باكستان وإيران.. تاريخ من الخلافات علي إقليم بلوشستان
يتجدد التوتر الحدودي بين باكستان وإيران على فترات متباعدة، مع إعلان البلدين ضرب تمركزات لعناصر إرهابية في إقليم بلوشستان.
وهذه المساحة الجغرافية، التي تتقاسمها 3 دول، بإضافة أفغانستان، تحمل تاريخا خاصا، يدفعها أحيانا إلى محاولات الانفصال، والتنازع بين أطراف عدة.
يقع إقليم بلوشستان في جنوب غرب آسيا، وتحديدا في أقصى الجنوب الشرقي للهضبة الإيرانية، حيث يمتد بين إيران وباكستان وأفغانستان، وتسكنه قومية البلوش.
ويختلف المؤرخون فيما بينهم حول أصل البلوش، إذ ينقسمون بين فريق يرى أنهم السكان الأصليون لبلوشستان، بينما يرى آخر أنهم عرب هاجروا من بلاد الشام منذ نحو ألفي عام.
ويتحدث معظم السكان في الإقليم اللغة البلوشية في الدول الثلاث، وأغلبهم من المسلمين السنة.
ويضم هذا الإقليم مناطق من جنوب غرب باكستان تعرف بـ«بلوشستان الباكستاني»، عاصمته مدينة كويتا، بينما المناطق التي تنتمي لجنوب شرق إيران تعرف بـمحافظة «سيستان بلوشستان» وعاصمتها زاهدان، كما يضم أجزاء جنوب أفغانستان في مقاطعة نمروز وهلمند وقندهار.
التسمية لمنطقة التوتر بين إيران وباكستان
تعود تسمية إقليم بلوشستان إلى القبائل البلوشية التي نزحت إليه قبل آلاف السنين، وتتسم النزاعات داخله بتعقيدات تتعلق بالهوية القومية والاقتصاد والسياسة.
يُعتبر ميناء جوادر في إقليم بلوشستان ضمن الحدود الباكستانية أحد أهم الموانئ في المنطقة. يتمتع هذا الميناء بدور رئيسي في مشروع الممر الاقتصادي بين باكستان والصين.
على الجانب الآخر من الحدود، يُطل سيستان بلوشستان على خليج عمان، حيث يقع ميناء تشابهار الإيراني. وتسعى الهند إلى تطوير هذا الميناء بهدف المنافسة مع باكستان والصين، ويقيم غالبية البلوش داخل باكستان، ويعيش نحو 50% من إجمالي البلوش في مقاطعة بلوشستان الباكستانية.
وبين حين وآخر، تطالب بعض الفصائل البلوشية بحقوق أكبر للمجتمع البلوشي، بما في ذلك حقوق الحكم الذاتي وتوزيع الثروات بشكل أفضل.
جماعات مسلحة علي الحدود الإيرانية والباكستانية
ويضم حركات انفصالية عدة منها جند الله وجيش العدل، وجيش تحرير بلوشستان، ومحاربو التحرير الوطني لأفغانستان، والجبهة الشعبية للمقاومة المسلحة، وحزب البلوش الجمهوري، ما يزيد من حالة التوتر القائم بالمناطق الحدودية بخاصة بين باكستان وإيران.
وتعتبر طهران أنه من الضروري أن تسيطر على المناطق الجبلية الوعرة، التي تعرف باسم محافظة سيستان بلوشستان، التي تنتشر فيها قبائل تعرف في إيران بالأقلية البلوشية، وهي أقلية غير فارسية، وأصبحت تنتمي سياسيا لإيران بعد سيطرتها على هذا الإقليم قبل أكثر من 100 عام.
وكانت تنشط في هذه المنطقة الحدودية بين إيران وباكستان جماعةٌ تسمى جند الله، ويقدر عدد أفرادها بنحو 1000 مسلح يشنون هجمات ضد حرس الحدود والحرس الثوري الإيراني منذ عام 2000 ولمدة عشر سنوات حتى إعدام قائدها في العام 2010 وهو ما أدى لضعف الجماعة فيما بعد.
توتر قديم الأزل بين إيران وباكستان
تظل المنطقة بين باكستان وإيران مصدر توتر مستمرا، حيث يعتقد بعض البلوش في باكستان أن حكامهم في مدينة قلات قد أجبروا على الانضمام إلى باكستان عند استقلالها عن الهند في عام 1947. كما يتهمون الحكومة الباكستانية بسرقة ثروات الإقليم وعدم توزيعها بشكل عادل، وهو ما يشكل سببًا رئيسيًا للتوتر المستمر في المنطقة.
وفي عام 2022 شهد إقليم سيستان وبلوشستان اضطرابات كبيرة خلال التظاهرات التي اجتاحت إيران بسبب وفاة شابة كردية أثناء احتجازها، لكن هذه التظاهرات تحولت إلى اضطرابات دامية سقط فيها عشرات الضحايا أدت إلى إغلاق إيران معبرا رئيسيا على حدودها مع باكستان.
ويؤكد الخبراء أن التوترات بين إيران وباكستان بشأن التشدد البلوشي تسبق الصراعات الإقليمية الحالية، حيث إن الطبيعة الأيديولوجية لجيش العدل والتعقيدات المحيطة بأنشطته تجعل من الصعب على الجهات الفاعلة الإقليمية معالجة هذه القضية بفعالية.