بعد اغتيال العارورى.. هل لبنان مستعد لحرب شاملة مع إسرائيل؟
تتزايد التوترات في لبنان بعد اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت اليوم، على خلفية العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وألقت حرب غزة بظلالها على الواقع اللبناني المأزوم على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، بحسب محللين تحدثوا لـ"الدستور"، فيما يبقى خيار المقاومة مطروحا حال إقدام إسرائيل على شن حرب شاملة ضد لبنان.
وأكدت حركة حماس، في وقت سابق اليوم، اغتيال نائب مدير مكتبها السياسي صالح العاروري في الانفجار الذي هز ضاحية بيروت الجنوبية.
ووقع انفجار في منطقة الشرقية في ضاحية بيروت الجنوبية، وخلف الانفجار، أضرارًا بالغة فيما شوهدت نيران كثيفة مندلعة جراء هذا الاستهداف.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، في بيان للحركة: "عمليات الاغتيال الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضد قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا، أو النيل من استمرار مقاومته الباسلة".
وأضاف: "عمليات الاغتيال تثبت مجددا فشل هذا العدو الذريع في تحقيق أي من أهدافه العدوانية في قطاع غزة".
قرار منفرد
قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني جورج العاقوري، إن حرب غزة أثرت على الواقع اللبناني حينما تبرع حزب الله بفتح الجبهة جنوبا في اليوم الثاني على عملية طوفان الأقصى، ما أدخل البلاد في متاهة كان بإمكانها أن تقتصر على الدعم المعنوي وعدم إشعال الجبهة بقرار منفرد من حزب الله دون العودة إلى الدولة والحكومة اللبنانية.
وأضاف العاقوري أن زعيم حزب الله حسن نصر الله، برر لسوريا عدم فتح جبهة بسبب الظروف التي تمر بها، فيما اعتبر أن الكلمة في الميدان للبنان.
وأشار إلى تعرض لبنان لتداعيات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية؛ فهناك عشرات الآلاف من الجنوبيين نزحوا من قراهم، وطلاب خارج المدارس، فضلا عن وصول الضحايا لأكثر من 130 ضحية معظمهم من مقاتلي حزب الله.
وأوضح أن عدم الاستقرار الراهن كان له أثر سيئ على الحركة المالية في لبنان، وعلى قطاع السياحة، حيث ألغيت كثير من الحجوزات قبل أسابيع من عيد الميلاد المجيد ورأس السنة، أما فيما يتعلق بالواقع الأمني فهو بطبيعة الحال غير مستقر بسبب القصف الإسرائيلي.
وحول الواقع السياسي المتعثر بالأساس، يرى العاقوري، أن ملف رئاسة الجمهورية أبرز العثرات، فاقمتها الحرب الأخيرة في غزة، ما دعا حزب الله لرفع شعار: لا صوت يعلو فوق صوت غزة.
وشدد الكاتب اللبناني على أن البلاد ليست مستعدة لا لحرب شاملة على الجبهة الجنوبية، ولا لحرب محدودة، ففلا مقومات أساسا لحرب من حيث البنى التحتية والملاجئ وما إلى ذلك، كما أن الواقع الداخلي اللبناني مرير، وهناك أزمة مستدامة منذ 2019.
واختتم تصريحاته بالقول: نحن نعاني من عدم توفر الأدوية وارتفاع فواتير الخدمة الطبية، ومن البطالة، في وقت لا توجد بوادر على انتخاب رئيس في المدى القريب، في ظل تعنت حزب الله الذي يصر على مرشحه سليمان فرنجية.
أهمية دعم المقاومة
في المقابل، قال الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني علي عبدو، إن لبنان في حالة حرب دائمة مع إسرائيل، وما زالت بعض الأراضي اللبنانية محتلة من قبل الكيان الصهيوني، وبالتالي للبنان الحق في مواجهة هذا الكيان بكافة الوسائل الممكنة. عسكرية أو دبلوماسية، وهو ما أكدته البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة.
وأضاف عبدو في تصريحات أدلى بها بـ"الدستور"، أن ما حصل أثناء عملية طوفان الأقصى، وما تبعها من حرب على غزة أدت لارتفاع منسوب الجيولوجية العسكرية والأمنية لدى المقاومة في لبنان.
وتابع بقوله، إن التحرك السياسي والدبلوماسي لاحتواء تداعيات هذه الحرب على الواقع اللبناني ضروري، لافتا إلى أن أزمات لبنان قديمة، ولا تتعلق بالحرب على غزة، التي لا تعتبر السبب المباشر في تعميق أزماتنا الداخلية السابقة على الحرب في غزة.
وأشار إلى أن تداعي مؤسسات الدولة اللبنانية سببه عدم انتخاب رئيس الجمهورية، داعيا لضرورة الفصل بين المقاومة وبين انسداد الأفق السياسي في لبنان، فالمقاومة جاهزة لرد أي اعتداء إسرائيلي، وما تقوم به في الجنوب يتوازن مع طبيعة الاعتداءات، لكن لبنان لا يريد الحرب، ولا حتى المقاومة تسعى لهذه الحرب.
وأوضح عبدو، أنه في حال شنت إسرائيل حربا واسعة على لبنان، فسوف يؤدي هذا الأمر لتعميق الأزمات التي يعاني منها الشعب، لكن في الوقت ذاته لا خيار للبنان سوى الالتفاف حول حركات المقاومة، خصوصا أنها تواجه العدو بعقلانية واستراتيجية مهمة، ولا تعطيه الذرائع لشن العدوان.
وحول انتخاب رئيس الجمهورية، يرى عبده أن ما يحدث في غزة جرس إنذار حول الأزمة الدستورية في ظل تجميد كل المفاعل الإقليمية والدولية نحو ما يحصل في غزة نظرا لأن هذه الحرب ستنعكس بشكل مباشر على مستقبل الشرق الأوسط وليس فقط على لبنان.
وتابع بقوله: فرص انتخاب رئيس للجمهورية بعيدة رغم جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري، في ظل الحلول المتوفرة، وهي مسألة ضرورية لمواجهة التحديات الكبيرة التي يشهدها الشرق الأوسط والانعكاسات الخطيرة التي قد تؤثر على لبنان بشكل مباشر في ظل التهديدات الإسرائيلية المتكررة.