شخصية المعرض.. نجلة يعقوب الشاروني: والدي تناول الكثير من قضايا الطفل في قصصه
قالت نجلة الرائد يعقوب الشاروني الدكتورة هالة الشاروني، خبيرة وسائل الإيضاح وقص القصة، إن والدها تناول الكثير من قضايا الطفل في قصصه، وكانت أهم همومه، وكان حريصًا على أن يلتقي بالأطفال.
وأكدت تميزه بالتواضع الشديد، والعمل الدائم، وحُسن الإصغاء والتشجيع لكل الأدباء والفنانين، مشيرة إلى أنه علمها كثيرًا كيفية تفادى السرد فى القصة، وتحويل كثير من أجزاء الرواية إلى حوار لتصبح الرواية مشوقة وجذابة وأكثر قربًا للقارئ وتُزيد من استمتاعه.
وقالت "الشاروني" عن اختيار رائد أدب الطفل والدها يعقوب الشاروني ليكون شخصية معرض القاهرة للكتاب لهذا العام: "لقد كان مصدر سعادة له ولنا جميعًا، وقد قال والدى: "أُرسل شكري لمن اختارنى في حياتي وليس بعد رحيلي، وها قد فتحت الباب لكل كُـتَّاب الأطفال ليتم تكريمهم فى هذا المعرض الضخم فى حياتهم".
وأضافت في حوارها مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى ينظم كل عام، يعد من أهم الأحداث الثقافية فى مصر ولجمهور المعرض، لأنه يجمع كثير من الناشرين مع الكتب والألعاب والوسائل التعليمية فى مكان واحد؛ ما يتيح للحضور الانتقاء والاطلاع على الكثير من الكتب، ويمثل فرصة ذهبية لاختيار أفضل الكتب التي يهتم بها كل زائر للمعرض.
وعن أهم المؤلفات التي تعتز بها ومحفورة فى ذاكرتها منذ الطفولة من أدب الرائد الأيقونة يعقوب الشارونى، قالت: "من أهم مؤلفات والدي التى أتذكرها، هي قصص الأهرام التى كان يكتبها كل يوم فى جريدة الأهرام تحت اسم "حكاية أعجبتنى" و"ألف حكاية وحكاية "، فقد كنت استمتع يوميا بقصة من قصصه، رغم أنى لم أكن صغيرة جدا، ولكنى كنت متابعة لكل كلمة يكتبها أبي".
وحول السمات التي جعلت هذا الأديب يُعد رائدًا من رواد العطاء والإنجاز الإبداعى الأدبى الفنى طيلة ما يزيد على نصف قرن من الزمان، قالت "لقد تميز والدى بالتواضع الشديد، والعمل الدائم، وحُسن الإصغاء والتشجيع لكل الأدباء والفنانين من رسامى كتب الأطفال صغارًا وشبابًا وكبارًا، وكثيرًا ما كان يساعدهم بخبرته فى إتقان الحبكة القصصية أو الدرامية أو عُقدة القصة لتنتهى بأفضل ما يكون، وبنفس الاهتمام يلتقى برسامى كتب الأطفال ليعطيهم خبرته فى الرسوم لتكون مناسبة للعُمر الموجهة له الرواية".
وأضافت، أنه كان حريصًا على أن يلتقى بالأطفال والشباب الصغير فى أى لقاء ليستمع لهم ويحاورهم، وكان يقول: " إن هذه اللقاءات مفيدة جدًّا كى أتعلم ".
وعن رسالتها لكُتَّاب العالم العربى الذين يرغبون في الدخول إلى مجال أدب الطفل، قالت" رسالتى هى رسالة والدى التى علمنى إياها، وهى " على كاتب الأطفال تثقيف نفسه جيدًا، وأن يُتقن ويبحث عن المعلومة، وأن تكون صحيحة مئة فى المئة، وأن يقرأ ما يكتبه الغرب من خلال الترجمات ليتعلم، وأن يلتقى بالشباب الصغير والأطفال ويحكى معهم ويصغى لهم جيدًا، ليعرف كيف يفكر كل منهم وما يتمناه الصغار من الكبار، لتنجح رسالته وقصصه وكلماته، لتصل إلى أعماق الصغار".
وبشأن الثقافة كمصدر رئيس للقوة الناعمة، قالت " إن القوى الناعمة لا تستطيع أن تؤثر دون ثقافة، فهى كثيرا ما تحدث الوجدان والانفعالات، وقدرتها على الجذب دون قهر أو إرغام أو تهديد، فالقوة الناعمة تؤثر على الشخص وقوته الروحية والمعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، وهذا لا يتم إلا فى وجود ثقافة عالية جدًّا لتصل القوة الناعمة إلى الجمهور المتلقى باختلاف أعماره وثقافته بطريقة صحيحة وجذابة".
وحول كتاب "سر الحكاية"، قالت " قبل عيد ميلاد والدى الخامس والثمانين، قررت أن أجمع مجموعة الدراسات التى كتبها الأدباء والنُقاد والكُتَّاب وأساتذة الجامعة والفنانين عن روايات يعقوب الشارونى، وكنت حريصة أثناء الاختيارات أن تكون لشخصيات وروايات مختلفة؛ ليظهر التنوع فى الكتاب، ولكى يكون مرجعًا لكيفية نقد كتب الأطفال، وقد كانت سعادة والدى بهذا الكتاب لا توصف، واحتوى الكتاب على ( 32 ) دراسة، وشاركت فيها بثلاثة موضوعات، بالإضافة إلى المقدمة التى استغرقت منى حوالى الشهر، لتظهر بهذه الصورة المُشرفة".
وعن جائزة "يعقوب الشاروني" التى تعدها أسرته، أوضحت أن جائزة " يعقوب الشارونى " للأدب ما زالت فى المهد، ونحن ننتظر نهاية معرض الكتاب لنبدأ الخطوة التالية، وهى توثيق واختيار المُحكمين، ومن سيتولى تبنى الجائزة، لكن التفاصيل ما زالت لم تتضح بعد.
وفي تعليق لها على مقولة الأديب يعقوب الشارونى: "أنا أجمع ( 500 ) معلومة كى أكتب للطفل قصة بها ( 50 ) معلومة، قالت" إن والدى علمنى أن أكتب كل المعلومات المُتاحة أمامى عن الموضوع الذى أكتب عنه، ولكنه ليس بالضرورة استخدامها كلها، بل يجب أن تكون الاختيارات فى مكانها فى النص، ولا يشعر القارئ أنها موضوعة فى غير مكانها، أو أنها وُضعت لأننا نريد وضعها، حتى لو كنت تكتب كتابا علميا مبسطا للأطفال، يجب وضع أهم المعلومات، ويجب أن تكون مشوقة، وهذا ما فعلته فى كتابي العلمي الأخير " الصحاري المصرية.. ثروة وحياة "، فقد جمعت أكثر من ( 600 ) معلومة عن الصحراء، لم أكتب منها سوى ( 40 ) معلومة فقط، هى ما ظهرت فى الكتاب، فالمقصود هنا ليس تكديس المعلومات، وإنما انتقائها".
وفي ردها على سؤال "بوصفك كاتبة للأطفال كوالدك الرائد، ما رأيك فى أن "أنسنة الحيوان" فى القصة هو أكثر ما يلائم الأطفال فى أدبهم؟، قالت" ليس شرطًا أنسنة الحيوان فى القصص المُقدمة للطفل، ولكن هى مفضلة لصغار الأطفال، لأن الصغار يحبون الحيوانات وخاصة الصغار منهم، لكن والدي كتب رواية للشباب الصغير عنوانها " ثورة الأمهات فى بيت الأسد"، وقد أظهر لنا أنسنة الأسود وأنسنة إناث الأسود فى الرواية، كانت تُعبر عن حقوق المرأة فى عالم البشر على لسان الحيوان، إنها قصة استوحاها والدى من خياله، لكنه وضع الحيوان وكأنه بشر".
ونوهت باتفاقها مع الأستاذ الشارونى فى أن الحوار المسرحى فى الرواية هو وسيلة لاستمتاع، مضيفة" لقد علمنى والدي كثيرًا كيفية تفادى السرد فى القصة، وتحويل كثير من أجزاء الرواية إلى حوار لتصبح الرواية مشوقة وجذابة وأكثر قربًا للقارئ وتُزيد من استمتاعه وشغف المُتلقى بإنهاء الرواية.
وبشأن حاجتنا الشديدة إلى الاهتمام باللغة العربية في جميع وسائل الإعلام والإعلانات التى تقع عين أطفالنا عليها، قالت" الحقيقة إنه من المفروض استخدام اللغة العربية البسيطة والدارجة فى لغتنا العامية فى جميع وسائل الإعلام والإعلانات، ولا تستخدم نهائيًّا اللغة العامية، فهى تُفْقِد الطفل أساسيات اللغة العربية الفصحى، رغم أن لغتنا رائعة وجميلة، فقط نحتاج إلى احترامها ونستخدمها بطريقة صحيحة".
وحول رأيها في تنويع كُتَّاب الأطفال لمعالجة قضايا الطفولة فى قصصهم وأشعارهم ومسرحياتهم مثل قضايا:أطفال ذوى الهمم، التربية الجنسية، الأطفال ضحايا الكوارث الطبيعية، الطفل العامل، الأطفال ضحايا التنمر، الفقر، والتهميش، والعشوائيات، أطفال الشوارع، قالت "لقد تناول والدى الشارونى الكثير من قضايا الطفل فى قصصه، مثلًا: تناول فى قصة "سر الاختفاء العجيب " طفل ذوى الهمم ( إعاقة ساق ) والتنمر عليه ليُصبح المُنقذ لصديقه والمُحافظ على المقبرة الفرعونية التى اكتشفها، وقصة " ليلة النار " التى تناولت الفقر والعشوائيات والتهميش، وعالجها فى الرواية من البداية إلى النهاية.
وأضافت: أنه فى رواية "حسناء والثعبان الملكى" تناول الطفلة الفتاة ومقاومتها للكوارث الطبيعية، ورواية " تائه فى القناة " لقد حكى الشارونى من خلال طفل 12 عامًا مدى المعاناة التى سقطت على الشعب المصرى ومدى الظلم الذى وقع عليه أثناء حفر قناة السويس، لقد كانت أهم هموم الشارونى قضايا الطفل المختلفة، وقد تناول منها الكثير من خلال كُتبه الــ 700 التى كتبها".
وحول رأيها في الكتب الإلكترونية، ومميزاتها وعيوبها مقابل الكتب المطبوعة، وهل سيستمر الكتاب المطبوع؟ ولماذا ؟، قالت: "رغم أن كثيرًا من الشباب الصغير يقرأ الكتب الإلكترونية، فإن نسبة مبيعات الكُتب المطبوعة والورقية ما زالت نسب بيعها عن طريق الإنترنت أعلى بكثير من البيع فى المكتبات أو شراء الكُتب للقراءة من الإنترنت، إذن فإن الكتاب المطبوع سيستمر، وحاليًّا توجد عشرات الكتب التى تحدث الحواس لصغار الأطفال، يجب أن تكون فى متناول الطفل الرضيع، قد تكون كتب كارتون أو كتب قماش أو بلاستيك أو كتب خشب أو من أى خامة أخرى يستطيع الطفل لمسها واللعب بها".