رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قتلة ومخادعون.. تفنيد أكاذيب إسرائيل بشأن منع مصر دخول المساعدات إلى غزة

دخول المساعدات إلى
دخول المساعدات إلى غزة

◄ المسئولون الإسرائيليون وعلى رأسهم نتنياهو صرحوا بأنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات إلى غزة

◄ سيادة مصر تمتد على معبر رفح من جانبها فقط.. والجانب الفلسطينى مسئولية الاحتلال

◄ الجانب المصرى من المعبر لم يُغلق أبدًا.. وقادة العالم زاروه ولم يتمكنوا من الدخول بسبب التعنت الإسرائيلى

◄ إسرائيل لديها 6 معابر مع غزة من أراضيها وعليها فتحها لو كانت صادقة فى ادعاءاتها الأخيرة 

انتهت محكمة العدل الدولية فى لاهاى، من جلساتها؛ لنظر الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة، بعدما استمعت إلى الفريق القانونى لكلا الجانبين؛ بشأن ما ورد فى الدعوى من اتهامات. 

وأقحم الفريق القانونى الإسرائيلى اسم مصر، فى محاولة لإنكار الاتهامات الموجهة إلى تل أبيب فى الدعوى، وهى ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، ومنع دخول المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية إليهم، وتنفيذ سياسة العقاب الجماعى لأكثر من ٣ ملايين فلسطينى، عبر اغتيال كل سبل الحياة الممكنة لهم. 

وروج الفريق الإسرائيلى أكاذيب عديدة فى دفاعه أمام المحكمة، من بينها أن «القاهرة هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، من الجانب المصرى لمعبر رفح»، وأيضًا أن «العبور من الأراضى المصرية إلى داخل قطاع غزة يخضع فقط إلى السلطة المصرية»، فضلًا عن «وجود غرفة عمليات مشتركة بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة؛ لحل المشكلات واتخاذ القرارات بشأن معبر رفح».

«هيئة الاستعلامات»: محاولة إسرائيلية للهروب من إدانة مرجحة فى محكمة العدل

نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، بصورة قاطعة، مزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية، بأن مصر هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، من الجانب المصرى لمعبر رفح.

وقال «رشوان» إن تهافت وكذب الادعاءات الإسرائيلية يتضح فى أن كل المسئولين الإسرائيليين، وفى مقدمتهم رئيس الوزراء، ووزيرا الدفاع والطاقة، أكدوا عشرات المرات فى تصريحات علنية، منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة، خاصة الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التى تشنها إسرائيل على القطاع.

وأضاف رئيس هيئة الاستعلامات: «بعد كل هذه التصريحات، التى لم تكن تعتبر هذا المنع والحصار جرائم حرب وإبادة جماعية بموجب القانون الدولى، وعندما وجدت دولة الاحتلال نفسها أمام محكمة العدل الدولية متهمة بأدلة موثقة بهذه الجرائم- لجأت إلى إلقاء الاتهامات على مصر، فى محاولة للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة».

وأفاد بأنه من المعروف أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصرى من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه فى غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، وهو ما تجلى فعليًا فى آلية دخول المساعدات من الجانب المصرى إلى معبر «كرم أبوسالم»، الذى يربط القطاع بالأراضى الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلى، قبل السماح لها بدخول أراضى قطاع غزة.

وأشار إلى أن مصر قد أعلنت عشرات المرات، فى تصريحات رسمية، بدءًا من رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية وكل الجهات المعنية، أن معبر رفح من الجانب المصرى مفتوح بلا انقطاع، مع مطالبة الجانب الإسرائيلى بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها.

وواصل: «العديد من كبار مسئولى العالم، وفى مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة، زاروا معبر رفح من الجانب المصرى، ولم يتمكن واحد منهم من عبوره إلى غزة، نظرًا لمنع الجيش الإسرائيلى لهم، أو تخوفهم على حياتهم بسبب القصف الإسرائيلى المستمر على القطاع».

وكشف عن أن المفاوضات التى جرت حول الهدنة الإنسانية التى استمرت لأسبوع فى قطاع غزة، وكانت مصر مع قطر والولايات المتحدة أطرافًا فيها، شهدت تعنتًا شديدًا من الجانب الإسرائيلى فى تحديد حجم المساعدات التى ستسمح قوات الاحتلال بدخولها إلى القطاع، باعتبارها المسيطرة عليه عسكريًا، ما أسفر فى النهاية عن دخول الكميات التى أعلن عنها فى حينها.

وأكمل: «فى ظل التعمد الإسرائيلى المستمر لتعطيل دخول المساعدات فى معبر كرم أبوسالم، لجأت مصر إلى تكليف الشاحنات المصرية بسائقيها المصريين بالدخول، بعد التفتيش، مباشرة إلى أراضى القطاع، لتوزيع المساعدات على سكانه، بدلًا من نقلها إلى شاحنات فلسطينية للقيام بهذا».

وشدد على أن «ما يؤكد سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلى على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وتعطيله المتعمد لها، ما طالب به الرئيس الأمريكى، جو بايدن، بفتح معبر كرم أبوسالم لتسهيل دخول هذه المساعدات، وفقًا لما أعلن عنه مستشاره للأمن القومى، جيك سوليفان، يوم ١٣ ديسمبر الماضى، باعتباره بشرى سارة».

وتابع: «إذا ما كانت السلطات الإسرائيلية ترغب حقيقة فى دخول المواد الغذائية والطبية والوقود إلى قطاع غزة، فإن لها مع القطاع ٦ معابر من أراضيها، عليها بفتحها فورًا للتجارة، وليس لدخول المساعدات، خاصة أن هذه التجارة كانت قد بلغت مع قطاع غزة، فى عام ٢٠٢٢، أكثر من ٤.٧ مليار دولار لصالح القطاع التجارى والصناعى الإسرائيلى».

الاحتلال استهدف الجانب الفلسطينى من المعبر 4 مرات ويتعمد تعطيل التفتيش فى «العوجة»

 

منذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، أعلنت مصر عن أن قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية، سواء التى جهزتها القاهرة أو أرسلها مختلف الدول والمنظمات الدولية، جاهزة للدخول إلى الفلسطينيين داخل القطاع المحاصر. لكن وكعادتها دائمًا، عرقلت إسرائيل هذه الخطوة، مشددة على أنها غير مسئولة عن سلامة دخول المساعدات إلى غزة، فى ظل الغارات والضربات التى تشنها على كامل أنحاء القطاع. 

ولم تكتف إسرائيل بذلك، وأقدمت على استهداف بوابة معبر رفح من الجانب الفلسطينى، والطريق المحيط به، وكان ذلك ٤ مرات بشكل مباشر، ما أوقف أى محاولات فعلية لإدخال المساعدات إلى الفلسطينيين.

ومارست مصر ضغوطًا قوية على إسرائيل، عبر حليفتها الولايات المتحدة، لوقف استهداف معبر رفح من الجانب الفلسطينى، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية فورًا، وهو ما نجحت فيه بالفعل، من خلال إدخال فريق مصرى لإصلاح الأضرار التى لحقت بالمعبر من الجانب الفلسطينى والطرق المحيطة به، قبل أن يلجأ الاحتلال لخطوات استفزازية أخرى، مثل قصف محيط الطرق بعد إصلاحها، حتى إن الشظايا أصابت عمالًا مصريين.

وعلى مدار أيام الحرب استمرت إسرائيل فى سياسة عرقلة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، فى ظل أنها القوة القائمة بالاحتلال ومسئولة عمّا يحدث داخل القطاع، فطالبت بتفتيش قوافل المساعدات التى تدخل عبر رفح، وذلك بأن تذهب أولًا إلى معبر «العوجة- نتسانا»، الذى يبعد عن معبر رفح ٥٠ كم، ثم تعود مرة أخرى إلى المعبر، بعد انتهاء التفتيش، الذى يتعمد الاحتلال تأخيره.

وما يكذب الرواية الإسرائيلية الأخيرة فى محكمة العدل الدولية، أيضًا، تلك الزيارات التى أجرتها وفود أممية ودولية، ورؤساء وقادة دول غربية إلى معبر رفح من الجانب المصرى، حيث وجدوه يعمل بكامل طاقته، وتقف أمامه المئات من الشاحنات التى تنتظر الدخول إلى غزة، ولم يعطلها سوى التعنت الإسرائيلى، والتنبيه إلى أنها «لا تضمن سلامة القائمين على إدخال وتوزيع هذه المساعدات»، فضلًا عن منع هذه الوفود نفسها من دخول غزة، سواء عن طريق معبر رفح أو المعابر الإسرائيلية. وكما قال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فى بيانه للرد على المزاعم الإسرائيلية، فإن تصريحات المسئولين الإسرائيليين أنفسهم، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، هى أقوى إثبات على زيف هذه المزاعم، بعدما قالوا فيها، خاصة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، إنهم «لن يسمحوا بدخول أى مساعدات إلى غزة، وتحديدًا شاحنات الوقود».

بايدن يكذّب «الحليف الأقرب»: «نجحنا فى الضغط على إسرائيل»

يكذب الرئيس الأمريكى، جو بايدن، أكبر حليف لإسرائيل، ما قاله فريقها القانونى من مزاعم عن مصر فى محكمة العدل، بعدما أعلن، فى وقت سابق، عن توصله إلى اتفاق، بعد ضغوط، بموجبه تسمح إسرائيل بإدخال الشاحنات إلى غزة، بعد تفتيشها فى معبر «العوجة».

وفى ظل أن خطوة مثل هذه تحتاج إلى قطع الشاحنات المحملة بالمساعدات ١٠٠ كم «ذهابًا وإيابًا» للدخول إلى غزة، ضغطت مصر لفتح معبر «كرم أبوسالم»، الذى يخضع لسيطرة إسرائيل، وهو ما نجحت فيه الجهود المصرية بالفعل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، واعتبرته واشنطن حينها «بشرى سارة».

ومن بين الأكاذيب الأخرى التى روج لها الفريق القانونى الإسرائيلى، أن مصر حصلت على موافقة إسرائيل قبل تشغيل خط المياه من مصر إلى غزة، قبل أسابيع، وذلك للإيحاء بأن القاهرة من أسباب المعاناة التى يعيشها الفلسطينيون، بينما تغافل متعمدًا قول الحقيقة، وهى أن التنسيق بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة كان بهدف منع استهداف خط المياه، لضمان وصول أكبر كميات ممكنة إلى الفلسطينيين.

وزعم أحد أعضاء الفريق الإسرائيلى، كذلك، أن «مصر هى المسئولة عن منع دخول لجان وهيئات تقصى الحقائق إلى قطاع غزة»، من أجل الوقوف على حقيقة الوضع فى القطاع، قائلًا: «الوصول إلى غزة من مصر يخضع لسيطرة مصر.. كما لا يوجد أى التزام على إسرائيل، بموجب القانون الدولى، للسماح بالوصول إلى غزة من أراضيها».

وتجاهل المحامى الإسرائيلى فى ذلك أن سلطات الاحتلال هى المتحكمة والمسئولة عن سلامة وأمن وعبور الوفود إلى الجانب الفلسطينى من معبر رفح، وذلك من خلال «وحدة» مسئولة عن التنسيق بين الحكومة والجيش فى إسرائيل، والمنظمات الدولية والحقوقية، وكذلك السلطة الفلسطينية.

وتتحكم هذه الوحدة بدخول المساعدات أو الأفراد من الجانب الفلسطينى لمعبر رفح، وهو ما يظهر فى إعلاناتها اليومية عبر صفحاتها الرسمية، بأنها تفحص القوائم التى ستدخل أو تغادر من غزة، إلى جانب تفتيش المساعدات.

هذا يعنى أن دخول لجان أو هيئات لتقصى الحقائق إلى غزة عبر معبر رفح، ليس مسئولية مصر وحدها، التى لم ولن تعرقل دخول مثل هذه اللجان، لكن الأمر يلزمه تنسيق وضمان واضح لسلامة هؤلاء، من جانب إسرائيل.