مذكرات المشاهير.. اعترافات ميركل وليز تراس وسلمان رشدي
ربما تكون «المذكرات» من أكثر أنواع الكتب جاذبية فى العالم، لأنها ترضى اثنتين من رغباتنا الإنسانية: «أن نكون معروفين»، وهى تتعلق برغبة الكاتب ذاته، و«أن نعرف الآخرين»، وهى رغبة القارئ، ولكنها فى نفس الوقت تثير جدلًا واسعًا، لأنها تعكس وجهة نظر المؤلف حول جزء مهم من حياته، وعلى الرغم من أنها من المفترض أن تكون مبنية إلى حد كبير على أحداث ووقائع حقيقية، لكنك فى النهاية تحصل على جانب واحد فقط من القصة.
ولا تتعلق «المذكرات» فقط بوصف الكاتب للأحداث، بل هى توضح كيفية تأثير تلك الأحداث على الكاتب، وتأثيره هو فيها بالمقابل، وهذا هو المكان الذى لا يُتوقع منه أن يكون فيه موضوعيًا، لأنه ببساطة لن يدعو القارئ للدخول والسماح له برؤية الفوضى، وفى نفس الوقت قد يكون لدى شخص آخر تفسير مختلف تمامًا لنفس الأحداث التى سردها الكاتب فى مذكراته.
وتعد «المذكرات» وسيلة المشاهير القوية لسرد قصصهم ومشاركة تجاربهم مع الآخرين، وهناك الكثير من السياسيين والفنانين والأكاديميين والعلماء ورجال الدين الذين طرحوا مذكراتهم على مر العصور، وسواء اتفقنا أو اختلفنا معهم، إلا أنه سيظل من المهم للغاية أن نقرأ جانبهم الخاص ورؤيتهم الذاتية للأحداث التى مروا بها.
وهناك عدة «مذكرات» منتظرة فى العام الجارى لمشاهير السياسة والفن والأدب والمجتمع، تسلط «الدستور» الضوء على أبرزها:
ليز تراس.. 16 أبريل 2024
تحت عنوان «عشر سنوات لإنقاذ الغرب: دروس من المحافظة الوحيدة فى الغرفة» «Ten Years to Save the West: Lessons from the only Conservative in the room»، تنشر ليز تراس وزيرة الخارجية البريطانية السابقة ورئيسة الوزراء الأقصر فى تاريخ بريطانيا مذكراتها فى ١٦ أبريل المقبل.
الكتاب تصدره دار النشر «بايتباك» ويحتوى على ٣٢٠ صفحة، وتسرد فيه «تراس» حياتها المهنية كوزيرة للتجارة ووزيرة للخارجية، وأيضًا أسرار الأيام الـ٤٩ التى قضتها كرئيسة للوزراء، والتى ستجادل بأن السبب الرئيسى لسقوطها كان الافتقار إلى «دعم أفكار المحافظين» والدعم الكبير «لليسار العالمى»، وستشارك بالدروس المستفادة من تجربتها فى الحكومة ووجودها فى ١٠ داونينج ستريت، والاجتماعات الدولية التى حضرتها.
كتاب «عشر سنوات لإنقاذ الغرب»، ملىء بالحكايات الجديرة بالنشر من فترة «تراس» فى الحياة العامة- مثل اجتماعها الأخير الذى لا يُنسى مع الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وتحدياتها مع رؤساء الولايات المتحدة وروسيا والصين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وشى جين بينج كوزيرة للخارجية، وفزعها من الأزمة السياسية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وتقدم «تراس» فى كتابها أيضًا تحذيرًا حول المخاطر التى تواجه التيار المحافظ فى بريطانيا خلال السنوات المقبلة، حيث تقول إن الكثير من زملائها المحافظين سمحوا لأنفسهم بالوقوع فى قبضة التأثيرات اليسارية التى تحدد الأجندة وتؤطر النقاش فى العديد من المؤسسات البريطانية، من وسائل الإعلام إلى الأوساط الأكاديمية وعالم الشركات.
تشارلز سبنسر.. 14 مارس 2024
يتحدث تشارلز سبنسر، شقيق الأميرة الراحلة ديانا، عن «صدمة» إرساله إلى مدرسة داخلية فى سن الثامنة فى مذكراته الجديدة التى تصدر ١٤ مارس المقبل، حيث تم تصنيفها كواحدة من «أفضل الكتب غير الخيالية التى يمكن قراءتها فى عام ٢٠٢٤».
المذكرات التى تحمل عنوان «مدرسة خاصة جدًا» « A Very Private School» من إصدارات دار النشر «ويليام كولينز» وتقع فى ٣٠٤ صفحات، وتقدم وصفًا واضحًا ومباشرًا لثقافة القسوة فى مدرسة «ميدويل هول» فى نورثامبتون التى التحق بها سبنسر فى طفولته، وتوفر رؤى مهمة حول نظام الصعود القديم فى بريطانيا بالاعتماد على ذكريات العديد من معاصريه من التلاميذ، بالإضافة إلى رسائله ومذكراته الخاصة فى ذلك الوقت. وتعكس المذكرات حالة اليأس والتخلى الذى شعر به عندما كان فى الثامنة من عمره، واصفًا بشكل عميق الألم الشديد الناتج عن الحنين إلى منزله وعدم القدرة على الهروب من كل ذلك.
ومن خلال استكشاف التأثير طويل الأمد لتجاربه، يقدم سبنسر حسابًا صريحًا لماضيه واستعادة طفولته، وكيف قضى ستة أشهر من الليالى بلا نوم قبل أن يتوجه إلى قاعة ميدويل، حيث كان التلاميذ الذين حكم عليهم بأنهم أغبياء أو كسالى يتعرضون للضرب بشكل مزعج بعصا على أردافهم العارية. وقد أمضى سبنسر خمس سنوات فى تلك المدرسة، والآن بعد مرور خمسة وأربعين عامًا، أراد أن يلقى نظرة من خلال مذكراته على ما كان يحدث حقًا فى هذا المكان السرى الغريب على حد قوله ويقول سبنسر إن الكتاب عبارة عن مزيج من الوقائع والمذكرات التى تهدف إلى أن تكون جزءًا من التاريخ الحديث وسجلًا لوقت ليس ببعيد، عندما كانت الأمور مختلفة تمامًا بالنسبة للأطفال فى هذه المؤسسات الإنجليزية الأكثر تميزًا.
سلمان رشدى.. 16 أبريل 2024
«السكين: تأملات بعد محاولة قتل» «Knife: Meditations After an Attempted Murder»، مذكرات للكاتب المشهور عالميًا والحائز على جائزة البوكر سلمان رشدى، يروى فيها آلامه ونجاته من محاولة اغتيال بعد ثلاثين عامًا من الفتوى التى صدرت ضده.
تصدر المذكرات فى ١٦ أبريل المقبل لدار النشر «بنجوين راندوم هاوس» فى ٢٢٤ صفحة، ويتحدث فيها سلمان رشدى للمرة الأولى، وبتفاصيل لا تُنسى، عن الأحداث المؤلمة التى وقعت فى ١٢ أغسطس ٢٠٢٢.
ويرى أنه من خلال مذكراته يجيب عن العنف بالفن، ويذكر القارئ بقوة الكلمات لفهم ما لا يمكن تصوره، وإنها ضرورية فى هذا الوقت بالذات. ويسرد رشدى فى مذكراته تجربته فى البقاء على قيد الحياة والتعافى من محاولة اغتيال وقعت عام ٢٠٢٢، حيث تعرض للطعن مرارًا وتكرارًا فى الرقبة والبطن على خشبة المسرح فى معهد تشوتوكوا فى ولاية نيويورك، حيث جاء لإلقاء محاضرة، ودفع المهاجم هادى مطر بأنه «غير مذنب» فى تهم الاعتداء ومحاولة القتل. وأدى الهجوم إلى إصابة رشدى بالعمى فى إحدى عينيه، وفقد الإحساس فى بعض أطراف أصابعه. فى مذكراته المرتقبة يتحدث علنًا لأول مرة، وبتفاصيل لا تُنسى، عن الأحداث المؤلمة التى وقعت فى ١٢ أغسطس ٢٠٢٢، وتعد تأملًا قويًا وشخصيًا عميقًا ومُعززًا فى النهاية للحياة والخسارة والحب وقوة الفن والعثور على الأشياء، والقوة للاستمرار والوقوف مرة أخرى.
وقبل هذا الطعن، تعرض رشدى لتهديدات بالقتل بتهمة الكفر فى روايته الرابعة «آيات شيطانية». وبعد أن أصدر المرشد الأعلى لإيران روح الله الخمينى آنذاك فتوى تدعو إلى قتل رشدى فى عام ١٩٨٩، أمضى رشدى سنوات مختبئًا، وعاش فى عزلة تحت حراسة أمنية على مدار الساعة.
أنجيلا ميركل.. 12 سبتمبر 2024
رغم أنه لا يوجد عنوان أو غلاف للكتاب حتى الآن، فإن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ستصدر مذكراتها فى ١٢ سبتمبر المقبل، وفقًا لما حددته دار النشر الكبرى «بان ماكميلان».
الكتاب الذى أكدت دار النشر أنه يقع فى حوالى ٣٥٢ صفحة، يكشف عن كواليس ١٦ عامًا قضتها أنجيلا ميركل فى حكم ألمانيا، وكيف كانت واحدة من أكثر السياسيين تأثيرًا فى العالم الحديث، وتشارك ميركل فى كتابة المذكرات بيت باومان مساعدتها ومديرة مكتبها التى عملت معها منذ فترة طويلة.
ربما تكون أنجيلا ميركل هى الشخصية التى ينتظرها العالم أكثر من غيرها لسماع شهادتها حول الأحداث الكبرى التى مرت بها خلال حياتها المهنية، سواء الأزمات الاقتصادية أو السياسية التى مرت بها أوروبا والغرب من جهة، والشرق الأوسط من جهة أخرى، ورؤية ميركل لتلك الأزمات وقتها. ولعل ما يجعل مذكرات ميركل بعد تركها السلطة جديرة بالاهتمام أنها ستقدم تفسيرات وإجابات لأكثر اللحظات والتحديات صعوبة خلال العقدين الماضيين.
كتاب ميركل سيقدم نظرة حصرية وشخصية عن الحياة السياسية وعمل المستشارة الألمانية السابقة، فقد عملت ميركل كعالمة كيمياء وفيزياء قبل انتخابها لعضوية البرلمان الألمانى فى عام ١٩٩٠، وشغلت مجموعة متنوعة من المناصب الحكومية على مدى السنوات التالية، وفى عام ٢٠٠٥ أصبحت أول امرأة تصل لمنصب مستشارة ألمانيا، ورئيسة حكومة البلاد، وخدمت فى هذا المنصب لمدة ١٦ عامًا، وقررت عدم الترشح لإعادة انتخابها فى عام ٢٠٢١.
وستقدم ميركل فى مذكراتها الجديدة تفسيرات لقراراتها ومواقفها المركزية لعملها السياسى بحيث تجعلها مفهومة لشعبها وشعوب العالم التى طالتهم تلك القرارات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حيث قادت ميركل ألمانيا بأمان عبر سلسلة من الأزمات، بما فى ذلك الأزمة المالية العالمية وأزمة المهاجرين وجائحة فيروس كورونا.
ميركل حصلت على لقب «أقوى امرأة فى العالم» من قبل مجلة فوربس لمدة ١٠ سنوات على التوالى، وقد تم تصويرها كمدافع قوى عن القيم الليبرالية فى الغرب، وأعجب بها الملايين من النساء لاختراقها السقف الزجاجى لهيمنة الذكور فى السياسة، وتمت الإشادة بها باعتبارها نموذجًا مثيرًا للإعجاب للفتيات.
ومع ذلك، لم تسلم من الانتقادات، لعل أبرزها اتهامها باسترضاء الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والتعامل معه بشكل وثيق، وقد رفضت هذا النقد قائلة إنها حاولت دائمًا العمل على تجنب الكارثة.