هدية رئاسية لكبار السن
فى لفتة تستحق كثيرًا من التقدير والإشادة، تناول أول اجتماعات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى السنة الجديدة، رؤية الدولة لحماية وتحسين جودة حياة كبار السن، والتصدى للتحديات التى تواجههم. وإيمانًا بمسئولية دولة ٣٠ يونيو تجاه مواطنيها فى هذه الشريحة العمرية، صدر توجيه رئاسى واضح للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ونيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، بالبدء فى دراسة سبل تعزيز الحماية الاجتماعية والصحية والقانونية لهم، وتحفيز مشاركتهم المجتمعية على كل المستويات.
بعد اطلاعه على الخدمات الاجتماعية والتأمينية والصحية، المقدمة لكبار السن، خلال الاجتماع الذى عقده أمس الأول، الإثنين، شدّد الرئيس على أهمية تيسير المعاملات الخاصة بهم، وتنسيق الجهود، لتوفير سبل العيش لهم بكرامة. كما وجّه الرئيس، أيضًا، بمواصلة وتعزيز الاهتمام ببرامج رعايتهم، وتكثيف العمل على تطوير تلك البرامج، ووضع معايير لجودة الخدمات المقدمة لهم، وتجميع الموازنات المخصصة للمزايا والخدمات التى تخصهم، مع تخصيص مبلغ ١٠٠ مليون جنيه من صندوق «تحيا مصر»، لدعم الصندوق الخاص بهم، المقرر إنشاؤه فور إقرار البرلمان مشروع قانون حقوق المسنين.
مشروع قانون حقوق المسنين ناقشته وأقرته، لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، ثم انتقل إلى مجلس الشيوخ، الذى أقره بشكل نهائى، ورأى فى تقريره أنه «يقدم المزيد من المزايا للمسنين، ويعمل على توفير جميع أوجه الرعاية الاجتماعية، وزيادة المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية، وتعزيز التفتيش عليها، وتعزيز حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة، وتمكين كبار السن من المشاركة فى الحياة العامة وتعزيز مشاركتهم فى صياغة السياسات الخاصة بهم».
أهم ما تضمنه مشروع القانون، فى رأينا، هو إلزام الدولة بالعمل خلال خمس سنوات «على أن يتساوى أول معاش يحصل عليه المتقاعد المسن المحال للمعاش مع آخر أجر شامل كان يحصل عليه أثناء العمل»، وكذا إعفاء «المسن الأولى بالرعاية» وذويه غير القادرين ماليًا من تكاليف الإقامة والإعاشة فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وإلزام وزارة النقل وهيئاتها المختصة باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإتاحة وتيسير التنقل الآمن للمسنين مجانًا، إضافة إلى إلزام وزارة الصحة بإعداد ملف صحى شامل لكل مسن فور بلوغه السن، وإصدار بطاقة صحية ممغنطة، مجانية، عليها تاريخه المرضى.
المسن، بتعريف مشروع القانون، هو كل إنسان بلغ الخامسة والستين من العُمر. أما «المسن الأولى بالرعاية»، فهو «المعرض للعنف أو الاستغلال أو التشرد أو لم يجد من يرعاه أو يكفله أو كان مصابًا بمرض من أمراض الشيخوخة التى تقعده عن سد احتياجاته اليومية من مأكل، مشرب، ملبس مسكن.. إلخ، أو وُجِد فى أحد الظروف التى تتعرض حياته أو صحته النفسية أو الجسدية للخطر». وعرّف مشروع القانون «الحماية الاجتماعية الاقتصادية» بأنها «المجموعة المتكاملة من التدابير والإجراءات التى تلتزم الدولة باتخاذها لمد شبكة الأمان الاجتماعى وتوفير حد أدنى من سبل الدعم الاقتصادى للمسن الأولى بالرعاية، بما يضمن له عدم إهدار خبراته وتوفير الحياة الكريمة له والاندماج فى المجتمع».
المهم، هو أن مشروع القانون نص على إنشاء صندوق يُسمَّى «صندوق رعاية المسنين»، تكون له الشخصية الاعتبارية، يتبع الوزارة المختصة، وزارة التضامن الاجتماعى، ويخضع لإشراف رئيس الوزراء، ويهدف إلى تعزيز حقوق وحريات المسنين وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص وتقديم الدعم لهم فى جميع النواحى الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية و... و... وهذا هو الصندوق، الذى وجه الرئيس، خلال أول اجتماعاته، فى السنة الجديدة، بتوجيه ١٠٠ مليون جنيه من صندوق «تحيا مصر» لدعمه، فور إقرار مشروع قانون حقوق المسنين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مشروع القانون، الذى ننتظر أن يوافق عليه مجلس النواب، قريبًا، نصّ على أن يكون للمسن، متهمًا أو مجنيًّا عليه أو شاهدًا فى جميع مراحل الدعوى الجنائية، الحق فى معاملة إنسانية، وعلى الأخص عدم وضع قيود حديدية حال القبض عليه، ويراعى حال التحقيق معه عدم إطالة مدته، ولا يجوز حبسه احتياطيًّا، إلا فى حالة الضرورة، على أن ينفذ فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية للمسنين.