله ولا يُقصد به أي منافع ذاتية، وكلما كان المستهدف من العمل التطوعي هو رعاية الأكثر استضعافًا؛ يكون التطوع أكثر طلبًا وأكبر قدرًا.
يضيف مع كثرة مؤسسات وفرق الدعم الإنساني العاملة في ملف اللاجئين في العالم العربي، إلا أن من عايش عمليات التطوع والمساعدة والمتابعة في هذا الملف يلاحظ أن أغلب هذه العمليات في كل مراحلها تسير بلا خطط ولا مناهج ولا دراسة واضحة هذا مع انشغال الكثير بشؤونهم الخاصة، وظهور أصوات عنصرية تنادي بطرد اللاجئين بوصفهم عبئًا مضافًا على اقتصاد وموارد الدولة.
خلال كتابك تحدثت عن الكتب التي تتعلق بقضايا التطوع.. فماذا وجدت؟
يكشف الجنوبي أن الكتب في المكتبة العربية التي تتعلق بقضايا التطوع قليلة وقد تكون نادرة، وأغلب الموجود منها يتوقف عند فكرة الوعظ بأهمية التطوع بلا التطرق لكيفية صناعته وبدايته وتطويره وحل مشكلاته، وبالتالي فالكتب والمراجع والدراسات المتعلقة بالعمل التطوعي الموجه لدعم اللاجئين ومعرفتهم قبل دعمهم هي أكثر ندرة.
ويكمل الجنوبي: هذا الكتاب هو إعادة التذكير بمفاهيم أساسية حول أهمية العمل التطوعي الفعّال خاصة المقدم عبر مؤسسات المجتمع المدني، الذي يُبقي على المجتمع إنسانيته وينفع اللاجئين إلى أقصى حد ممكن، ويستثمر وجودهم كثروة إنسانية واقتصادية وثقافية واجتماعية بدمجهم في خطط التنمية المستدامة للدول والمجتمعات الحاضنة.
ما التسلسل الزمنى لقضايا اللاجئين وفقًا لما قدمته كتابك؟
يوضح الجنوبي، أنه مع بداية الحرب السورية 2011 والتي أدت إلى تدفق ملايين اللاجئين إلى دول العالم، ظهرت من جديد قضايا اللاجئين العرب لتكون قضايا الساعة بعد ضعف الاهتمام بشتات الشعب الفلسطيني منذ 1948، ونسيان الهجرة اللبنانية بعد الحرب الأهلية (1975-1990). وبعد ظهور مشكلة اللاجئين السوريين، تعالت قضايا اللجوء أكثر بعد الحرب على اليمن 2014، وتكرر الاهتمام الدولي مرة أخرى مع التغريبة السودانية الجديدة بعد النزاع المسلح 2023، بالإضافة إلى ما بينهم من قضايا اللاجئين القادمة من العراق وليبيا وأفريقيا وأخيرًا أوكرانيا، لتبدو بالصوت والصورة معاناة التهجير والنزوح واللجوء لكتل بشرية هائلة هائمة كانت آمنة يومًا.
ومن أجواء كتاب “بين الغربة والونس
ينقُل الكتاب كذلك عددًا من المعاني والمشاهدات التي عايشتُها عبر أكثر من عشر سنوات في العمل التطوعي وخاصة في دعم اللاجئين، مع التعريف بخريطة اللاجئين في العالم وعددهم ومشكلاتهم وملفات دعمهم ومقارنة أشكال مساعداتهم بين الدول، إضافة إلى التعريف بإمكاناتهم ورموز النجاح منهم. يتعرض الكتاب أيضًا لأهم الكتابات التي تناولت قضايا المجتمع المدني والتطوع واللاجئين، بالاقتباس منها ولو جمل وفقرات بسيطة للتحريض على الرجوع إليها لأهميتها. عسى أن يكون هذا الكتاب ملهمًا في عمليات التطوع بشكل عام، وفي دعم اللاجئين بشكل خاص، وباعثًا لأقلام على الكتابة عنهم؛ ليكون العمل التطوعي الموجه لهم أكثر تأثيرًا لرفع ما يمكن من ألم، فهذا التطوع الذي نقوم به للاجئين بلا أجر، هو في الحقيقة الثمن الذي ندفعه لنعيش على هذه الأرض كبشر.