صالح سليم.. لست هاربًا من زمن الفرسان (بودكاست)
قطرات المطر تنقر على زجاج النافذة، في مختبر للتحاليل الطبية في العاصمة البريطانية لندن، إنه نهار أحد أيام عام ١٩٩٨، في غرفة التحاليل، ينتهي الأطباء من سحب جميع العينات اللازمة من المريض الخاضع للاختبار، كان المريض هو نجم لعبة كرة القدم ورئيس نادي الأهلي المصري والممثل الشهير صالح سليم.
تخبره إدارة المعمل بالعودة في السابعة مساء لاستلام النتائج، ثم الذهاب لعرضها على الطبيب المختص.
يعود إلى المنزل، وهناك تطلب منه حفيدته الطفلة بأن يصطحبها مساء لدخول السينما، فيعدها بتلبية طلبها فور الانتهاء من استشارة الطبيب.
وفي المساء يتسلم صالح النتائح ويذهب إلى العيادة، وبدم إنجليزي بارد يخبره الطبيب بأن التحاليل تؤكد أنه مصاب بسرطان في الكبد، وأنه إن كان محظوظا فليس أمامه سوى خمس سنوات على الأرجح، سيعيشها على قيد الحياة، ولا بد أن يبدأ فورا في تنفيذ خطة العلاج.
وما إن يبدأ الطبيب في شرح خطة العلاج، حتى يقف صالح مستأذنا في الانصراف، لأن لديه موعدا مهما.
يُصدم الطبيب.. ويسأله: هل هناك موعد أهم من صحتك، يبلغه صالح بأنه قد وعد حفيدته باصطحابها إلى السينما، وأنه سيمر عليه في العاشرة صباح الغد.
يذهب صالح في رباطة جأش منقطعة النظير، ويصطحب الحفيدة إلى السينما، ويقضي معها سهرة مرحة كلها سعادة وهناء.
لم يفاتح أحدا بما جرى مع الطبيب، وينام ليلته ملء جفونه، وكأن الحياة قد طابت له، وفي الصباح يتناول إفطاره مع أسرته في هدوء واطمئنان، ثم يذهب إلى العيادة، وهناك يتفاجأ الطبيب بحضوره، ويقول: كنت أراهن أنك لن تعود؛ فمعظم من يُواجَهون بحقيقة مرضهم ييأسون ولا يعودون أبدًا".
يرد صالح: "وعدت حفيدتي بالأمس وأوفيت، ووعدتك أنت أيضا أن أعود ووفيت؛ في الحقيقة لا يوجد سبب واحد يجعل رجلا حقيقيا يخلف وعده إلا الموت".
في حلقة اليوم من بودكاست «شخصيات قلقة»، أصحبكم أنا محمد هشام في رحلة للدوران في فلك هذا الرجل العادي كما يرى نفسه، علّنا نفك الشفرة المعقدة التي تدخلنا إلى عقله المليء بالمساحات الغامضة.