مقتطفات من كتاب سيطر على حياتك لـ إبراهيم الفقي
يقول تشارلز جينز في كتابه الذات العليا بدون أهداف ستعيش حياتك متنقلًا من مشكلة إلى أخرى بدلًا من التنقل من فرصة إلى أخرى. وفي قصة أليس في بلاد العجائب يجيب توماس كلير عن تساؤل هام يدور في ذهن بطلة روايته بقوله ( بدون هدف ستكون حياتك كقارب بلا دفة، وستنتهي رحلتك على صخر الحياة.. أشلاء مبعثرة )
فإذا كان الهدف يحتل هذه الأهمية الكبيرة، فلماذا لا يقوم الناس بتحديد أهدافهم في الحياة؟
هناك أسباب عديدة تجعلنا نحجم عن التخطيط ووضع الأهداف، أولها الخوف: حين يتملكك الشعور بالخوف تصاب بحالة من الشلل في التفكير والتركيز، وأحيانًا نخاف من الفشل أو النجاح أو الرفض أو من المستقبل، وغالبًا ما ينتج الخوف عن خبرات سابقة مؤلمة تعمل على تدمير النفس وبث رسائل سلبية محبطة.
- ثانيًا النظرة المشوشة للذات: هناك حكمة قديمة تقول بأنه لا يمكن للمرء أن يؤدي عملًا ما باستمرار، إن لم يتوافق هذا العمل مع رؤيته لذاته. فالرؤية المهزوزة للذات تنعكس على المرء في كافة شئونه مما يشعره بأنه غير كفء للنجاح والتميز وأن النجاح قد خلق للآخرين فقط، ومن الملاحظ أن الرؤية المهزوزة للذات أمر يكتسبه الإنسان من خلال تعامله مع البشر ويتكون لديه نتيجة خبرات حياته سابقة لذلك فإنه ليس من المستحيل تغيير النظرة للذات شريطة أن يكون لدينا العزيمة والإصرار لذلك.
- ثالثًا التأجيل والتسويف: وهذا هو اللص الثالث الذي يسرق عمر الإنسان، والتأجيل يعني تأخير عمل اليوم إلى الغد وتظل تؤجل وتؤخر حتى يمر العمر وحياتك خاوية إلا من أمنيات لا تجدي نفعًا.
- رابعًا عدم الإيمان بأهمية الأهداف: بعض الناس لا يؤمنون بأهمية تحديد أهدافهم في الحياة ويرون أنها مضيعة للوقت، ويضربون أمثلة لإناس لم يخططوا ولكنهم نجحوا، نعم هناك من لا يخطط وقد ينجح لموهبة لديه أو لتوافر عوامل النجاح له ولكن هذا الاستثناء وليس القاعدة.
- خامسًا عدم المعرفة: بعض الناس تتوافر لديهم الرغبة في تحديد أهداف لهم في الحياة لكنهم لا يملكون المعرفة الكافية التي تؤهلهم لذلك، وفي نفس الوقت لا يعملون على امتلاك تلك المعرفة. ومثال على ذلك إذا كنت تحب تعلم العزف على الجيتار أو أي آله موسيقية أخرى لكنك لا تذهب إلى دورة لتعلم كيف تستخدم هذه الآلة أو أنك تحب تعلم لغة معينة ولكنك لا تحضر أي كورسات فيها فكيف يمكنك أن تتعلمها؟
لماذا يجب أن يكون لدينا أهداف؟
- الأهداف تساعدنا على التحكم في الذات وتدعم ثقتنا بأنفسنا، فعندما يكون لدى المرء برنامج منظم ومتكامل ومتزن لتحقيق أهدافه، سيشعر أنه متحكم أكثر في حياته ومصيره ويكون لديه القوة لكي يقوم بالمبادرة في كافة شئون حياته، كما أنها تساعده في التغلب على العقبات المختلفة وتجعل من صعوبات الحياة متعة، فما أجمل أن تنجز ما اتفق الناس على كونه مستحيل.
- تحقيق الأهداف يخلق نوعًا من احترام المرء لذاته وتقديره لها والإيمان الكامل بقدراتها كما أن العقبات التي ستواجهك وأنت تعمل على تحقيق هدفك ستثير بداخلك الحماس لأن تخطط أكثر وتفكر بذهن أكثر تفتحًا ووعيًا.
- وضع الأهداف يساعدنا على إدارة الوقت: فعندما تحدد هدفك ستجد نفسك مضطرًا إلى تنظيم أولوياتك وإدارة وقتك بشكل سليم وعندما تضع إطار زمني لتحقيق هدفك ستجد أن تركيزك أصبح أقوى وقابلية خضوعك لمضيعات الوقت صارت أضعف.
- وجود أهداف في الحياة يساعدنا على الاستمتاع بها: فعدم وجود خطة في حياتك يجعلك تعيش الحياة وكأنها حالة طوارئ، فكل شئ متداخل ومضطرب ولكن إذا كانت لديك خطة متوازنة لحياتك فستجعلك أكثر تركيزًا على طريقة معيشتك، وستجد أن هناك طاقة هائلة بداخلك تدفعك للاستمتاع الدائم بحياتك وتحقيق الكثير من النجاح.
يعتقد البعض أن النجاح يرتكز بشكل أساسي على النواحي المالية لكن النجاح في الحياة لا يكون من الناحية المادية فحسب ولا نحصل عليه بالصحة الجيدة كما أنه ليس بعدد الأصدقاء أو بنيل الشهادات العلمية، النجاح الحقيقي هو النجاح المتزن والذي يشمل جوانب الحياة كلها.
وعندما تضع خطة لحياتك لا بد أن تراعي خمس جوانب:
- الجانب الروحي: ويشمل علاقتك بالله ومعتقداتك وقيمك ومبادئك، وكلما كنت ناجحًا في علاقتك مع االله وهبك الأمن والطمأنينة مهما واجهت من صعوبات ومتاعب في الحياة
- الجانب الشخصي: ويشمل علاقاتك بأفراد عائلتك وأصدقائك والناس بوجه عام، هل تهتم بتعلم أشياء جديدة ؟هل تقرأ بشكل منتظم؟ هل تأخذ أجازة لتريح بدنك؟ وهل هناك أشياء ترفيهية في حياتك؟
- الجانب المهني: ويشمل عملك الحالي ومستقبلك المهني، قدرتك على التعلم من أجل تحسين مستقبلك الوظيفي وعلاقاتك مع زملائك في العمل ورؤسائك.
- الجانب المادي: ويشمل على استقرارك المالي، هل ما تربحه من عملك يكفي لكي تتمتع بحياة جيدة؟، إن لم يكن كافٍ هل لديك خطوات تمكنك من زيادة دخلك الحالي؟، هل لديك خطة لعمل مشروع خاص بك؟
- الجانب الصحي: ويشمل نظامك الغذائي هل هو متوازن أم لا؟ عاداتك الغذائية،هل لديك عادات صحية خاطئة كالتدخين أو الشراهة في الطعام؟، هل وزنك مناسب؟، هل تشكو من مرض معين؟ متى قمت بإجراء فحص طبي شامل؟ كيف تتصرف في حالات الاجهاد أو عندما تتزايد عليك الضغوط؟
ومن الملاحظ أنك إذا اهتممت بهذه الجوانب الخمس وحاولت أن تبذل أقصى ما في وسعك للوفاء بالتزاماتك تجاهها فسوف تعيش حياة متوازنة وجيدة أما إذا اهتممت بجانب أو جانبين وأهملت الجوانب الأخرى فلن تحصل على السعادة والراحة، تمامًا كالجالس على مقعد له ثلاثة أرجل، قد تستطيع المحافظة على توازنك لبعض الوقت لكنك لن تلبث إلا وتسقط سقوطًا مدويًا.
ولكي تكون سعيدًا، وتستمتع بحياتك تأكد من أنك تحافظ على توازن الأركان الخمس لحياتك.