الجهاد فى بلاد الكفر
فى أوروبا أصبح المواطن، امرأة أو رجلا، يشعر بأن الوطن الذى وُلد على أرضه، وتربى على خيراته، وعاش فيه أجمل الذكريات، يتعرض لخطة مرسومة لتحويله إلى واحدة من الغزوات الاسلامية.
انتشار المساجد والجوامع، وميكرفوناتها، حشود الصلاة فى الشوارع والميادين، الاحتفال بالمناسبات الدينية التى لا حصر لها، انتشار الحجاب والنقاب، محلات إسلامية، جمعيات إسلامية، مراكز إسلامية، ذقون ولحى وسبحات، دور فتاوى إسلامية، وغيرها من مظاهر التواجد الإسلامى المسيس، التى تعلن لكل منْ يهمه الأمر: "المسلمون موجودون فى عقر دار الكفر، المسلمون قادمون لتأسيس الخلافة الإسلامية".
لا توجد ديانة فى العالم غير الإسلام يصلى أتباعها فى الشوارع. ولا تحدث فى العالم أى اغتيالات وتفجيرات إلا من تنظيمات إسلامية مسلحة، لها فروع فى كل مكان. لم نسمع عن تفجيرات وتهديدات وإهدار الدم باسم تنظيمات يهودية أو مسيحية أو بوذية أو هندوسية.
أتابع يوميًا العديد من برامج البث المباشر، يقدمها بعض المهتمين بتجديد الخطاب الدينى الإسلامى، ومناقشة كتب التراث الإسلامى، والشىء الملفت للدهشة أن المسلمين هم الوحيدون الذين لا يردون الحجة بالحجة، ولا يناقشون موضوع البث، بل يصرخون ويتشنجون ويشتمون شتائم جنسية، يهددون صاحب البث باقتحام بيته أينما كان، وسينكحون كل نساء بيته أمام عينيه، ثم يقتلونه ويمثلون بجثته، ليكون عبرة.
أصبحت بلاد أوروبا، بعد هجرة ولجوء المسلمين إليها بأعداد كبيرة، بالملايين، خائفة من تغير وضياع هوية أوطانها. فقد تحولت مساحات المد الإسلامى إلى خلايا نائمة، وأوكار للإرهاب، والتطرف للإسلام السياسى الجهادى، وقنابل موقوتة تنفجر هنا وهناك وهى تشهد: "الله أكبر.. محمد رسول الله"، مستهدفة نزع الحضارة الغربية من مكتسباتها التى ناضلت من أجلها طويلا، مثل إعلاء قيمة العقل، وحماية الحريات، وسيادة القانون، وقيم الحداثة والمواطنة، وبقاء الأديان بعيدا عن الفضاء العام.
يصل اللاجئ أو المهاجر المسلم مبديا الجانب الضعيف، المهزوم، المأزوم فى وطنه، الذى دفعه إلى أن يخاطر بحياته ويركب مراكب الهجرة غير الشرعية، مفضلا الموت عن مواصلة العيش فى بلد تخربه الحروب الدينية، والفقر والبطالة وضياع حقوق الإنسان.
وعندما يحصل على العمل والمأوى، والإقامة، أو الجنسية، وتستقر أحواله كإنسان، له كل الحقوق والحريات، وكرم وحسن الضيافة، وهى نفسها مكتسبات الغرب التى يصفونها بالكفر والانحلال الأخلاقى، يبدأ الجانب المستتر تحت الجلد فى الظهور تدريجيا، ويصبح "ترسا" فى الآلة الإسلامية الجهادية العالمية. وعلى رأى المثل الشهير: "أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رمانى".
وإذا كانت البلاد التى لجأ إليها المسلمون هى بلاد الكفر، والانحلال الأخلاقى، وترك النساء بلا وصاية ذكورية، فلماذا أصلا اختاروها لإقامتهم؟؟، لماذا لم يبقوا فى بلادهم التى يسود فيها الإسلام، والرقابة على النساء، والالتزام الأخلاقى بما يرضى الله؟. لماذا تركوا بلاد الجلابيب، والذقون، والحجاب، والنقاب، والعباءات والطُرح؟؟.
لماذا يفضل المسلمون مجتمعات تنظر إلى المستقبل، بينما هم لا ينظرون إلا للماضى؟؟. مجتمعات تؤمن بالعلم والحرية والقوانين الوضعية، والمواطنة العادلة، بينما هم لا يعترفون بالعلم، والحرية، والعالمانية، والمواطنة دون تمييز؟. شىء غريب أن يهاجروا إلى بلاد تمجد الحياة، وهم يمجدون الموت؟؟. لماذا لا يلجأون، ولا يهاجرون إلى إحدى دول الخليج الثرية، التى تعتنق الإسلام، وتتكلم اللغة العربية، والأقرب جغرافيا، وثقافيا، ولديها التراث الإسلامى نفسه؟؟. ولم نسمع عن مهاجرين أو لاجئين مسلمين يذهبون مثلا إلى أفغانستان، حيث تطبق طالبان شرع الله؟.
يقول المنطق إنهم إذا كانوا قد فشلوا فى استعادة الخلافة الإسلامية فى بلاد لديها التراث الإسلامى نفسه، فكيف ينجحون فى أوروبا؟؟.
قال الداعية الإسلامى الشهير، مشيرا إلى حشود من الأطفال الإناث، والفتيات والنساء المحجبات: "سوف نغزو ديار أوروبا الكافرة، المنحلة، وننتصر عليهم بأرحام النساء". يستغلون خصوبة المرأة، للتكاثر إلى أقصى حد، فيصبحون أغلبية، تنافس على الحكم.
كيف يتركون غزو أوروبا إلى النساء ناقصات العقل والدين؟. كيف يربطون انتصارهم بالمرأة المنزوعة من ضلع أعوج، سبب الخطيئة والشرور، النجسة والشيطانة، التى تحتاج إلى تكبيلها ومراقبتها وحبسها، حتى لا يعم الفساد فى الأرض؟. لكنهم محقون.. فالنساء عندهم للنكاح والِخلفة، فى السِلم والحرب.
ومن أين جاءت فكرة أن الغرب "منحل أخلاقيا"؟، السبب هو أن المسلمين يحصرون "الاستقامة الأخلاقية" فى شىء واحد هو عدم اختلاط الجنسين، وتقييد العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل.
الدول الغربية مثلما تؤمن بحرية الرأى، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية الإبداع، وحرية الاعتقاد، تؤمن أيضا، وبالدرجة نفسها، بحرية الحب، وحرية العلاقات الجنسية، لأن الحرية تؤخذ كلها دون تجزئة.
وكيف يمكن لمجتمعات "منحلة أخلاقيا" أن تتقدم، وتكتشف، وتخترع، وتتفوق، وتنبغ، فى كل المجالات؟. وكيف لها أن تحتل المراكز الأولى عالميا فى جودة الحياة، وازدهار الحريات وحقوق الإنسان والنساء والأطفال، والتعليم والصحة والثقافة والإبداع والبيئة، وسيادة القانون؟؟.
فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية، التى تتقاتل، وتسفك الدماء بسبب أديان موروثة، وتتضخم فيها المواعظ الدينية الأخلاقية، تحدث الانحرافات الجنسية، والانحلالات الأخلاقية بشكل أكبر بكثير من حدوثها فى الدول الغربية، التى ينعدم فيها الوعظ الدينى والأخلاقى. لكنها تحدث فى الخفاء.
نسمع عن شيوخ ودعاة ورجال دين تم افتضاحهم بمختلف الجرائم الجنسية، والذين كسبوا المليارات بالتجارة بالدين، ويصدعون أدمغتنا عن الفضيلة والالتزام الأخلاقى، وعدم تقليد الغرب الكافر.
هؤلاء المشايخ والدعاة، الذين يكفرون ويشتمون الغرب الكافر، يرسلون أولادهم إلى بلاد أوروبا للتعليم والدراسة والحياة الفاخرة المرفهة. وعندما يمرضون يسافرون إلى الغرب الكافر، لكى يعالجهم ويشفيهم من أمراضهم.
ولا يسمعون كلام أشهر دعاتهم، الذى قال إن المسلم إذا مرض لا يجب أن يسعى إلى الشفاء، لأن هذا يؤخر من لقائه بالرب. وهو يعنى أن المسلم يحب الحياة الدنيا الغرورة الفانية ويتشبث بها، فى حين أنه لا بد أن يشتهى الحياة الآخرة الأبدية.
وشيوخ ودعاة وخطباء وأئمة مساجد لا يتوقفون عن دعوة الشباب الفقير المحروم المكبوت للزهد فى متاع الدنيا. ثم نكتشف أنهم يعيشون فى قصور، ولديهم الأراضى والأطيان، على ذمتهم أربع نساء يغيرونهن حسب المزاج، وأرصدتهم فى البنوك بالمليارات داخل بلادهم وخارجها، ينفقون هم وأولادهم وبناتهم وزوجاتهم ببذخ، وغارقين فى متاع الدنيا.. يدعون الشباب الفقير المغيب إلى الموت فى سبيل الله، داخل بلادهم أو خارجها، بينما هم وأولادهم، لا يموتون فى سبيل الله، ولا أحد منهم لديه الاستعداد للتخلى عن رفاهية الحياة الآمنة، لينعم برضا الرب، والجنة الموعودة.
يهاجر المسلمون ويلجأون إلى أوروبا، بأسرهم وعائلاتهم، بكل إرثهم الإسلامى منذ 1445 سنة، ويصدرون لأوروبا والعالم طوال الوقت أنهم "ضحية" الإسلاموفوبيا التى زادت بعد 11 سبتمبر، وتحريض اليمين على كراهيتهم وطردهم من بلاد أوروبا.
وكلنا يعرف كيف أن ميليشيات "داعش" قد تنكرت فى شكل المهاجرين اللاجئين. ونعرف أيضا أن الغالبية من ملايين المهاجرين واللاجئين الى أوروبا من الإسلام السُنى.
إذا كان هدفهم الخلافة الإسلامية، وتطبيق شرع الله كما نُزل فى شبه الجزيرة العربية، فمن المفروض أن يهاجروا إلى أوروبا بالبغال والحمير والجمال، ولا يركبون الطائرات، ولا يأكلون إلا التمر، ويشربون ويتداوون ببول البعير، ويقاطعون الموبايلات والكمبيوتر، وكل شىء لم يعرفه البدو من 1445.
هل يدرك المهاجرون واللاجئون المسلمون أنهم يأخذون رواتبهم وينعمون بالخدمات الكريمة من أموال صناعة الخمور، ولحم الخنزير وبيوت الدعارة، وكل أنواع الفنون التى يحرمونها؟؟.
فى بلاد أصبحت وما زالت فريسة للإسلام السياسى، لم يُقتل أحد، أو يهدد فى بيته وأمانه، من قبل مفكرين وكُتّاب، وموسيقيين، ومطربين وراقصات، ونساء يبعن أجسادهن، وناس تبيع وتشترى الخمور. بل كل التهديد والإزعاج وتنغيص الحياة، جاء من تنظيمات الإسلام الجهادى الطامع للحكم، ومن المشايخ المتحالفين معهم.
نسمع عمّا يُسمى "جرائم الشرف" التى يرتكبها المسلمون المهاجرون واللاجئون إلى أوروبا. يقتلون ويذبحون بناتهم ونساءهم، بأشكال بشعة، لإثبات أن الهجرة إلى دار الكفر لم تنسهم "دينهم" و"إسلامهم" وعاداتهم وتقاليدهم ورجولتهم، وشرفهم القابع حصريا فى دم غشاء البكارة.
الإسلام الجهادى يهدر دم كل أعزل ينتقد الإسلام.
على سبيل المثال:
فى 2 نوفمبر 2004 اُغتيل المخرج الهولندى "ثيو فان جوخ"، فى أمستردام، على يد شاب هولندى من أصول عربية إسلامية، وكان يتلقى التهديدات بتصفيته جسديا، لأنه انتقد الإسلام. وبعد أن أخرج فيلم "الخضوع"، الذى يوضح، على لسان نساء مسلمات، العنف الذى تتعرض له المرأة المسلمة من "جرائم الشرف"، وزواج القاصرات، وضرب الزوجات، تم تصفيته.
فى 7 يناير 2015، تم اقتحام صحيفة "شارلى إبدو"، صباحا فى باريس، حيث قُتل 12 شخصا، وأصيب 11. وقامت فى فرنسا أكبر مسيرة فى تاريخها "مسيرة الجمهورية" التى ضمت أكثر من 3 ملايين شخص، متزامنة مع مسيرات فى مدن أوروبية أخرى، وضمت أيضا 50 شخصا من قادة العالم.
وبالطبع، كان للنساء نصيب من العنف، على أرضهن. فقد تعرضت مئات النساء للتحرش والاعتداءات الجنسية، فى مدينة كولونيا بألمانيا، فى ليلة رأس السنة 2015/ 2016.
وفى 12 أغسطس 2022، تعرض الكاتب "سلمان رشدى"، مؤلف رواية "آيات شيطانية"، للطعن مرات عديدة فى نيويورك، على يد شاب وُلد فى لبنان، وهاجرت أسرته إلى أمريكا، وكان الشاب من داعمى الجمهورية الإسلامية الشيعية فى إيران، وينفذ فتوى أصدرها الخمينى منذ 33 سنة فى 1989، بإهدار دم "سلمان رشدى".
أعتقد أن الشعوب الأوروبية تدفع ثمنا باهظا لتعاون حكوماتها مع تيارات الإسلام السياسى الجهادى، وفتح أبواب الهجرة واللاجئين للمسلمين دون قيود.
وتدفع أيضا ثمن تعاطف اليسار الأوروبى للممارسات الإسلامية، للمهاجرين، حيث وجد فيهم البديل عن موالاته للطبقة العاملة الكادحة المقهورة، التى تكاد تختفى، أو اختفت بالفعل، ويتعامل معها على أنها "الضحية" المظلومة، المضطهدة، من قبل الرأسمالية، "العدو الكلاسيكى"، ولكن فى شكله المستحدث.
ومن الطبيعى أن تنشأ حركات مضادة تؤيد تقييد الهجرة، أو طرد المهاجرين واللاجئين المسلمين، حفاظا على هوية أوروبا، وضمانا ألا تذهب ثمراتها وخيرها إلى غير مواطنى أوروبا، مثل "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" أو "بيجيدا"، المؤسسة فى دريسدن بألمانيا عام 2014، ولها مناصرون فى كل أوروبا.
قال واحد من مشاهير الشيوخ: "إن الإنترنت سوف يخرج الكثير من المسلمين من الإسلام".
كيف يمكن أن نفهم هذه المقولة، مع الجهاد فى سبيل الله، لأسلمة بلاد أوروبا؟؟.
من بستان قصائدى
بداخلى امرأة غريبة الأطوار
تصحو بالليل
وتنام بالنهار
زاهدة فى ملذات الوجود
لا تقرأ نشرات الأخبار
تغوص فى الرمال الناعمة
ولا تسقط فى القاع
تصل سالمة إلى الشاطئ
وهى السابحة ضد التيار
ظل رجل لا يعنيها
تفضل عنه ظل الجدار
تنحت فى الصخر ملامحها
تشق طريقها كما الأنهار
ترهف السمع لحكمة الصمت
وشدو الطيور فوق الأشجار
بيتها بنيان من الكلمات
طوابق من الروايات والأشعار
لا تبالى بأحكام البشر
كما الشمس مشرقة الأسرار
تختار ما يُنبذ عقباه
عندها سواء النور والنار
لا تنخدع بظواهر الأمور
تسخر من عبثية الأقدار
ترقص على إيقاعات المحال
تغنى ما يحير الأوتار.