علاقات نسائية أم انتقام فني.. لغز مقتل مخرج سينمائي شهير
جثة ملقاة على الأرض بين سرير ودولاب بغرفة النوم، مكبلة اليدين بـ"كرافتة" وداخل الفم "فوطة" و"ملاءة سرير" ملفوفة حول الرقبة.. كان ذلك المشهد الأخير في حياة مخرج الروائع السينمائية الشهير بعدما انصرف من "لوكيشن فيلم" إلى منزله بالشقة رقم 12 في العقار رقم 1 بشارع قرة بن شريك بمحافظة الجيزة.
طباخ اكتشف الجريمة
قبل 38 عامًا من الآن تحديدًا صباح 20 أكتوبر عام 1986 فقدت السينما المصرية أحد أشهر وأكبر مخرجيها، عندما اكتشف طباخ جثة المخرج نيازي مصطفى غارقًا في دمائه.. محمد عبدالله طباخ نيازي مصطفى كان أول من اكتشف الفاجعة عندما توجه لعمله بالشقة صباح كل يوم كما اعتاد طيلة 18 عامًا هي فترة عمله كطباخ للمخرج القتيل.
أمام رجال الشرطة الذين امتلأ بهم مسرح الجريمة، قال الطباخ إن آخر مرة رأى فيها نيازي مصطفى كان في الساعة الثامنة مساء 19 أكتوبر، وأن مواعيد عمله هي الثامنة صباحًا والثانية عشر ظهر والسادسة مساءً، وكان يدخل من باب الخادمين، وفي يوم اكتشاف الجريمة اتجه للشقة صباحًا وعندما وجد باب المطبخ مغلقًا توجه لباب الشقة ورن الجرس دون رد فظن أن المخرج نائما فاتجه إلى عمله الحكومي حيث كان يعمل موظفًا بوزارة الزراعة وعاد له بعد الظهر كان باب المطبخ مغلقًا، فدق على جرس الباب مرة أخرى ولم يتلقى ردًا فقرر الذهاب إلى منيل الروضة ليأخذ نسخة مفتاح الشقة من الحاجة زينب شقيقة القتيل، فأعطته ثم اتجه إلى هناك وفتح الباب ليجد سجادة الصالون غير منضبطة وبعثرة في الشقة فهرول لغرفة النوم ليجد المخرج قتيلًا.
علاقات نسائية متعددة
بدأ رجال الشرطة والأدلة الجنائية في جمع ما يمكن من أدلة لحل لغز الجريمة، إلا أن دخول الطباخ وأشقاء القتيل فور علمهم بمقتله أفسد مسرح الجريمة وتعددت البصمات به ما صعب من مهمة رجال المعمل الجنائي خاصة، بعدما أشارت التحريات الأولية حينها لتعدد العلاقات النسائية للمخرج وهو ما توافق مع العثور على بصمة مجهولة لسيدة داخل الشقة.
أثناء فحص فريق البحث للشقة عثر رجال الأمن على "مذكرات" خاصة بالمخرج المجني عليه فكانت بمثابة الصيد الثمين فقد تحتوي على أية معلومات تقود للجاني خاصة أن المخرج اعتاد تدوين مواقف حياته أولًا بأول.. ورد بالمذكرات علاقته بفنانة شابة وأنه تزوجها عرفيًا لفترة، إلا أنها انفصلت عنه وتزوجت أحد رجال الأعمال.
فنانة في دائرة الاشتباه
كانت الممثلة منى إسماعيل التي ورد اسمها بالمذكرات الخيط الأول الذي تبعه رجال الشرطة خاصة بعدما ذكره نيازي مصطفى في مذكراته وكتب أنه أحبها وفكر في إسناد بطولة لها وتزوجها عرفيًا وداخل أوراقه المالية عُثِر على شيك بمبلغٍ لها كان ينتوي إهداءه لها، لكنه تعرض لوجعٍ منها حيث أنها كانت تعامله كأب نظرًا لفرق السن.. وبالفعل قررت جهات التحقيق ضبط وإحضار الفنانة الشابة لاستجوابها وقررت حينها أنها قبل مقتل نيازي مصطفى تزوجت وقررت اعتزال الفن بعد زواجها، وغادرت إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة ولم تلتق نيازي مصطفى لفترة قاربت على عام ونصف.. وأخلت النيابة العامة سبيل الفنانة الشابة لعدم ثبوت الاتهام بحقها.
فاروق الفيشاوي وسمية الألفي شهود
استجوبت جهات التحقيق ما لا يقل عن 200 شخص من عائلة نيازي مصطفى والعاملين معه في الوسط الفني من كومبارس وإداريين وممثلين، حيث استمعت لشهادة كل من فاروق الفيشاوي وطارق النهري وسمية الألفي الذين عملوا معه بآخر أفلامه فيلم "القرداتي"، كما تم استجواب طباخه ومصممة ملابس أفلامه السيدة بهجة والتي تغسل ملابسه.
وقال "الفيشاوي" في التحقيقات إن آخر لقطات فيلم "القرداتي" استمرت للساعة السادسة مساء ليلة مقتله، وكان "نيازي" يتحرك خلال التصوير كأنه شابًا عمره 20 عامًا، ولم يره مرة أخرى حتى فوجئ بنبأ مقتله.
من الجاني؟
كلما كانت تستمر التحقيقات كلما تعقدت الأمور حيث لم يتم العثور على أي دليل يقود للجاني خاصة مع الخلافات الكثيرة والعلاقات النسائية المتعددة للمجني عليه كما أن الشرطة استبعدت احتمالية القتل بدافع السرقة حيث أنه رغم ثراء نيازي مصطفى، إلا أنه كان معروف عنه عدم الاحتفاظ بأمواله داخل منزله وإيداعها بالبنوك والتي لم يسحب منها إلا 150 جنيهًا قبل مقتله، ورجحت النيابة حينها أن دافع الجريمة إما الانتقام أو لسرقة أوراق هامة لوجود "بعثرة" في المستندات والأوراق.
وذكرت التحقيقات أن عدم وجود آثار عنف بباب الشقة أو باب المطبخ يعني أن الجاني دخل بمفتاح الشقة بعدما احتفظ بنسخة من مفاتيح نيازي مصطفى نفسه.. بعد فترة طويلة من التحقيقات وجمع التحريات قررت النيابة العامة قيد القضية ضد مجهول ومازال الجاني مجهولًا حتى الآن.