منطقة على صفيح ساخن.. الأزمات تلاحق العالم العربي في 2024
تعيش المنطقة العربية على وقع أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية منذ سنوات، تفاقمت مع بداية العام الجديد بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والحرب الدائرة في السودان، وتهديد جماعة "الحوثي" للملاحة الدولية كجزء من تضامنها مع حركات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في وقت يصر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على مواصلة العدوان، خوفا من الإطاحة به، بحسب محللين وخبراء عرب تحدثوا لـ"الدستور".
ووسط الأزمات والاهتزازات الأمنية التي تعيشها المنطقة، وتأثيرا وتداعيات الحروب المشتعلة فيها، يتأثر الاقتصاد العربي، وتتراجع مؤشرات النمو مقارنة بالعام الماضي، وحتى لو كانت إيجابية، فهي لم ترق إلى مؤشرات ومعدلات العام 2019، على سبيل المثال.
الأستاذ بكلية الدفاع الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور البدر الشاطري، قال إنه لا يمكن لأحد التنبؤ بنهاية الحرب في غزة، خصوصا أن لدي نتنياهو أسباب لعدم الاستعجال في إنهاء الحرب.
وأضاف الشاطري في تصريحات لـ"الدستور"، أن السبب الأول أن نتنياهو وحكومته حشرت نفسها في زاوية بأهداف صعبة التحقيق في وقت قصير. بينها القضاء على حماس وتدمير البنية السياسية والعسكرية للحركة. وهذا الهدف بعيد المنال حتى لو احتلت القطاع كاملا.
مخاوف “نتنياهو” من وقف العدوان
ومن بين الأسباب التي يراها الشاطري أيضا، خوف نتنياهو من انفراط التحالف الحكومي، إذا انسحب اليمين المتطرف من الحكومة. وكذلك خشيته من أن يحدث ذلك إذا أوقف الحرب دون تحقيق الأهداف المعلنة. خصوصا أن نهاية الحرب تعني نهاية حكم نتنياهو والذي تنتظره محاكمة فساد قد تؤدي إلى سجنه.
وأوضح “الشاطري” أن أي حرب لابد أن تنتهي واحتلال غزة لفترة طويلة مع بقاء حماس يعني هجوم من قبل الفصائل الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية وسيتكرر سيناريو جنوب لبنان والتي اضطرت إسرائيل للانسحاب منها في عام 2000 بسبب تصاعد الخسائر في صفوف قواتها المحتلة.
وواصل: في حالة غزة هناك إسرائيليون في قبضة حماس منذ 7 أكتوبر ويطالب الأهالي بإطلاق سراحهم متهمين الحكومة بالتقصير في عقد صفقة تؤدي إلى إخلاء سبيلهم، كما أن الضغط الدولي يتزايد على الحكومة الإسرائيلية حتى من قبل واشنطن وبالتالي على الحكومة ان تتجاوب مع هذه الضغوطات.
ولفت إلى أن توسيع رقعة الحرب لتصبح ميدانية أمر تخشاه كل دول العالم بما فيها إسرائيل. وقد بدأت بوادرها في جنوب لبنان وجنوب البحر الأحمر.
تصاعد الأزمة السودانية
وحول تأثير الحرب في السودان على الأمن الإقليمي العربي، قال “الشاطري” إن هناك تخوف من بعض الدول العربية من سيطرة حركات الإسلام السياسي على مقاليد الحكم والدخول في نفق جديد مثل ما حصل في عهد البشير.
وأكد أنه رغم الاجتماع المرتقب بين الخصمين اللدودين في الخرطوم، إلا أن تجاوز العقبات سيكون صعبا وخاصة أن كل الأطراف السودانية مرتهنة لمصالح متضاربة. وبخلاف غزة فإن الدول العربية تمتلك أوراقا كثيرة للتأثير على تطورات الأوضاع هناك.
واختتم تصريحاته بالقول إن قضية النهضة العربية مرتبطة بواقع عدم الاستقرار في المنطقة. فالمنطقة تمر بمرحلة خطيرة وخاصة فيما يتعلق بمآلات الحرب في غزة. فعجز النظام العربي الإقليمي عن التأثير في إنهاء ما تراه الجماهير العربية حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي سيكون له أثر سلبي، وقد يجر المنطقة إلى مزيد من حالة التذمر وعدم الاستقرار. موضحا أن معادلة النهضة صعبة لارتباطها بالاستقرار، والذي أصبح بعيد المنال في أغلب دول العالم العربي.
مؤشرات اقتصادية غير مبشرة
من ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي علي الحازمي، إن ما يحدث في فلسطين وغزة حرب هو حرب إبادة عرقية، ليس لها تعريف آخر، وفرص انتهاء الحرب مرتهنة بعودة الضمير العالمي وخصوصا الغربي، والمنظمات الدولية، للاحتكام إلى الحلول البلدوماسية، ووقف الدعم غير المبرر للاحتلال، وكأنهم يقولون: افعل ما تشاء وسنغض الطرف.
وأضاف الحازمي، في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن العودة لطاولة الحوار لا بد منها، وهو ما تسعى إليه المملكة العربية السعودية، من خلال التحركات الدبلوماسية وغيرها، وانتهاج طرق السياسية الواقعية.
وأوضح أن تداعيات حرب السودان أيضا على الأمن القومي العربي يجب أخذها بعين الاعتبار، حتى لو هدأت الآن مع طول أمد الصراع، وكلما مضى الوقت انخفضت وخف تأثيراتها.
وشدد على ضرورة إبقاء حرب السودان داخل حدود السودان لحين التوصل إلى صيغة تفاهم بين الأطراف المتحاربة، والتسوية السلمية للأزمة بجهود جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، داعيا إلى تغليب المصلحة العامة، والذهاب نحو مفاوضات للتسوية، في السودان الذي ينتظر من ينهض به ويوقف الحروب.
وفيما يتعلق باقتصاديات المنطقة، قال الحازمي، إن المؤشرات الاقتصادية في العام الجديد ليست جيدة؛ خصوصا من ناحية النمو الاقتصادي، بمقارنة بالعام الماضي الذي كان أفضل حالا، نظرا للانفراجات التي شهدها على المستوى الاقتصادي والسياسي.
وشدد على ضرورة استمرار الجهود في العام الجديد لإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط والعالم، وإيقاف حرب الجمارك بين الصين والولايات المتحدة، والوصول لحلول لهذه النزاعات سوف يعيد المنطقة إلى مراحل النمو الاقتصادي من جديد، فالتوقعات ربما تكون جيدة، لكنها ليست أفضل حالا من 2019 على سبيل المثال.
انتهاكات بالجملة
في السياق، قال الخبير القانوني والحقوقي الليبي عبدالمنعم الحر، إن إسرائيل ارتكبت العديد من الانتهاكات بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، منها القتل خارج نطاق القضاء، والتدمير المتعمد للممتلكات، وفرض حصار على القطاع منذ عام 2007، ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والموارد الأخرى.
وأضاف “الحر” في تصريحات لـ"الدستور"، أننا أمام ازدواجية استخدام القانون الدولي في القضية الفلسطينية من قبل الغرب، وهي إحدى أبرز القضايا التي تثير الجدل والنقاش. ففي حين يدعي الغرب أنه يدافع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنه في الواقع يغض الطرف عن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، ويمارس ازدواجية المعايير في تعامله مع القضية الفلسطينية.
وشدد على ضرورة تطبيق القانون الدولي بشكل عادل ومنصف، وعدم التمييز بين الدول. وكذلك محاسبة الدول التي تنتهك القانون الدولي، بما في ذلك إسرائيل. ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار إلى أن المتابع للعدوان على غزة، يرى أن موقف الدول العربية من الحرب هو موقف تضامني مع الشعب الفلسطيني، وإن كان هناك اختلافات في درجة هذا التضامن. فقد أعربت معظم الدول العربية عن إدانتها للعدوان الإسرائيلي على غزة، وطالبت بوقفه الفوري. كما قدمت العديد من الدول العربية مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني في غزة.
وحذر من أن المخطط الصهيوني لتهجير سكان غزة سيؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية بين مصر والأردن وإسرائيل، حيث سينظر إلى ذلك على أنه تهديد لأمن واستقرار المنطقة. فضلا عن كونه انتهاك للقانون الدولي ولحقوق الإنسان.