ماتت إحداهما.. "العظام الزجاجية" تحبس شقيقتين 15 سنة فى منزلهما
سنوات عديدة من الألم والمرض تعيشها "زكية" بعد إصابتها بمرض هشاشة وضمور العظام المعروف بـ"العظام الزجاجية" منذ ولادتها، حيث شاركتها آلامها شقيقتها التوأم التي ولدت بنفس المرض، إلا أنها فارقت الحياة بسبب المرض دون العلاج، لتتركها تواجه مرارة الحياة وحدها تبحث عن علاج وتحلم أن يصل صوتها للمسئولين لعلاجها بعد إصابتها بحالة من اليأس، وظلت وحيدة طريحة الفراش لا ترى الشارع ولا تتمتع مثل مثيلاتها من الفتيات بالحياة.
"قصتي تعلم الحكمة والصبر" بتلك الكلمات تبدأ "زكية يحيي علي" وشهرتها "نورا" صاحبة الـ45 عامًا من محافظة بنى سويف، حديثها لـ"الدستور"، متابعة: ولدت أنا وشقيقتي أميمة التوأم بمرض نادر، هو هشاشة العظام وضمور بالعظام الزجاجي، بسبب القرابة بين والدي ووالدتي، وارتبطت بشقيقتي ارتباطًا كبيرًا، لأننا نعاني من نفس المرض، وظللنا داخل البيت لمدة 15 عامًا لم نر الشارع ولا نعرف معنى الحياة أو ما يدور في الطبيعية بسبب خوف والدي في ذلك الوقت علينا من نظرات المجتمع إلينا بسبب مرضنا، فكنا نتعرض في ذلك الوقت إلى تكسير في العظام نتيجة الأصوات المرتفعة التي تصدر من حولنا، ومن ألعاب الأطفال في العيد وأصوات أدوات طهي الطعام، وكنا نتعرض للتكسير من غطاء السرير الثقيل فهكذا ظللنا داخل البيت على مدار تلك المدة لا نرى الشارع".
وأضافت "زكية": بعد خروجنا للشارع بعد 15 عامًا تفاجأنا بما حولنا، وكنا نسأل عن الناس والأشجار وأعمدة الإنارة، وكانت لدينا أخت ثالثة أيضًا مصابة بمرض شلل الأطفال، وتعرفنا في ذلك الوقت على أخواتنا من ذوي الهمم من جميع الإعاقات، وأصبحنا يدا واحدة، وكانوا بيساعدوني أنا وشقيقتي ويحملونني على الأكتاف ويساعدوننا للخروج معهم، ونقدم لهم نحن أيضًا المساعدة بما نستطيع.
وتابعت: ظللنا حتى عمر الـ27 من العمر نحاول التغلب على المرض، واقترحت شقيقتي أن نلتحق بفصول محو الأمية لنتعلم "رحبت بفكرتها لأني عمري ما كنت أعرف يعني إيه ورقة وقلم وتعليم" وبالفعل التحقنا بفصول محو الأمية ومن بعدها المرحلة الإعدادية، ومن هنا بدأت المعاناة من الطلاب في ذلك الوقت أن نستكمل التعليم بسبب إعاقتنا لكن المعلمين ساعدونا ووقفوا بجوارنا والتصدي لأي محاولة التنمر علينا وقدمنا بعد ذلك بالثانوية التجارية وواجهنا عقبات في القبول في البداية، فضلا عن التنمر، ولكن الله سبحانه وتعالي سخر لنا المعلمين في المدرسة وساعدونا في ذلك.
واستكملت "زكية" حديثها بأنها التحقت هي وشقيقتها بالجامعة العمالية، وتم قبولهما، لكن تعرضت لأصعب موقف في حياتها برحيل شقيقتها المفاجئ بعد تعرضها لآلام مفاجئة بسبب المرض وعدم وجود علاج، وهى طالبة في الفرقة الأولى بالجامعة، مشيرة إلى أن نظرات شقيقتها أثناء وداعها كانت تحثها وتشجعها على استكمال تعليمها، لكن القدر لم يمهل فتعرضت لصدمة أخرى برحيل والدتها عن الحياة؛ لتقف عاجزة أمام صعوبات الحياة تارة، ومرضها تارة أخرى، لكنها قاومت ذلك حتى حصلت على البكالوريوس وتقدمت للدراسات العليا بتمهيدي ماجستير.
وأشارت "زكية" إلى أن ظروفها الصحية لم تمنعها من تخطيط الطريق ورسم الأهداف؛ لأنها لا تستطيع أن تحيا بدون أهداف، فبعد وصولها لعمر الـ37، كانت على موعد مع الألم من جديد، فتغيرت حياتها وبدأت تصارع آلام المرض التي اشتد عليها.
وقالت: "بدأت هشاشة العظام في التأثير على جسمي وشكلي يتغير والعظام أصبح على شكل كورة، بالإضافة إلى العديد من الأمراض على باقي أعضاء الجسم وظللت على هذا الحال على مدار 8 سنوات طريحة الفراش لا أتحرك من مكاني".
وواصلت حديثها: أخبرني الأطباء بأنه لا يوجد علاج لحالتي، فمن حزني على نفسي دخلت في غيبوبة لمدة 15 يومًا لأعود للحياة مرة أخرى، وبعدها أصبت بتليف الرئتين نتيجة ضغط العمود الفقري على الرئتين بحسب كلام الأطباء، وأعيش منذ 3 سنوات على التنفس الصناعي على مدار 24 ساعة لا يمكنني الاستغناء عنه، فهو بالنسبة لي كالماء والأكل وعند خروجي من المنزل يحملني أحد الأشخاص وشخص آخر يحمل أسطوانة الأكسجين حتى العودة للمنزل وتشغيل جهاز التنفس الصناعي أيضا فلا يمكنني أن أفصل جهاز التنفس الصناعي عني، فأصبحت لا أستطيع التحرك من مكاني.
وفى ختام حديثها وجهت مناشدة للرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لعلاجها ونقلها إلى مستشفى يستطيع علاجها من المرض، مشيرة إلى أنها ترى استجابة الرئيس للعديد من الحالات المرضية وتتمنى أن تكون مثل تلك الحالات التى يتدخل الرئيس، لمساعدتها في العلاج داخل أي مستشفى ووقف هشاشة العظام، وعلاج تليف الرئتين لتستطيع الاستغناء عن جهاز التنفس الصناعي لأنها أصبحت في حالة يأس.