نصر مزيف لـ«نتنياهو».. فلسطينيون ولبنانيون: اغتيال العارورى محاولة إسرائيلية للتغطية على فشلها
قال خبراء فلسطينيون ولبنانيون إن لجوء الاحتلال الإسرائيلى إلى اغتيال القيادى فى حركة حماس، صالح العارورى، خلال وجوده فى بيروت، يؤكد أن الصهاينة يريدون صرف الانتباه عن فشلهم فى دخول غزة بريًا، لذا سعوا لصناعة نصر زائف، مشيرين إلى أن هذه الواقعة تمثل نقلة جديدة فى الحرب الحالية، التى من المرجح أن يتسع نطاقها.
وقال عزيز العصا، الباحث والكاتب السياسى الفلسطينى، إن اغتيال القيادى فى حركة حماس صالح العارورى، الحدث الأول والوحيد، منذ ٧ أكتوبر الماضى، الذى يجعل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يتنفس الصعداء أمام الكاميرات فى المؤتمر الصحفى المقبل، بعد أن كان فى المؤتمر الأخير متلعثمًا ومرتبكًا، وهو يبحث عن إنجاز يقدمه لجمهوره، الذى لم يعد يثق فى هذه الحكومة المجنونة.
وأضاف «العصا»، لـ«الدستور»، أن شبكات التجسس الإسرائيلية ترصد تحركات «العارورى» منذ سنوات، وتمكنت أخيرًا من اغتياله، موضحًا: «لا شك فى أن شبكات التجسس التى قبضت عليها تركيا، مؤخرًا، تمتلك معلومات مهمة فى هذا الشأن، ونأمل فى أن تستفيد قيادات المقاومة من هذه المعلومات، لتجنب سقوط المزيد من الشهداء مستقبلًا».
وتابع: «لا بد من الإشارة، أيضًا، إلى أن الساحة اللبنانية، خاصة منطقة بيروت، ساحة هشّة أمنيًا، ومنذ سبعينيات القرن الماضى تعد بمثابة مقبرة لقادة العمل الفدائى الفلسطينى، وهذا هو الواقع الذى يبدو أن «العارورى» والجهاز الأمنى المحيط به لم يتعاملا معه بالقدر الكافى من التركيز والحذر».
وحول تأثير هذا الحدث المؤلم على ما يجرى على أرض غزة، قال: «لا أعتقد حدوث أى انعكاس سلبى كبير يؤدى إلى تراجع دور المقاومة، بل سيكون هناك تصعيد انتقامى ردًا على استشهاد العارورى».
وذكر أن تعقيدات الوضع فى الساحة اللبنانية والممنوعات السياسية والمحظورات غير المعلنة، لا تسمح برد فعل موجع لإسرائيل على هذه العملية، ما يجعل الصراع صراعًا إقليميًا ترفضه أمريكا التى أعلنت عن عدم علمها بالعملية، وإيران التى ترفض أى صراع إقليمى تكون هى طرفًا فيه.
من جهته، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، عضو حركة فتح، إن الاحتلال الذى فشل فى الوصول لقيادات حركة حماس فى قطاع غزة، وجد صيدًا ثمينًا باغتيال الشيخ صالح العارورى، مؤكدًا أن هذا الاغتيال استخفاف بحزب الله، ولن يغير هذه الصورة إلا رد قوى على إسرائيل.
وأضاف «الرقب»: «لا أتوقع أن يكون الرد قويًا، ولا أتوقع دخول حزب الله بقوة فى الحرب، خاصة أنه حافظ على أصول الاشتباك خلال الأيام الماضية، دون الانجراف فى مواجهة مفتوحة بينه وبين الاحتلال الإسرائيلى».
وأوضح أن الاحتلال يريد أن يحقق أى نصر بعد أن فشل فى ذلك فى قطاع غزة، وتوقع بأن ترد غزة فقط بقوة على هذه الجريمة.
وحول احتمالية استهداف قادة «حماس» فى باقى الدول، قال «الرقب»: «كل قيادات حركتى حماس والجهاد الإسلامى أهداف للاحتلال، ولكن إسرائيل لن تغتالهم فى قطر، لكن قد تغتالهم فى أماكن أخرى».
بدوره، قال الدكتور ماهر صافى، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن إسرائيل تريد بقاء الصراع مشتعلًا من خلال اغتيال مسئول بارز فى حركة حماس، مثل صالح العارورى وقادة القسام.
وأضاف «صافى»، لـ«الدستور»، أن «نتنياهو» سيعتبر هذا الاغتيال نصرًا لتغيير صورته السوداء فى الشارع الإسرائيلى، لا سيما أنه يواجه انتقادات كبيرة قبل السابع من أكتوبر وبعد عملية طوفان الأقصى، التى زلزلت إسرائيل، عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.
وأوضح أن كل أعمال التصعيد التى تشنها إسرائيل فى الشمال، سواء على حزب الله أو فى دمشق أو فى عرض البحر الأحمر، تدل على أن إسرائيل تعمل بحسابات وتوجيهات أمريكية، لأن إسرائيل كيان وظيفى، وجد فى منطقة الشرق الأوسط لإبقائه منطقة صراع مشتعلة.
وأشار إلى أن توسيع جبهة القتال عمل إسرائيلى متعمد لزيادة العنف فى المنطقة، واتضح ذلك أيضًا فى الضفة الغربية والقدس، موضحًا: «الضفة مشتعلة بوتيرة أقل من غزة، ولكن إسرائيل تريد زيادة التوتر فى مدن الضفة حتى تحكم سيطرتها بشكل كامل، وتريد تطبيق سياسة الاستيطان فى غزة أسوة بالاستيطان بالضفة الغربية، وهذا نوع من أنواع السيطرة وضم مساحات كبيرة من الأراضى الفلسطينية».
من لبنان، قال عبدالله نعمة، الباحث والكاتب السياسى، إن ما حدث لـ«العارورى» متوقع، واغتياله فى لبنان شىء طبيعى، لأن المعركة مفتوحة من غزة إلى لبنان، وإسرائيل تعتبر «العارورى» المسئول عن عملية ٧ أكتوبر «طوفان الأقصى»، خاصة بعد اعتراف إيران بأن عملية طوفان الأقصى كانت الرد على اغتيال قاسم سليمانى فى السابق، رغم أننا نعلم أن من اغتاله ليست إسرائيل بل أمريكا.
وأضاف «نعمة»: «الكيان الصهيونى كان، منذ بداية الحرب على غزة، أعلن عن أنه سينفذ عمليات اغتيال لقادة حماس فى سوريا ولبنان وفلسطين، وبالفعل هذا ما حصل فى بيروت، بجانب شن إسرائيل كل يوم غارات على سوريا وعلى القوات الإيرانية، وخلال اليومين الماضيين استشهد أكثر من ٣٠ إيرانيًا فى هذه الغارات».
وذكر أن اغتيال «العارورى» محاولة من إسرائيل لصرف الانتباه عن عجزها الواضح أمام المقاومة فى غزة، مؤكدًا: «ما حدث اعتداء سافر على سيادة لبنان، ومحاولة من نتنياهو للخروج من المأزق فى حربه على غزة، كما أن هذا الاعتداء ضربة للقرار ١٧٠١ ولعدم تطبيقه رغم المساعى الدولية.