أين تشجع المنتخب هذا المساء؟!
مساء الخميس الماضى لم أتمكن من مشاهدة الشوط الأول من مباراة منتخبنا القومى مع «غانا» لأسباب تتعلق بضعف شبكة الإنترنت فى المكان الذى خططت لمشاهدة المباراة فيه، وبعد عدة محاولات لم تأتِ بالنتيجة المطلوبة، قررت الانتقال لمكان آخر يكون مجهزًا بجهاز استقبال، ولا يعتمد على شبكة الإنترنت، خصوصًا أننى طوال الطريق إلى المكان الثانى شاهدت بعينى ما جعلنى أدرك السبب الحقيقى لضعف الشبكة فى مكانى الأول، وفى أماكن أخرى كثيرة فى بر مصر.. كانت عيون المصريين كلها تقريبًا معلقة بالشبكة العنكبوتية، تليفزيونات، وهواتف محمولة، على المقاهى، وفى المنازل، والمحلات، حتى فى الشوارع، ومحطات مترو الأنفاق.. الجميع يتابعون المباراة بشغف وحماس وترقب للنتيجة التى كنا جميعًا نعلق عليها آمال البقاء فى كأس الأمم الإفريقية، ما أدى بطبيعة الحال إلى ضغط شديد على الشبكة، وضعفها فى أماكن كثيرة.
لم يكن هناك مقهى واحد فى مدينة القاهرة لا يبث المباراة، فيما تمتلئ الكراسى والطاولات بمئات المشاهدين، غير الذين تناثروا حولها يشاهدون المباراة وهم واقفون، يملأون الطرق والأرصفة.. الجميع تتعلق عيونهم بالشاشات التى زاد من أعدادها بعض المقاهى.. غير أن المدهش فى الأمر أننى قبل نهاية الشوط بقليل أدركت أن هناك حدثًا جللًا قد حدث فى الملعب، فقد اكتست المقاعد والوجوه بخيبة أمل مفاجئة، ظننت معها أننا تلقينا هدفًا، فسألت أحد العابرين، وعلمت بخروج نجم الفريق محمد صلاح مصابًا، وبعدها لم تمضِ دقيقة واحدة حتى جاء الهدف الأول للفريق الغانى. حاولت معرفة ما يحدث عن طريق مواقع السوشيال ميديا، فوجدتنى «مش فاهم هو إيه اللى بيحصل».. «بوستات» كثيرة جدًا تتغنى بالمنتخب بدون صلاح، وأنهم يلعبون أحسن بدونه، رغم أن الشوط الثانى لم يكن قد بدأ بعد، ولم تظهر أى أمارة على هذا «الأحسن»!!
«بوستات» أخرى تسب النجم محمد الننى، وتسخر من أدائه، وثالثة تؤكد أن إصابة صلاح هى محاولة للهروب من المباراة التى بات واضحًا أننا سنخسرها، رغم أن الهدف الأول جاء بعد إصابته وخروجه من الملعب لا قبلها!! ورابعة تقول كلامًا يبدو فنيًا بشأن العضلة المصابة، وطبيعة الإصابة، وما يمكن أن تؤدى إليه، وأن الأمر لا يستحق الخروج من المباراة، والذى يسميه كاتب «البوست» هروبًا، فقلت فى نفسى «شكلك فاهم يا نصة».. وأغلب الظن أن هذا الخبير الفنى قد اطلع على هذه الأمور الفنية الدقيقة من الكابتن «الشبراوى عكوز»، مدرب فريق «دكرنس» الذى كان يلعب له صديقنا الكاتب الصحفى الموهوب إيهاب البدوى، ويعد كتابًا قيمًا عن مذكراته وجولاته وصولاته فى ملاعب المنصورة وأجا وما حولها، فهذه مسائل لا يعرفها من مكانه فى عمق الريف المصرى، وعلى بعد آلاف الكيلومترات إلا خبير أريب، وذو عين ترى ما لا يراه الناظرون، وربما كان لاعبًا سابقًا، أو «داهية مسيحة، مجرب وفاهم أساليب اللعيبة للخروج من المواجهات الصعبة أو المهمة».
والحقيقة أننى لم أفهم أين هؤلاء الذين يكتبون تلك «البوستات»؟! «بيتفرجوا زينا ولا بيبصوا بصة على الشاشة ويرجعوا يكتبوا بوست يشتموا فيه أى حد؟!» هل هؤلاء مشجعون منا، ينفعلون مع الكرات، ويترقبون التمريرات والمراوغات، وتتحرك أجسادهم فوق المقاعد مع الهجمات، أم لجان إلكترونية مكلفة «بتارجت معين من البوستات خلال الماتش ولازم تعمله»؟!انتهت المباراة، وتمكن تريزيجيه ومصطفى محمد وعمر مرموش وزيزو وإمام عاشور من إنقاذ الموقف، والخروج بالمباراة دون فضيحة، أو هزيمة كانت كفيلة بالقضاء على أى أمل لمنتخبنا القومى بالبقاء فى البطولة.. وبدأنا التفكير فيما يمكن أن يحدث فى المباراة التالية، واحتمالات البقاء، فيما استمر خبراء التسخين ضد صلاح فيما سبق تكليفهم به، فملأوا الفضاءين الأزرق والأسود، «فيسبوك» و«إكس»، بالهجوم عليه، والكلام عن مستواه مع «ليفربول»، واختلافه عن مستواه مع المنتخب، وغيرها الكثير، حتى إن أحدهم لم يتماسك نفسه بعد نهاية مباراة «ليفربول» الأخيرة، فكتب تقريرًا طويلًا حقيرًا يتغنى فيه بأحد نجوم «ليفربول» الشبان، لأنه أحرز هدفين فى الفريق المنافس، وكتب ما نصه: «ابق حيث أنت يا صلاح.. نجم ليفربول أنسى الجميع اسم مو»، وكأن الموقع ناشر التقرير، ومحروره لا هم لهم سوى صلاح، يزعجهم نجاحه، هنا أو هناك، ويبحثون عن أى مبرر لكى «يحققوا التارجت»، ويملأوا سماءهم السوداء بالتقليل منه!!
وعندما تحدث يورجن كلوب، مدرب «ليفربول»، بعد المباراة التى ظن صاحب التقرير الحقير أن جوتا أنساهم فيها اسم «مو»، وقال إنه يتابع إصابة صلاح «ولم ينسَ اسمه»، وإن هناك مفاوضات بشأن احتمالية عودته إلى إنجلترا للعلاج، تحول صاحب «التارجت» وبدأ فى تغيير الاتجاه، جماهير «ليفربول» لم تنسَ اسم «مو»، ولكن..
صلاح يترك المنتخب فى اللحظات الحرجة!!
«الله.. هم مش كانوا من غيره أحسن من كام يوم بس؟!».
صلاح الكابتن والمفروض يفضل جنب اللعيبة..
طب هو حد قال إنه ح يسافر قبل الماتش، كل الكلام إنه موجود فى الملعب الليلة دى، والدور والباقى على اللعيبة وعلى الجمهور، هنا وهناك فى كوت ديفوار.. وعلى فكرة الفريق فعلًا لعب حلو بعد خروج صلاح من مباراة غانا، ولو فضل فى الملعب كان ممكن نكسب.. أما الأهم بقى، فهو أن من كانوا يتابعون المباراة فعلًا، المصريين بجد، فقد آلمتهم إصابة صلاح، ولا يزعجهم علاجه فى بريطانيا، وبمعرفة أطباء فريقه، وأنهم سوف يشجعون المنتخب هذا المساء، ويبتهلون إلى الله أن ينصر تريزيجيه وزيزو ومصطفى وعمر وإمام، وأغلب الظن أن السماء لن تخذلنا، وسيعود صلاح إلى البطولة لاستكمالها معنا، ومع فريقه..
تجاهلوا هؤلاء الغارقين فى السواد، واستمتعوا بفريقكم، بصلاح أو بدونه.. شجعوه، وقولوا «يا رب».. وإن شاء الله خير.