السينما المصرية والسينما الإيرانية
لا يختلف اثنان على أن صناعة السينما فى مصر تمر بأزمة كبرى، وأن هذه العثرة لا تتفق مع حقيقة الأمر مع تاريخ السينما المصرية؛ حيث كانت القاهرة «هوليوود الشرق». ولا نتحدث هنا عن تأثير السينما المصرية على صناعة السينما فى العالم العربى فحسب، ولكن تأثيرها أيضًا على السينما فى دول الجوار فى منطقة الشرق الأوسط، وبصفة خاصة السينما الإيرانية والتركية حتى اليونانية، وهذه صفحة تستحق فعلًا المزيد من النظر والدراسة.
بالنسبة للسينما الإيرانية، نستطيع القول بكل صدق إنها أكدت الآن حضورها بقوة على ساحة المهرجانات الدولية، كما شهدت صناعة السينما الإيرانية قفزات كبرى فى العقود الأخيرة، ويمتد هذا التطور إلى الدراما الإيرانية بشكل عام، يحدث ذلك بينما لا تشهد السينما المصرية تطورًا مشابهًا، بل تتراجع إلى حد كبير، وبشكل لا يتناسب مع تاريخها العريق، ولا حتى مع تأثيرها التاريخى المبكر على السينما الإيرانية.
ولا تخلو أى دراسة عن تاريخ السينما الإيرانية من بيان تأثرها بالسينما المصرية، بالقطع هناك التأثير الأكبر للسينما الأمريكية على كليهما، لكن لا ينكر الإيرانيون أثر السينما المصرية عليهم؛ إذ تتحدث الدراسات الإيرانية عن ظاهرة مهمة عرفتها السينما الإيرانية منذ أربعينيات القرن العشرين، وهى دخول الأفلام المصرية السوق الإيرانية.
الجدير بالذكر أن هذه الظاهرة بدأت على يد بعض الإيرانيين المقيمين فى مصر، الذين تعرفوا على السينما المصرية؛ حيث وجدوا أن الفيلم المصرى من ناحية الشكل والمضمون قريب جدًا من حياة المجتمع الإيرانى. وعلى ذلك تمت دبلجة عدد من الأفلام المصرية إلى الفارسية، حيث بُدِء فى عرضها فى دور السينما الإيرانية، جنبًا إلى جنب مع الأفلام الأمريكية والبريطانية والروسية.
ويذكر مؤرخو السينما الإيرانية مدى تأثر الفيلم الإيرانى بالفيلم المصرى فى سنوات الأربعينيات والخمسينيات، وانتشار ظاهرة الفيلم الغنائى، وسادت فى الفيلم الإيرانى مشاهد الاستعراضات فى الملاهى الليلية على نمط الفيلم المصرى، حتى إن مشاهد الرقص والغناء فى الفيلم الإيرانى آنذاك تحاكى، أو بالأحرى مستوحاة حرفيًا من الفيلم المصرى.
كما شهدت السينما الإيرانية ظاهرة مهمة وهى الاقتباس من السينما المصرية، ولعل خير مثال على ذلك الفيلم الإيرانى «الأمل واليأس»، الذى هو اقتباس مباشر من الفيلم المصرى الشهير «حياة أو موت»، ويُلاحظ حتى التشابه فى معنى عنوان الفيلم. ومثلما قامت فتاة صغيرة بدور البطولة فى الفيلم المصرى، قامت فتاة بالبطولة فى الفيلم الإيرانى، ونجح الفيلم بشدة لأنه يدعو إلى الأخلاق والترابط العائلى والأمل فى رحمة الله، وهى أمور ترتبط بشدة بالوجدان الشرقى.
مرة أخرى دعوة إلى المزيد من الاهتمام بالتاريخ العريق للسينما المصرية، والأهم عودة الروح من جديد للسينما المصرية، لنرى القاهرة من جديد «هوليوود الشرق».