كُتاب عن الموروث الشعبى: تعرض لهجوم كبير من المتطرفين رغم أهميته الأدبية
رأى الكاتب عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أن الكاتب الذى يؤلف من أجل الحصول على جائزة، مجرم من نوع ما، مشيرًا إلى أن هناك كتابًا يترصدون الجوائز للحصول عليها، وهؤلاء مشروعهم فاسد، قائلًا: «أنا أكتب لأننى أريد الكتابة، والأصل أن ينتج الباحث نتاجه الفكرى والأدبى، ومن ثم يتم تكريمه إذا كان نتاجه يستحق».
واستضافت القاعة الدولية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ندوة بعنوان «كتاب وجوائز»، بحضور الدكتور سعيد المصرى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة والفائز بجائزة زايد للكتاب، والدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، الفائز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية بالإمارات، والدكتورة نجيمة طاى طاى، الأستاذة بجامعة محمد الخامس، الفائزة بجائزة سرد الذهب فرع الرواة من المغرب، وأدار الندوة الإعلامى مصطفى المنشاوى.
وقال «المسلم» إنه تأثر بمجموعة من المبدعين، مثل الشاعر النبطى راشد الخضر وأنيس منصور، وفى مجال التراث المرحوم الدكتور أحمد مرسى، وكان محفزًا كبيرًا له للاهتمام بالتراث والأدب الشعبى.
وعن أهمية التراث الشعبى، أكد أنه لا بد أن يكون الأدب الشعبى فى مصاف الآداب الأخرى، لأن السنوات الماضية أثبتت أنه الأقدر على التعبير فى المجتمع، فهو يذوب بين الناس ويعاد إنتاجه طوال الوقت.
وعن إقبال الشباب على قراءة مثل هذا النوع من الأدب، رأى «المسلم» أن الشباب الآن أصبح «أسير النطف»، حسب وصفه، فقد حدث اختزال كبير للمنتج الثقافى وأصبح يعتمد على المنصات ذات المساحة المحدودة، وأصبح الأغلب من الشباب يهتم بالشكل أكثر من مضمون العمل الثقافى، والقراءة لا ترتبط بالغنى والفقير، فهى حالة إنسانية بكل أشكالها.
وبين أنه مهتم كثيرًا بالتراث العربى، ولديه توجيهات من الشيخ الدكتور سلطان القاسمى حاكم الشارقة، بدعم التراث العربى، قائلًا: «منذ ٣ عقود ونحن نعمل على دعم التراث العربى».
وذكر أنه «سعيد» بأن المؤسسات العربية تُكرم الناس فى حياتهم، وليس بعد مماتهم، منوهًا إلى أنه فى أوروبا هناك شباب فى عمر الـ٢٥ عامًا يكرمون على إنتاجهم الأدبى، ويعرف بعض المثقفين الذين أنشأوا مؤسسات من المبلغ الكبير الذى حصلوا عليه من التكريمات، مضيفًا: «قد حاولت كثيرًا أن أفتح أبوابًا كثيرة لمن يعملون فى التراث الشعبى». بدوره، قال الدكتور سعيد المصرى، إن سبل التلقى تختلف الآن أمام تطوير ما يقدم، مضيفًا أن المجتمع العربى الآن أكثر ثقافة واطلاعًا عما سبق، وبالطبع كان هناك الكثير من الرموز، ولكن الآن لم تعد الثقافة متمركزة فى مكان ما، وأصبحت طاغية فى كل مكان.
وذكر أن الحياة قبل الجائزة تختلف عن الحياة بعد الجائزة، فالمبدع يعيش طول الوقت فى حالة خلق إبداعى، والجائزة تضعه أمام مسئولية أن تكون حاصلًا على جائزة، خاصة إذا كنت مبدعًا حقيقيًا، وتظل تسأل نفسك: ما الذى ستقدمه بعد ذلك؟
ورفض «المصرى» مقولة إن الماضى أفضل من الحاضر، قائلًا «بالعكس كلما تقدم بنا الزمن زادت المعرفة، فقد تنوعت وسائل التواصل ويستطيع أى إنسان فى العالم العربى الوصول إلى ما يريد، لكن هل الأجيال الجديدة لديها روح الأجيال السابقة»، مشيرًا إلى أنه لدينا شباب بطاقة كبيرة، ونحتاج من الحكومات أن تعزز الاستفادة من هذه الطاقة. وكشف عن أن التراث الشعبى تعرض لهجوم كبير من بعض المثقفين والمتطرفين، فالأدب الشعبى له نفس القدر من الاهتمام كما هو الحال بالنسبة للغة، قائلًا: «إذا ما أُنتج عمل ثقافى بلهجات أخرى تعبر عن الثقافة الشعبية، كانت تلاقى هجومًا رهيبًا، وجاء رعيل من الأساتذة الكبار بدأوا بحفظ التراث بشكل منهجى، وبدأنا الآن نسأل ماذا بعد؟، هل كل ما نجمعه هو مهم، فهناك من يتحدث عن التراث وكأنه كتلة واحدة، والحقيقة غير ذلك، فكما نعتز بالموروث الشعبى، لا بد أيضًا أن ننتقى منه ما يناسب الحفظ، وكل مرحلة لها إضافتها الجيدة».
فيما قالت الدكتورة نجيمة طاى طاى، إنه من المفترض أن نتعامل مع التراث على أنه حى ويسهم فى المجتمع، وما أحوجنا فى هذا الفترة إلى النظرة مرة أخرى فى تراثنا. وأضافت أنها مهتمة بالحكاية الشعبية، وقد عانت من النظرة الدونية لهذا الأمر، ولكنها أصرت وآمنت بما تفعله حتى وصلت لكل هذا، مشيرة إلى أن الكلمة لها سلطة على المستمع، فالراوى لديه من الإمكانات ما يمكن أن يكون صعبًا على القارئ، قائلة: «لدىّ كتاب فى هذا الإطار بعنوان (الغول بين الحقيقة والخيال فى الدراسة الشعبية المغربية)».