100 يوم حرب.. ما هو وضع إسرائيل عسكريًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؟
بعد نحو 100 يوم منذ بداية الحرب في غزة، فإن الوضع في إسرائيل على المحك، ودون حسم عسكري واضح مع وجود عدد من التداعيات على كافة الأصعدة، وكل المؤشرات تؤكد أن الحرب قد تستمر لفترة أخرى من الوقت، ولكن مع عدم يقين واضح بتحقيق الأهداف التي رسمتها إسرائيل.
فبعد 100 يوم، لم يقضِ الجيش الإسرائيلي على حماس في غزة، ولم يبعد حزب الله عن الحدود الشمالية، ولم يحرر الـ136 مخطوفا الذين تبقوا في القطاع، ولا تزال الصواريخ تنطلق من حين لآخر من القطاع على النقب والجليل، ولا يزال نحو 250 ألف إسرائيلي مجندين، ونحو 125 ألف إسرائيلي نازحين، وقُتل 1400 إسرائيلي، وأصيب 12 ألفًا آخرون، ومداولات في المحكمة الجنائية نحو اتهام إسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية.
فيما رأت صحيفة "هآرتس" أن "الحكومة الإسرائيلية، وفي بداية الحرب، قيّدت نفسها بسلسلة من التوقعات غير الواقعية: تدمير سلطة حماس، والعودة المبكرة لسكان غلاف غزة إلى منازلهم، وتهيئة الظروف لإعادة جميع الأسرى"، معتبرة أن هذه الأهداف لا تزال بعيدة عن التحقيق بعد 3 أشهر على الحرب.
المستوى العسكرى
وتابعت أنّ الإنجاز الرئيس لحماس هو أنّها "لا تزال صامدة"، إذ "يواصل مقاتلوها استخدام شبكة أنفاقهم لنصب كمائن للجنود الإسرائيليين، ويطلقون الصواريخ على إسرائيل".
المناورة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في نهاية شهر أكتوبر، حققت عددا من الإنجازات التكتيكية، لكنها لم تحقق بعد الأهداف التي رسمتها إسرائيل، والتي تتعلق بتفكيك قدرات حماس، وإعادة الرهائن (في البداية، عرّفت الحكومة الهدف بأنه إبادة حماس، ولاحقًا، تم تخفيفه).
المناورة العميقة وصلت إلى مناطق لم يكن لدى الجيش أي قدرة على الوصول إليها حتى في السنوات التي سبقت فك الارتباط في سنة 2005، كالأحياء المركزية في مدينة غزة، وفي داخل جباليا، وأيضًا في خان يونس.
المستوى الدبلوماسى
منذ هجوم 7 أكتوبر، مرت إسرائيل بمراحل مختلفة في علاقتها مع المجتمع الدولي، فالعالم الذي كان يدافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في الأيام الأولى عقب الهجوم، أصبح يتعاطف مع الفلسطينيين في قطاع غزة بعد أسابيع من الحرب والدمار الذي لحق بالقطاع.
في الوقت نفسه، فإن الحرب كشفت عن عمق العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك التقارب بين الرئيس بايدن نفسه وبين إسرائيل، على الرغم من الانتقادات الموجهة ضده من داخل أمريكا بسبب موقف إدارته من الحرب، وكذلك الدعم الواضح من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، فلم يتوقع أحد أن تستمر إسرائيل في العملية في غزة بعد 3 أشهر من دون أن يُفرض عليها وقف لإطلاق النار، وأوقفت الولايات المتحدة مبادرة مجلس الأمن لوقف إطلاق النار.
من ناحية أخرى، فإن الدعم الدولي لإسرائيل يتراجع في أغلب دول العالم، وهناك تظاهرات وحوارات تميل إلى دعم الفلسطينيين.
والموقف الأخير الذي يضر بإسرائيل هو المداولات التي تجرى الآن في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بعد دعوة مقدمة من جنوب إفريقيا تتهم فيها إسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية في قطاع غزة.
المستوى الاقتصادى
تعتبر الحرب في غزة هي الحرب الأعلى تكلفة التي خاضتها إسرائيل، حتى نهاية الأسبوع الماضي بلغت تكلفة الحرب 217 مليار شيكل. هذه التكلفة تتضمن تمويل الجيش، وأيضًا المساعدات الواسعة في جميع المجالات، فكانت تكلفة قتال اليوم الواحد للجيش في أكتوبر وصلت إلى مليار شيكل. وبسبب تسريح عشرات الآلاف من الجنود في الأيام الماضية، فإن تكلفة اليوم نحو 600 مليون شيكل. على الصعيد المدني، تصل التعويضات إلى عشرات مليارات الشواكل، وهذه أيضًا تتقلص الآن بسبب عودة الاقتصاد إلى العمل بطريقة شبه كاملة في أغلبية المناطق.
كما أن هناك أضرارا في المباني والأملاك تم تقديرها بحوالي قيمة 5-7 مليارات شيكل للمباني في بلدات الحدود الشمالية، بالإضافة إلى نحو 15-20 مليار شيكل في "غلاف غزة".
حتى الآن، تم إجلاء 125 ألفًا تقريبًا من الشمال والجنوب. تصل تكلفة دعمهم إلى مليارات كثيرة من الشواكل، حيث تواجه إسرائيل عجزا كبيرا بقيمة 111 مليار شيكل في ميزانية الدولة، سيتطلب تقليصات في الميزانية، ورفع ضرائب بقيمة 67 مليار شيكل.
المستوى الاجتماعى
لا يزال يعاني الإسرائيليون من صدمة هجوم 7 أكتوبر، وما يصاحبه من أحداث بعدم الأمان وعدم الثقة في الحكومة، ومن ناحية أخرى، بعد ثلاثة أشهر على إجلاء سكان الغلاف، فإن هناك ضغوطًا لإنهاء الحرب وعودتهم إلى منازلهم، فضلًا عن الآلاف الذي تم إجلاؤهم من بلدات الشمال.
الوضع الجديد هذا يخلق واقعًا تتخوف منه السلطات، وهو تفكُّك وتوزع البنى الاجتماعية. وهناك تخوُّف لدى السلطات من عدم عودة العائلات التي انتقلت إلى بيوت مؤقتة في مدينة أُخرى، حتى بعد نهاية الحرب. هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى هجرة سلبية من الغلاف.