القاهرة تتحدى.. بالكتاب!
موجة سقيع تضرب البلاد تنخفض معها درجات الحرارة لما تحت الصفر، تصاحبها موجة غلاء غير مسبوقة، الجنون يصيب أسعار معظم السلع، حروب من حولنا في كل اتجاه، شرقًا حرب صهيونية على أشقائنا في قطاع غزة، جنوبًا الأشقاء في السودان يتناحرون على لا شيء، اشتعال الحرب في مدخل البحر الأحمر ضد الأشقاء في اليمن والحجة القضاء على جماعة الحوثي، حماقة إثيوبية لا نعرف إلى أي مدى ستصل بالشعب الإثيوبي المغلوب على أمره.
كل ذلك لم يمنع مصر من إقامة عرسها الثقافي السنوى ويحمل اسم معرض القاهرة الدولي للكتاب، لتظل مصر رغم كل حاقد هي عاصمة النور الحقيقية للعرب والعالم.
المتربصون وأصحاب النفوس المريضة يدعون غرق مصر في أزماتها، والواقع يكذبهم بـ2.5 مليون زائر في الأسبوع الأول من المعرض، مئات الآلاف من عناوين الكتب، موسوعات وكتب تراثية وأخرى تاريخية، عشرات العناوين الجديدة لكبار الكتاب، وجيل جديد من الكتاب ينضم لقائمة المبدعين.
فى أرض المعارض الجديدة بالتجمع الخامس، حيث الهواء الطلق والسقيع القارس، يجتمع الآلاف يوميًا، تلتقي الأجيال بمختلف أعمارهم وتنوع انتمائهم في مكان واحد، تجمعهم الفكرة التي يبحثون عنها داخل صفحات الكتب وبين سطورها، نهم قراءة الكتاب المقروء لم ينته، لتصل الرسالة لصحفيي مصر، الكلمة المطبوعة والصحف الورقية ما زال لها قراؤها، فهم يبحثون عن الجيد والمفيد منها.
الدورة 55 لمعرض الكتاب شهدت مفاجآت، مبشرة بمستقبل أفضل للثقافة والوعى لدى الأجيال الصاعدة، منها إعادة طبع كتب لكبار الكتاب الحاليين والراحلين، فأعيد طباعة 15 كتابًا للساخر الراحل عمنا محمود السعدني، ولاقت إقبالًا كبيرًا من جيل الشباب تحديدًا، ويعود الكاتب الكبير محمد سلماوى برواية جديدة هى الأولى له منذ 2011، ومجمعة قصصية جديدة للكاتب الكبير أحمد الخميسي، ويعيد زميلنا الكاتب الصحفي أيمن الحكيم إعادة طباعة كتابين من كتبه هما "مذكرات الشيخ إمام" و"فرقة رضا".
وخير ما أسعدني في معرض الكتاب لهذا العام هو ظهور إبداعين لصديقين عزيزين بعملين كبيرين، هما الصديق الصحفي المتميز محمد جلال فراج بإبداعه الجديد "ريحة الورق" وهو رحلة خاصة جدًا في أدق تفاصيل حياة نجوم الزمن الجميل، ويضم أسرارًا وحكايات لم تنشر من قبل، وانفردت بها صحيفتنا "الدستور" خلال الأشهر الماضية.
وينضم لمكتبات معرض الكتاب كتاب جديد لصحفي أعتبره إحدى نوابغ الجيل الصاعد من الصحفيين الموهوبين هو زميلى حمدين حجاج الذي قدم لنا واحدة من أجمل قصص الحب والوفاء في الوسط الفني من خلال كتابه "فايزة وسلطان".
كذلك يجدد صديقنا الكاتب الصحفي سيد الحراني انطلاقاته وخبطاته بالانفراد بنشر مذكرات العالمي عمر الشريف، وهو من انفرد بنشر العديد من مذكرات كبار النجوم، منهم ماجدة الصباحي وحمدى أحمد وغيرهما، وله عدة كتب تكشف كواليس مهمة عن جماعة الإخوان منها "العائدون من جحيم الإخوان"، و"الناجون من الإخوان" ويضيف لهما في هذه الدورة كتابه المهم "عمائم ناسفة.. ما بين الإخوان والأزهر الشريف".
وأخيرًا من أهم مفاجآت المعرض هذا العام هو ظهور كتاب في "بيوت الحبايب" لنجمة اليوم السابع الكاتبة المتميزة زينب عبداللاه، وهو رحلة متميزة في بيوت نجوم الزمن الجميل وحكايات جديدة بقلم رشيق.
الخلاصة أن إبداع المصريين لم يتوقف وريادتهم الثقافية ونبوغهم العلمي لم ولن يتأثر لا بأزمة اقتصادية ولا حتى بمؤامرات عالمية.